الحجارة لسدّ الجوع

الحجارة لسدّ الجوع

05 ديسمبر 2014
يصعب إيجاد أي عمل باستثناء تكسير الحجارة(إيمان عبد الكريم)
+ الخط -
يعمل خالد البدرساوي (36عاماً) لأكثر من 12 ساعة يومياً في تكسير الحصى وجمعها. لم يجد عملاً أقل مشقة لإطعام أفراد أسرته التسعة. يقول "حين علمت من أحد أصدقائي بتوفر هذا العمل، قبلت من دون تردّد. بدأت بجمع الحجارة وبيعها في مقابل مبلغ قليل من المال، بالكاد يكفي لسد احتياجات المنزل. مع ذلك، يظلّ أفضل من العوز".

برأيه، الحاجة إلى العمل تدفع الغزاويين إلى قبول ما توفّر، في ظل ارتفاع معدّل البطالة في القطاع، والتي عادة ما تصيب الشباب باليأس. يضيف أن "الحياة من دون عمل صعبة، بخاصة بعدما دمرت الحرب منازلنا وأفقدتنا وظائفنا ومصادر رزقنا".

بدوره، لا يعتبر فوزي ضهير (24 عاماً) أن جمع الحجارة يمكن أن يكون عملاً. يقول لـ "العربي الجديد": "غزة باتت بمثابة جحيم لا يطاق. توفي والدي قبل فترة، وصرت مسؤولاً عن إعالة أشقائي الأربعة". وجد نفسه فجأة مجبراً على تأمين الطعام لأسرتين، أشقاؤه وأطفاله. يواسي نفسه حين يرى الكثير من الأطفال يعملون في جمع الحجارة وبيعها للكسارات في مقابل عشرين شيكلا للنقلة الواحدة.

يشرح ضهير أن أبناء جيرانه الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13و16 عاماً، ساعدوه على تعلم طريقة جمع الحجارة، وبيعها للكسارات القريبة. يضيف: "بالكاد أستطيع تأمين قوت اليوم الواحد، بالإضافة إلى مصروف أبنائي الثلاثة في المدرسة".

وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تمنع دخول مختلف أنواع مواد البناء، بما فيها الحصمة والزلط والحديد إلى قطاع غزة، منذ فرضها الحصار عليه عام 2007. وبالرغم من بدء إجراءات عملية إعادة الإعمار في غزة، لم تسمح إسرائيل إلا بإدخال كمية قليلة جداً من مواد البناء المخصصة للذين تضررت منازلهم في الحرب الأخيرة، ما أدى إلى تفاقم أزمة البطالة. فالشباب ينتظرون إعادة الإعمار لإيجاد فرص عمل.

في السياق، يلفت رئيس اتحاد نقابة العمال في قطاع غزة سامي العمصي لـ "العربي الجديد" إلى "وجود أزمة بطالة حقيقية في قطاع غزة، بخاصة بعد تدمير الأنفاق، والعدوان الأخير على القطاع. وفي غزة اليوم نحو 200 ألف عاطل عن العمل، بفعل الحصار الإسرائيلي الذي يتفاقم يومياً". يضيف أن "فرص العمل في القطاع باتت إما محدودة جداً أو لا تدر ربحاً وفيراً".

كذلك، يشكو السائقون من ارتفاع أسعار المحروقات ما يؤثر سلباً على أرباحهم، فيما يعاني قطاعا الزراعة والصيد من تراجع بخاصة بعد تدمير الأراضي الزراعية وإتلاف المحاصيل في الحرب الإسرائيلية الأخيرة، بالإضافة إلى تدمير نسبة كبيرة من السفن ومعدات الصيد، وعدم السماح بالصيد لمسافة أبعد من ستة أميال بحرية.

يتابع العمصي أن "غزة أصبحت كسجن. يصعب إيجاد أية عمل باستثناء تكسير الحجارة وجمعها وحملها إلى الكسارات. كثيرة هي العائلات العاجزة عن انتظار مشاريع إعادة الإعمار. فأطفالهم بحاجة للطعام".

في السياق، يرى الخبير الاقتصادي معين رجب أن الحرب الأخيرة "أضرت بغالبية فئات المجتمع الفلسطيني، بخاصة الشباب. وأصبحت الأسواق المحلية والتجار والمستوردين والمصدرين والعمال في أزمة شديدة. وحتى اليوم، لم يتم تعويض المتضررين، بينهم أصحاب المصانع والمزارع والمحال التجارية، في ظل ارتفاع نسبة البطالة". يضيف: "اليوم يبحث الغزيون عن أية وسيلة للرزق، بما فيها تجميع ونقل الركام. ويحتوي القطاع اليوم على نحو خمسة ملايين طن من الركام".

ويؤكد رجب أنه "قبل البدء بإعادة الإعمار، يجب تجهيز الأرض ونقل الركام منها، وتنظيفها، ما يتطلب أيد عاملة كثيرة. لكن الأوقات الصعبة التي يعيشها القطاع، في ظل عدم تطبيق هذه المشاريع، يحرم الغزاويين من فرص العمل".