السوريّون يعانون من تشدّد دول اللجوء

السوريّون يعانون من تشدّد دول اللجوء

22 ديسمبر 2014
يتوجّب على اللاجئ العودة إلى نقطة البداية سنوياً (Getty)
+ الخط -

قصص معاناة خالد وحسان وسعيد، الذين تركوا بلادهم قبل أشهر، تختزل ما يقاسيه اللاجئون السوريّون المضطرون إلى البحث عن بلد لجوء عبر التهريب. فالآثار النفسيّة والاجتماعيّة تكثر في مواجهة واقع التشديدات التي تقابلهم مع تزايد أرقام الوافدين منهم أو المتوقع توافدهم، إلى بلدان مثل الدنمارك.

خالد (44 عاماً) كان "محظوظاً" بحصوله على اللجوء الإنساني في شهر يوليو/تموز الماضي. لكن شهرَين مرّا ولم ينجح بعد في إيجاد مكان ينتقل إليه من معسكر الانتظار. وخلال هذَين الشهرَين، كان النقاش حول تشديد القوانين التي من خلالها حصل خالد على "الحماية المؤقتة". يخبر خالد أنه ما زال ينتظر كما المئات، الانتقال إلى سكن جماعي بسبب عدم توفّر الخاص. يضيف: "كنت أنتظر بفارغ الصبر حصولي على ردّ إيجابي. وفوجئت بأن لمّ الشمل غير مسموح به الآن. لم يعلمني أحد بأنني لا أستطيع طلب زوجتي وأولادي ليلتحقوا بي".

أما حسان (23 عاماً) فقد ترك مولوده الأول مع زوجته عند أهلها ريثما يحصل على إقامة، فقصته أكثر تعقيداً. هو يعاني من أعراض صدمات نفسيّة زاد تأثيرها حين علم بأن خالد الذي حضر بعده بشهرَين حصل على الإقامة أسرع منه. فيقول: "عانيت الأهوال وهربت لأنني لا أريد أن ألتحق بالجيش. لم يخبرني أحد بما يجب قوله حين أتقدم باللجوء. فقد تبيّن أن الحصول عليه الآن يتطلب إثبات ملاحقة شخصيّة. بينما كنت مثل غيري أظن أنه وبمجرّد أنك سوريّ، يمكنك الحصول على إقامة".

لا تختلف معاناة حسان عمّا يختبره هؤلاء السوريّون الذين وجدوا أنفسهم وسط تجاذبات سياسيّة وقانونيّة في دول اللجوء الأوروبيّة. فالدنمارك التي انتظر فيها الحصول على إقامة وفق معاهدة جنيف لعام 1953، راحت تخطو خطوات متسارعة نحو ترسيخ "الأمر الواقع" المتمثل في "إطالة فترة الانتظار" كسياسة رادعة لتوافد آخرين. سعيد (34 عاماً) لا تختلف حاله عن وضع حسان، إلا برفض إقامته. فقد عُلِم أنه أتى من بلغاريا حيث بقي لفترة على أمل الحصول على لمّ شمل. أقنعه الأصدقاء بالانتقال إلى السويد. وفي طريقه إليها، اكتشفت الشرطة الدنماركيّة أمره فتقدّم بطلب اللجوء "مجبراً. لم تكن أمامي خيارات أخرى". ولا يعرف سعيد الذي أُنهِك، ماذا يفعل في مواجهة القوانين والصرامة في التعاطي مع قضيته. فمحاميه يخبره أنه "لا يمكن القيام بالكثير. فقد اكتشفوا وثيقة سفره البلغاريّة". بالنسبة إلى سعيد: "أشعر كأنني أعيش أحداث فيلم الحدود. لا أستطيع الانتقال إلى أي بلد. حتى بلغاريا لم تعد تريدني".

هؤلاء الثلاثة مجرّد نماذج لما يعيشه السوريون الذين يعلقون بين عمليات احتيال وتضليل متبادل بين المهرّبين والسلطات القضائيّة في الدول التي يقصدونها. وفي حالتهم، كانت الدنمارك المرعوبة إعلامياً وشعبياً ورسمياً من تدفق اللاجئين عموماً. وراح اللاجئون السوريون يجدون أنفسهم وسط تجاذبات حول قوانين باردة في نصوصها ومقترحاتها.
ما كشفته النقاشات القانونيّة والسياسيّة أخيراً في الدنمارك، لم يستثن السوريّين. فالإقامات في حال منحها هي مؤقتة وسنويّة، إذ يتوجّب على اللاجئ العودة إلى نقطة البداية سنوياً لتقديم لجوء جديد للنظر في الأسباب. ويبدو أنه يتم درس إمكانيّة إعادة هؤلاء إلى بلدهم، بغض النظر عما إذا كانت الأوضاع فيها قد تحسنت.

لا يتوقف التضليل عند المهرّبين. فقد كشف، مؤخراً، عن تلاعب قانوني وقضائي كانت بطلته وزيرة العدل الدنماركيّة المستقيلة كارين هيكروب، وذلك في بث معلومات غير صحيحة للرأي العام عن اللاجئين السوريين وأعدادهم وتوقعات أرقام الوافدين. فهي أعلنت أنه سيتم التشدّد في إجراءات منح اللاجئين السوريين حق الإقامة الدائمة، إذ إن "أغلبية السوريين الآتين من حرب أهليّة والذين مُنحوا اللجوء في العام الماضي، ليسوا مطاردين فردياً". لكن تبيّن أن ربع هؤلاء فقط لم يكونوا ملاحقين فردياً، وأن ثلاثة أرباعهم كانوا كذلك، وبالتالي تنطبق عليهم معاهدة جنيف لحق اللجوء السياسي.

كذلك، سجلت أخيراً اقتراحات بأن تبني الدنمارك مخيّمات لجوء في بلدان أفريقيّة بدلاً من دراسة طلباتهم في البلاد. والذين يؤيدون هذه الفكرة يتخذون مثالاً سياسة أستراليا المتشددة، والتي فتحت معسكر لجوء في بابوا بغينيا الجديدة.

المساهمون