شباك على خط النار

شباك على خط النار

21 نوفمبر 2014
عشرات الصيادين استشهدوا وأصيبوا منذ الانتفاضة الثانية(عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
بحذرٍ شديد يربط الفلسطيني مسعد الأطبش (45 عاماً) شباكه إلى جانب شجرة في أرض زراعية قرب السياج الحدودي الفاصل بين أقصى جنوبي قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، لعله يتمكن من اصطياد بعض العصافير الصغيرة قبل أن تلحظه دوريات جيش الاحتلال وتصطاده بالرصاص.

ويتراجع الصياد الأطبش، بعد أن ينتهي من نصب شباكه لبضعة أمتار، منتظراً عدة ساعات وقوع أسراب العصافير في "فخه البدائي"، وعيناه لا تفارقان ذلك السياج الحدودي الذي قد تنطلق من خلفه رصاصات ترديه قتيلاً أو جريحاً كما حدث مع عشرات الصيادين خلال الأعوام الماضية.
وبعد ساعة ونصف من الانتظار، وقعت مجموعة من عصافير "الحسون" و"الخدرة" في شباك الصياد الفلسطيني الأطبش الذي سارع إلى انتزاعها من الشباك ووضعها في صندوق خشبي مجهز مسبقاً بفتحات تهوية، وغادر المكان الخطِر فوراً.

ويقول الأطبش لـ "العربي الجديد" إنه يصطاد العصافير من الأراضي الزراعية الحدودية منذ نحو عشرة أعوام في محاولة منه لتوفير مصدر رزق لعائلته المكونة من سبعة أفراد، بعد أن تعطل من العمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000.
ويشير إلى أنه يصطاد العصافير والطيور كنوع من "الهواية" بالإضافة لكونها توفر له دخلا بسيطا لأسرته، لافتا إلى أنه يتمكن يومياً من اصطياد 10 إلى 40 عصفوراً ويبيع الواحد منها بنحو دولار أميركي، وبعض الأنواع مثل "الحسون" و"الكنار" و"الهدهد" و"البلبل" يصل سعرها لـ40 أو 100 شيكل (الدولار يعادل 3.8 شيكل).

ويوضح الأطبش أن موسم صيد العصافير يبدأ في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، وينتهي في فبراير/شباط من كل عام. ويبين أن سبب اختياره للمناطق الحدودية لصيد العصافير هو عدم تواجد تلك الطيور الصغيرة داخل المدن أو في المناطق الزراعية غير النائية.

ويعرب الصياد الأطبش عن خشيته من تعرضه للإصابة أو القتل برصاص جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول إنّ جنود الاحتلال الإسرائيلي يعرفون أننا هنا لنصطاد العصافير، ولكنهم لا يتركوننا نمارس عملنا بحرية، فهم يطلقون نيران أسلحتهم تجاهنا على فترات متقاربة، وقد أصيب وقتل عشرات الصيادين منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000.

وفي منطقة أخرى من الحدود الجنوبية لقطاع غزة، كان الشاب الفلسطيني عمر النجار (25 عاماً) يجمع ما اصطادته شباكه من عصافير بعد انتظار دام لثلاث ساعات متواصلة بدأت منذ ساعات الفجر الأولى.

ويقول النجار لـ"العربي الجديد"، إنه يخرج من منزله في مدينة خان يونس جنوب القطاع بعد صلاة الفجر ويصل إلى الأراضي الزراعية الشرقية مع شروق الشمس، ويبدأ بعد ذلك على الفور بتجهيز شباكه ولا يغادر قبل انتصاف النهار.

ويشير إلى أنه يعمل في صيد وتربية العصافير منذ ثلاثة أعوام، لافتا إلى أنها تمثل مصدراً وحيداً لدخله في ظل انعدام فرص العمل في القطاع المحاصر الذي تعرض لثلاثة حروب إسرائيلية منذ عام 2008.

ويوضح النجار أنه يحصل يوميا من بيع العصافير على مبلغ 30 إلى 40 شيكلا ( نحو 10 دولارات).

ولا يخفي الصياد النجار قلقه من تعرضه لإطلاق النار من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء عمله في صيد العصافير، غيرّ أنه يقول: "نعم أنا أخشى أن أتعرض للموت أو الإصابة برصاص الاحتلال، ولكني في المقابل لا أجد عملا آخر في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها في قطاع غزة، لذلك أغامر بنفسي من أجل لقمة العيش وهكذا هم أهل غزة جميعاً".

دلالات