السرطان الخبيث.. نصيبُ الإيرانيّين منه كبير

السرطان الخبيث.. نصيبُ الإيرانيّين منه كبير

27 نوفمبر 2014
شابة إيرانيّة مصابة بسرطان الثدي.. تكافح مرضها (فرانس برس)
+ الخط -

موجة إصابات مستقبليّة كثيرة بمرض السرطان متوقّعة في كل أنحاء العالم. هذا ما حذّر منه تقرير صادر عن منظمة الصحة العالميّة هذا العام. وقد توقّعت المنظمة أن يصل عدد المصابين بهذا المرض الخبيث في عام 2035 إلى 24 مليون شخص. ولإيران نصيب كبير من هذه الحالات. فالإحصاءات الرسميّة الصادرة عن وزارة الصحة الإيرانيّة، تشير إلى أن عدد المصابين بالسرطان تضاعف ستّ مرات في خلال عشرين عاماً، من عام 1989 إلى عام 2009. وكان عدد هؤلاء في إيران يزداد في كل عام بمقدار 90 ألف إصابة تقريباً، يتوفى منها 35 ألفاً.

وتفيد وزارة الصحة بأن عدد المصابين بالسرطان الذين يعيشون حالياً في إيران، يصل إلى نصف مليون مريض تقريباً. وكان الأطباء المشاركون في مؤتمر مكافحة السرطان العام الماضي، قد قدّموا تقريراً يتوقّع تضاعف هذا العدد مرّتَين في خلال الأعوام العشرين المقبلة.
إلى ذلك، أوردت وكالة "إيسنا" للأنباء أخيراً أن السرطان هو العامل الثالث للوفاة في إيران، بعد السكتة القلبيّة وحوادث السير. لكن بالنسبة إلى بعض المتخصصين، فإن السرطان يحتل المرتبة الثانية بعد السكتة القلبيّة، كونه من الممكن التحكّم بحوادث السير بعكس مرض السرطان.

وعلى الرغم من أن أرقام المشخّصين زادت بسبب تقدّم التقنيات التي باتت تساهم في الكشف المبكر والدقيق عن الحالات المختلفة، إلا أن الأطباء يتوقّعون وجود حالات أكثر من تلك المسجّلة بكثير. ويقول عضو الهيئة العلميّة في جامعة بهشتي الطبيّة علي يعقوبي جوبياري إن بعض الأفراد يتوفّون من دون اكتشاف إصاباتهم بالسرطان، وعلى سبيل المثال بعض المقيمين في القرى البعيدة.

وفي الوقت الذي جُمِعت فيه هذه الأرقام من مراكز علاجيّة خاصة ومن مختبرات فحص الخلايا السرطانيّة، إلا أن كثيرين لا يقصدون مراكز من هذا النوع. وبالتالي، فإن البيانات التي تؤمّنها هذه المراكز لوزارة الصحة لا يمكن أن تكون دقيقة للغاية. أما أسباب انتشار السرطان فتتعلق بعوامل موجودة في كل بلدان العالم، كما في إيران. ولعلّ عامل التلوّث الذي يؤدّي إلى إصابة آلاف الإيرانيّين بأمراض مختلفة، يساهم أيضاً في الإصابة بمرض السرطان. ويتحدّث بعض المتخصّصين عن أن الأسباب تعود كذلك إلى التدخين وإلى التوتّر الناجم عن المشكلات المعيشيّة والاقتصاديّة.

وفي الوقت الذي يخصّص فيه المسؤولون الإيرانيون مليارَين و600 ألف دولار أميركي لعلاج السرطان في إيران سنوياً، يسأل البعض عن سبب عدم القدرة على التحكم بانتشار هذا المرض. فيجيب أهل الاختصاص أنه وعلى الرغم من تغطية جميع الإيرانيّين بتأمين صحيّ، فإن تغطيته تختلف من مكان لآخر. وكانت صحيفة "جام جم" الإيرانيّة قد نشرت تقريراً خاصاً حول مرض السرطان ومكافحته في إيران، جاء فيه أن ما بين 15 و20 في المائة من المصابين بسرطان المعدة في مراحله المتقدّمة قادرون على تحمّل المرض والاستمرار في العلاج لخمس سنوات. لكن مثل هذه الفئة تبلغ نسبتها في القرى صفراً في المائة. وبالتالي يتوفى هؤلاء بعد مدّة وجيزة.

وهذا يعني أن أساليب العلاج تختلف من مكان لآخر، وبالتالي يقع على عاتق الحكومة الإيرانيّة مهمة صعبة تكاليفها باهظة، كي تتمكّن من توفير التأمين الصحي والتكاليف المناسبة لطرق علاج متطوّرة للجميع. وتجدر الإشارة إلى أن الإيرانيّين يحاولون دائماً مواكبة طرق العلاج العالميّة، واستيراد الأدوية والأجهزة المناسبة لعلاج مرضاهم المصابين بالسرطان. وقد وصل بهم الأمر إلى تركيب أدوية تصنّع أساساً في الخارج. وقد أعلن عن ذلك في وسائل الإعلام، لا سيّما وكالة "إرنا" للأنباء التي أوردت في تقرير أن العلماء الإيرانيّين استطاعوا التوصّل إلى تركيبة عقار لعلاج السرطان ينتج فقط في الولايات المتحدة الأميركيّة. لكنهم ما زالوا في مرحلة تجريبيّة.

أزمة النووي والسرطان

تجربة إيران في إنتاج أدوية علاج السرطان تعتمد بشكل مباشر على إنتاج النظائر المشعّة التي تصنّع من اليورانيوم المخصّب بنسبة عشرين في المائة. وهذا يرتبط بالشقّ الإنسانيّ لبرنامج إيران النووي. وبعدما حاولت طهران الحصول على اليورانيوم المخصّب من الخارج من دون جدوى، قامت بإنتاجه بنفسها. وهو ما كبّدها عقوبات أثقلت كاهل الإيرانيّين جميعاً.

وهذه العقوبات التي فُرضت على البلاد، منعت إدخال العديد من الأدوية والأجهزة. وهو ما أدّى إلى تضاعف أسعارها في الداخل. فاضطرت طهران إلى التخصيب لإنتاج النظائر في مفاعل طهران للأبحاث الطبيّة، التي ساعدت في علاج 80 في المائة من الحالات، بحسب ما يقول الطبيب محمد كريمي أحد الأطباء المشرفين على قسم الطب النووي في مستشفى شريعتي في العاصمة الإيرانيّة. لكن بعد توقيع اتفاق جنيف في أواخر العام الماضي، اضطرت طهران إلى إيقاف التخصيب في مقابل إلغاء الحظر. وفي هذه الفترة، تستمرّ طهران بالتفاوض حول التخصيب، علّها توقّع اتفاقاً نهائياً. وتجدر الإشارة إلى أن مدّة التفاوض التي يحدّدها اتفاق جنيف تنتهي بعد أيام قليلة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

وفي تصريحات سابقة للمتحدّث باسم هيئة الطاقة الذريّة بهروز كمالوندي، قال إن لدى إيران مخزوناً من النظائر المشعّة يكفيها من ثلاث إلى خمس سنوات. كذلك، أعلن عن جهوزيّة بلاده لتصدير بعضها إلى الدول الراغبة في التعاون نووياً مع طهران، وهو ما سيساعدها في علاج السرطان. وطهران تخطّط لتصدير نظائرها كي تصبح مطلوبة من قبل بعض الأطراف، وهو ما سيدعم قضيّتها في الاستمرار في التخصيب من جهة، وسيساعد من جهة أخرى على علاج مرضى السرطان في إيران وفي خارجها.

وفي حين ما زالت طهران تجلس إلى طاولة الحوار مع الغرب لمناقشة ملفها النووي، يبقى الملف الخاص بمرضى السرطان في إيران رهناً بالسياسة وبمشكلاتها. وينتظر هؤلاء حسم قضايا العقوبات التي ستؤثّر على تكاليف العلاج من جهة، ومن أخرى حتى يطمئنّ البال على وجود النظائر في المخازن الإيرانيّة.

المساهمون