100 عام على اكتشاف الإنسولين

100 عام على اكتشاف الإنسولين

01 ابريل 2022
الإنسولين... أحد أعظم الاكتشافات الطبية في القرن العشرين (كيريم يوسيل/ فرانس برس)
+ الخط -

قبل عام 1921، نادراً ما كان يعيش مرضى السكري من النوع الأول أكثر من عام أو عامين، إلى أن تمكن كل من الطبيب الكندي فردريك غرانت بانتنغ، والطبيب وعالم وظائف الأعضاء الإسكتلندي ـ الكندي جون جيمس ريكارد مكليود من جامعة "تورنتو"، من اختراع علاج مرض السكر الإنسولين، الذي وصف بأنه أحد أعظم الاكتشافات الطبية في القرن العشرين، وما زال العلاج الوحيد الفعال لمرضى السكري. 
وحصل مكليود على جائزة نوبل في الطب لعام 1923 مناصفة مع بانتنغ تقديراً لذلك الاكتشاف الذي مهد الطريق لنجاح الأطباء في علاج داء البول السكري. عام 1920، كان العلماء قد حدّدوا مجموعات الخلايا في البنكرياس التي تنتج الإنسولين، أي المسؤولة عن توازن السكر في الدم، وتوصلوا إلى أن الخلايا تدمر من جراء الإصابة بمرض السكري من النوع الأول، ما قد يؤدي إلى وفاة المرضى ما لم يعالجوا من خلال خلق خلايا جديدة في البنكرياس. وكان هناك محاولات لاستخراج الإنسولين من خلايا البنكرياس إلا أنها لم تنجح. 
في أكتوبر/ تشرين الأول 1920، قرأ بانتنغ مقالاً يشير إلى أن خلايا البنكرياس أبطأ في التدهور، وأدرك أن هذا قد يسمح باستخراج الإنسولين عن طريق تكسير البنكرياس بطريقة تترك فقط الخلايا التي تنتج الإنسولين سليمة. وبدأ التجارب مع مكليود، وانضم إليهما عالم الطب الكندي تشارلز هربرت بست. 
كان التقدم بطيئاً في البداية، وفشلت العديد من التجارب. لكن بحلول نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1921، نجحوا في علاج كلب مصاب بداء السكري بالإنسولين لمدة 70 يوماً. بعدها انضم جيمس كوليب، عالم الكيمياء الحيوية، إلى المجموعة للعمل على تنقية الإنسولين لضمان أن يكون آمناً بدرجة كافية لاختباره على البشر. 

وبحسب الجمعية البريطانية لمرضى السكري، تمكن الفريق من مساعدة أول مصاب بالسكري من خلال حقنه بمادة الإنسولين المستخرجة من الماشية. كان ليونارد طومسون يبلغ من العمر 14 عاماً، وكان في حالة موت سريري بسبب مرض السكري، وخضع لأول حقنة إنسولين. وفي غضون 24 ساعة، انخفضت مستويات السكر في الدم التي كانت مرتفعة بشكل كبير. وعمل الفريق على تطوير الإنسولين وأعطي طومسون حقنة ثانية لتصبح مستويات السكر في دمه شبه طبيعية مع عدم ملاحظة آثار جانبية واضحة. 
ومع انتشار أنباء عن نجاح الإنسولين، تصاعد الطلب عليه. وبدأت الفرق تحسين تقنياتها لإنتاجه حتى أصبحت شركة "Eli Lilly" الأميركية أول مصنّع للإنسولين بكميات كبيرة، كما جاء في تقرير لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، التي سلطت الضوء على مئوية اختراع الإنسولين في العالم. 
ومنذ ذلك الوقت، يعد الإنسولين علاجاً فعالاً لمرضى السكري إذ لا يمكن الاستغناء عنه. والإنسولين هرمون يساعد الجسم على استخدام الغلوكوز للحصول على الطاقة، ويتم إنتاجه من قبل خلايا بيتا في البنكرياس. ويدخل الإنسولين السكر الموجود في الدم (الغلوكوز) إلى الخلايا.
ولدى الأشخاص الأصحاء مستويات من الإنسولين قادرة على تنظيم مستويات السكر في الدم. فبعد تناول الطعام، تتحول الكربوهيدرات إلى سكر الغلوكوز الذي يعد المصدر الرئيسي للطاقة في الجسم، ثم يدخل الغلوكوز مجرى الدم ليعطي الطاقة للخلايا، كما يشرح الطبيب المتخصص بأمراض السكري والغدد الصماء أحمد مصطفى في حديثه لـ"العربي الجديد". 

ويقول: "ساهم اكتشاف الإنسولين في إنقاذ حياة الملايين حول العالم. ولا ينحصر الأمر بمرضى السكري بل الأشخاص الذين يولدون بتشوهات خلقية، ولا يملكون أنسجة تضخ الدم من البنكرياس إلى باقي أعضاء الجسم، أو الذين يولدون أصلاً بلا بنكرياس". ويرى أن اكتشاف "الإنسولين يشكل ولادة جديدة للحياة. إذ يؤدي غياب الإنسولين أو نقصه إلى عدم قدرة السكر على الدخول إلى الخلية، وبالتالي يرتفع مستواه في الدم ويحدث مرض السكري".
وبحسب مصطفى، "يحتاج جميع الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول وبعض المصابين بداء السكري من النوع الثاني إلى تناول الإنسولين للمساعدة في التحكم بمستويات السكر في الدم. بالتالي، الهدف من تناول الإنسولين هو الحفاظ على المعدل الطبيعي لمستوى السكر في الدم قدر الإمكان".

المساهمون