فوبيا التصلّب اللويحيّ في إيران

فوبيا التصلّب اللويحيّ في إيران

18 اغسطس 2015
التشخيص بحاجة إلى تصوير بالرنين المغناطيسي (فرانس برس)
+ الخط -

نرجس شابة إيرانية في الثانية والعشرين من عمرها. قبل أقلّ من عامَين كانت تكسب قوت يومها كمنظفة في البيوت، بعدما عجزت عن إكمال دراستها الجامعية لوضعها المادي الصعب. أما اليوم، فهي تلازم المنزل غير قادرة على الحركة، ليس بسبب الإنهاك على خلفيّة عملها الشاق، وإنما لمرض أصابها فجأةً، وأدّى إلى تدهور صحتها تدريجياً.

قبل عام، توفيت والدة نرجس. وبعدها، كأن المصائب تتوالى، راحت حال نرجس الصحية تتدهور. وأتى تشخيص الأطباء: تصلّب لويحيّ. والمرض الذي يُصنّف من بين الأمراض العصبية الأكثر تعقيداً، يصيب الجهاز العصبي فيعوّق المريض بشكل أو بآخر. لكن تشخيصه مبكراً وعلاجه بالطريقة المناسبة، من شأنهما أن يجعلا المرء يكمل حياته بشكل طبيعي. ويعرّف الطب هذا المرض كالتهاب ناتج عن تلف في الغشاء العازل للعصبونات في الدماغ والحبل الشوكي. وفي حين تُعدّ أسبابه غير واضحة، يُعتقد أن آليته قد تكون، إما تلفاً في الجهاز المناعي أو فشلاً في الخلايا المصنعة للمايلين (مادة ضرورية لحسن سير السيالة في الجهاز العصبي).

يوضح الطبيب المتخصص في الأعصاب سعيد ميرخاني لـ "العربي الجديد" أن هذا "المرض ليس نفسياً وإنما هو مرض عصبي. وأعراضه الأولى هي من قبيل الشعور بالضعف والوهن، أو ببطئ وصعوبة في الحركة أو عدم القدرة على التوازن، أو بضبابيّة في الرؤية وفقدانها أحياناً". كذلك، يُشار إلى اضطراب في الذاكرة أو فقدان الشعور بالإحساس أو تنميل.

ويشرح ميرخاني أن "التصلب اللويحي أو التصلّب المتعدد لا يمكن علاجه بشكل نهائي، وإنما من الممكن التحكم فيه وتأخير تفاقم أعراضه". ويشدّد على أن "التصلب في حد ذاته لا يتسبب في موت الدماغ ولا يعد مرضاً قاتلاً، إذا أتى التعامل معه بالشكل الصحيح. لكن من الممكن أن تتعرّض حالات كثيرة لإصابات لا علاقة للمرض وإنما تشكّل عاملاً مسبباً بشكل أو بآخر للوفاة. فقدان التحكم الإرادي قد يعرّض المريض مثلاً لصدمات تتسبب في أضرار أخرى قد تؤدي إلى الموت في بعض الأحيان".

يعاني عدد لا بأس به من الإيرانيين من هذا المرض، وفق ما تشير نقابة الأطباء الإيرانية التي تبدي قلقاً حيال ارتفاع عدد المصابين به. وقد يعود هذا الارتفاع إلى مجرّد تطوّر آليات التشخيص وبالتالي التعرّف على مزيد من الحالات، بحسب ميرخاني. إلى ذلك، تشير الأرقام الرسمية للاتحاد الدولي لمرض التصلب اللويحي إلى أن نحو مليونين ونصف مليون مريض شخّصوا به منذ عام 2008، في حين يلفت إلى أن الإصابات الأعلى هي في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. وبينما تقول وزارة الصحة الإيرانية بنحو ألفي إصابة بالتصلب اللويحي، تشير نقابة الأطباء في البلاد إلى سبعين ألف مريض، أي إن خمسين إيرانياً يصابون به من بين كل 100 ألف. وهو ما يجعل الأطباء في إيران يتخوفون أكثر والمواطنين يصابون بـ "رهاب"، إذ ما من علاج نهائي لهذا المرض الذي لا يمكن تشخيصه من خلال أعراضه فحسب، بل يحتاج إلى تحاليل أكثر دقّة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي.

والمرض الذي يظهر غالباً ما بين العشرين والخامسة والثلاثين من العمر، يصيب الإناث مرّتين أكثر من الذكور. أما في إيران، فتلفت وزارة الصحة إلى أن ثلثَي المرضى في البلاد هم من النساء. ولأن "هذا المرض هو من أمراض المناعة الذاتية التي تصيب عادة الإناث أكثر من الذكور"، بحسب ما يقول المتخصص في جراحة الدماغ والأعصاب مهدي دستغردي، لذا "يأتي انتشاره أكبر بين الإناث".

من جهة أخرى، كانت وكالة "إيسنا" الرسمية للأنباء قد أوردت في تقرير خاص، أن الخوف والشكوك زادت عدد الإيرانيين الذين يقصدون العيادات والمستشفيات للمراجعة. فيرى بعض الأطباء أنفسهم مضطرين إلى وصف تحاليل وصور خاصة للتأكد من سلامة الدماغ والنخاع الشوكي. وأشار التقرير إلى أن بعض المراجعين يستخدمون أدوية خاصة بالتصلب اللويحي على الرغم من أنهم غير مصابين به.

إلى ذلك، لفت أخيراً نائب رئيس نقابة مرض التصلّب اللويحي محمد علي صحراييان إلى أن المستشفيات الحكومية باتت تقدّم العلاج للمرضى مجاناً، بعدما كانت النقابة قد أعلنت عن خدمات خاصة لمن يسجلون أسماءهم. هي تؤمن لهم العلاج الفيزيائي، وتحاول إيجاد فرص عمل مناسبة لهم حتى يتمكنوا من متابعة حياتهم بشكل طبيعي بقدر المستطاع.

اقرأ أيضاً: إيران تنوي القضاء على الولادة القيصرية

دلالات

المساهمون