جريمة قتل بشعة تعيد الجدل حول تنفيذ الإعدام في تونس

جريمة قتل بشعة تعيد الجدل حول تنفيذ الإعدام في تونس

27 سبتمبر 2020
دعوات للاقتصاص من مرتكبي جرائم الاغتصاب والقتل والإرهاب (أمين الأندلسي/الأناضول)
+ الخط -

أعادت جريمة قتل بشعة لفتاة في العاصمة تونس، تغذية  حملات المطالبة بتنفيذ عقوبة الإعدام، وبلغت الأمور حدّ تنظيم وقفة احتجاجية أمام قصر الرئاسة، ليعود الجدل من جديد بين دعاة القصاص من مرتكبي جرائم الاغتصاب والقتل والإرهاب، والمدافعين عن حقوق الإنسان الرافضين لتنفيذ الإعدام.

وتجمهر عشرات المواطنين من بينهم عائلة الضحية، أمام قصر الرئاسة بقرطاج، لمطالبة الرئيس التونسي بتفعيل عقوبة الإعدام في تونس، وردّد المحتجّون شعار: "يا قيس، طبق طبق الإعدام".

وعمّت مواقع التواصل الاجتماعي موجة غضب غير مسبوقة، تطالب بتطبيق عقوبة الإعدام بحق المشتبه به في قضية قتل الشابة رحمة لحمر، وتناقل مدوّنون صوراً للضحية مقطّعة بآلة حادة، مؤكّدين أنّها تعرّضت للاغتصاب والتقطيع قبل سرقتها.

وعثرت وحدات الأمن على "جثة الفتاة ملقاة بمجرى مياه موازٍ للطريق السريع، في اتجاه العاصمة عليها آثار تعفّن"، بحسب بلاغ رسمي.

وأكّدت وزارة الداخلية أنّه "بعد إجراء التحرّيات الفنية والميدانية المعمّقة، تمكّنت الوحدات التابعة لمنطقة الأمن الوطني بحدائق قرطاج، من حصر الشبهة في شخص قاطن بالجهة وإلقاء القبض عليه بإحدى حضائر البناء، وهو اعترف في التحقيق، أنّه بعد أن احتسى كمية من المشروبات الكحولية، شاهد الشابة، فلحق بها ودفعها بمجرى مياه بين الأشجار، ليتولّى بعد ذلك خنقها بيديه حتى يتأكّد من وفاتها، وسرقة هاتفها الجوال والفرار".

وقال رئيس المكتب السياسي في حزب ائتلاف الكرامة، ومساعد رئيس البرلمان المكلّف بالعلاقة مع الرئاسة والحكومة، عبد اللطيف العلوي، في تصريح لـ" العربي الجديد"، إنّ تفعيل عقوبة الإعدام في قضايا "الإرهاب" وجرائم "الشرف" و"الخيانة العظمى"، ستكون أولى معاركه في المستقبل. وأشار إلى أنّه رغم عدم اجتماع هياكل ائتلاف الكرامة، فإنّ موقفه لن يختلف كثيراً عنهم، لأنهم يتقاسمون القيم والمبادئ نفسها.  وأضاف: "نحن مع رفاقي في ائتلاف الكرامة ننطلق من فلسفة وقيم، "ولكم في القصاص الحياة"، وهو قانون كامل لتحقيق عدالة إلهية".


وقال العلوي: "دعوة من أعماق الأعماق إلى الرئيس، قيس سعيد، لتفعيل عقوبة الإعدام وهو الذي قدّم نفسه باسم رئيس الشعب، لتحقيق العدالة وتحمّل المسؤولية وتحكيم الضمير". وشدّد: "ستُسأل أمام ربك عن دماء رحمة وآلاماها وهي تذبح، وعن شرفها، وعن فجيعة أهلها وأوجاعهم".

وأضاف العلوي أنّ "القضاء يصدر يوميا أحكام الإعدام، ولكنها لا تنفّذ منذ وقع تعليق تنفيذ حكم الإعدام في تونس سنة 1991 ". وأكّد أنّ تونس"دخلت في مرحلة التّوحش الكامل، وفقدنا حقّ التنقل، لأننا فقدنا الأمان وصارت الجرائم استعراضاً لأبشع ما يمكن أن يتخيّله بشر".

وقال إنّ "منظمات حقوقية ميّعت هذه القضايا، تفكر في حق الفرد على حساب حقّ المجتمع". مشدداً على أنه يعتبر أنّ "الإعدام حلّ من الحلول الردعية للحدّ منها ومقاومتها، وإعطاء العبرة حتى وإن لم يقض ذلك على الجريمة تماما".

وتساءل العلوي عن "معنى عدم تنفيذ حكم الإعدام بمن قتل جنودنا واغتصب بناتنا وقتل وذبح بكل برودة دم. ثم يتمّ إيوائه السجن ليأكل ويشرب على نفقة الشعب ويقضي نصف العقوبة، ويخرج للمجتمع من جديد".

في مقابل ذلك، جدّدت منظمة العفو الدولية بتونس، في بيان لها، مطالبتها تونس بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام، وذلك على خلفية تتالي الحملات التي تطالب بتطبيق حكم الإعدام بحق مرتكبي جرائم الاغتصاب والقتل. واعتبرت: "عقوبة الإعدام انتهاكاً لحقوق الإنسان، وعلى وجه الخصوص الحق في الحياة، والحق في عدم التعرّض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهانة" .  

وأشارت المنظمة في البيان ذاته إلى "عدم فاعلية حكم الإعدام في الحدّ من الجريمة". وأضافت أنّ "معدّل جرائم القتل، مقارنة بعدد السكان، انخفض منذ إيقاف العمل بتنفيذ الإعدام بعدد من البلدان إلى أقل من النصف".

ودعت المنظمة "الدولة التونسية إلى الاستمرار في تطبيق التزامها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار  إيقاف التنفيذ في اتجاه الإلغاء التام لعقوبة الإعدام. كما تدعو المنظمة رئيس الجمهورية إلى المصادقة على البروتوكول الثاني التابع للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام وإدراج الحق غير القابل للتقادم في الحياة و إلغاء عقوبة الإعدام في كل التشريعات التونسية، والعمل من أجل تحويل كلّ العقوبات الصادرة سابقاً إلى عقوبات بالسجن المؤبد أو أيّ عقوبة بديلة".

المساهمون