متحدّث باسم يونيسف: القنابل والصواريخ التي تدخل إلى غزة أكثر من الغذاء
استمع إلى الملخص
- أغلقت إسرائيل المعابر ومنعت دخول المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى جوع 2.3 مليون فلسطيني. المساعدات التي تدخل القطاع شحيحة وغير كافية، وتوزع في "مناطق عازلة" وسط فوضى وإطلاق نار.
- تعيش العائلات في ظروف قاسية، حيث يضطر الأفراد للعيش في خيام تحت نيران الدبابات، مع نقص في الرعاية الصحية الأساسية وانتقادات لآلية توزيع المساعدات.
في وقت يموت فيه أطفال قطاع غزة من جرّاء نقص الغذاء وتلوّث المياه وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من 20 شهراً، تعاني العائلات الفلسطينية الأمرَّين لتأمين وجبة طعام يومية واحدة لأطفالها، إذ تدخل إلى القطاع "كميات من القنابل والصواريخ تفوق بكثير ما يدخل من أغذية"، هكذا وصف المتحدّث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) جيمس إلدر وضع الأطفال الفلسطينيين وعائلاتهم في القطاع الفلسطيني المحاصر والمستهدف، في مقابلة مع وكالة الأناضول.
وقد تحدّث إلدر، الموجود في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة منذ مدّة من ضمن مهمة رسمية، عن الوضع في القطاع، محذّراً من أنّه يزداد سوءاً يوماً بعد آخر، في ظلّ الحصار المستمر والهجمات الإسرائيلية المستمرة، ورأى أنّ الحالة الإنسانية في القطاع "قاتمة ومروّعة ومحطّمة للآمال".
When the killing & maiming of children ceases to shock, we are no longer witnessing a tragedy, we are complicit in it. https://t.co/wwxwl0ei2Q
— James Elder (@1james_elder) June 7, 2025
وبتجويع متعمّد يمهّد لتهجير قسري، وفقاً للأمم المتحدة، دفعت إسرائيل نحو 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة إلى الجوع، من خلال تشديدها حصارها وإغلاق المعابر كافة منذ الثاني مارس/ آذار الماضي، في وجه المساعدات الإنسانية، لا سيّما المواد الغذائية، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في القطاع. يُذكر أنّه في 19 مايو/ أيار الماضي، أعلنت سلطات الاحتلال أنّها سوف تستأنف عمليات إدخال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين المحاصرين، إنّما بشروطها ومع إقصاء وكالة أونروا ومن ورائها منظمة الأمم المتحدة ككلّ. وهكذا راحت توزّع، من خلال "مؤسّسة غزة الإنسانية" المدعومة أميركياً، مواد غذائية شحيحة جداً في "مناطق عازلة" بوسط القطاع وجنوبه، في ظلّ فوضى وإطلاق نار إسرائيلي يومي على الفلسطينيين ضحايا التجويع، الأمر الذي يؤدّي إلى سقوط قتلى وجرحى. وفي هذا السياق، حذّر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، قبل أيام، من أنّ آلية المساعدات الأميركية المزعومة في قطاع غزة "لن تعالج الجوع المتفاقم"، مضيفاً أنّه "لا يمكن لألعاب الجوع المرعبة أن تصير واقعاً جديداً".
وأشار المتحدث باسم منظمة يونيسف إلى أنّ الآمال التي كانت قد برزت عقب الحديث عن وقف لإطلاق النار في قطاع غزة تحسّنت قليلاً، إذ شهدت المنطقة تدفقاً جزئياً للمساعدات وتحسّناً محدوداً في إمدادات المياه والغذاء، وأضاف إلدر: "إلّا أنّ هذا التفاؤل ما لبث أن تلاشى، بعدما واجه القطاع حصاراً كارثياً للمساعدات". يُذكر أنّ هدنة هشّة كانت قد أُطلقت في 19 يناير/ كانون الثاني 2025 قبل أن تستأنف إسرائيل حربها قبل أقلّ من شهرَين على سريانها، في 18 مارس.
وأكد إلدر أنّ "سكان قطاع غزة يعيشون ليالي قاسية تحت القصف، ويقضون أيامهم وهم يهربون من الجوع والانفجارات"، مشيراً إلى أنّ "كلّ ما عرفناه من قدرة الناس على التحمّل قد تحطّم كلياً"، وتابع: "يبدو أنّ العالم منشغل فقط برؤية الجرحى والحديث عن المساعدات، متجاهلاً العبء النفسي الهائل الذي يعيشه السكان، والواقع القاسي للعائلات التي تُجبَر على النزوح مراراً وتكراراً بعد فقدان كلّ شيء. وأوضح أنّ عائلات كثيرة تقيم في خيام منذ ستة أشهر، تحت نيران الدبابات، ويُجبَر أفرادها الآن على الانتقال من جديد، مشدّداً على أنّ قطاع غزة يعيش هذا المشهد المأساوي منذ أكثر من 600 يوم.
Imagine this for your son or daughter, night after night, for 600 nights.
— James Elder (@1james_elder) June 9, 2025
I mean really take 60 seconds to imagine it. To feel it…. #Gaza pic.twitter.com/njEgSMsROT
وبيّن المتحدّث باسم منظمة يونيسف أنّ الأمهات يقضينَ يومَين من دون طعام ليتمكّن من توفير وجبة واحدة لأطفالهنّ. ولفت إلى أنّ تقدير أعداد الأطفال الذين يموتون جوعاً يومياً أو أسبوعياً أمر بالغ الصعوبة في مثل هذه الظروف، فيما حذّر من أنّ الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يموتون "لأسباب بسيطة كان من الممكن علاجها بسهولة"، وشرح إلدر أنّ "سوء التغذية الحاد يزيد احتمال وفاة الطفل بسبب أمور بسيطة بمقدار 10 مرّات. هذه هي الحلقة المميتة التي تقتل الأطفال. نقص الغذاء وتلوّث المياه وانعدام الرعاية الصحية الأساسية".
في سياق متصل، أفاد إلدر بأنّ الوصول إلى المستشفيات لم يعد آمناً للأطفال المرضى أو للذين يعانون من سوء التغذية، مشيراً إلى أنّ المستشفيات نفسها لا تتوفّر فيها المستلزمات الطبية الأساسية، يُذكر أنّ الاحتلال الإسرائيلي يعمد منذ بداية حربه على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى استهداف المنظومة الصحية في إطار خطة ممنهجة.
وتناول المتحدّث باسم منظمة يونيسف الوضع "المأساوي" في قطاع غزة، إذ لا يتوفّر طعام كافٍ للفلسطينيين، وأضاف: "ربّما تصل نسبة المساعدات الإنسانية إلى 10% فقط ممّا يحتاجه الناس فعلاً"، فيما "تدخل إلى قطاع غزة كميات من القنابل والصواريخ تفوق كثيراً ما يدخل من الأغذية". ولفت إلى أنّ، في خلال فترة وقف إطلاق النار، تمكّنت الأمم المتحدة وشركاؤها الفلسطينيون من إنشاء 400 نقطة توزيع لتقديم المساعدات الإنسانية، مبيّناً أنّهم استطاعوا عبر هذا النظام الوصول إلى المحتاجين بطريقة فعّالة.
وبدوره، كما لازاريني، انتقد إلدر آلية توزيع المساعدات المستجدّة التي تُفرَض في جنوب قطاع غزة في الوقت الراهن، من "مؤسّسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل. ووصفها بأنّها "عسكرية الطابع" وتشمل فقط مواقع محدودة للتوزيع، قائلاً إنّ "هذا النظام يؤدّي يومياً إلى سقوط ضحايا، إذ يُقتَل أطفال فقط لأنّهم كانوا يحاولون الحصول على علبة طعام"، وتابع محذّراً: "الآن صُمّم نظام (من إسرائيل) عمداً لدفع السكان من شمالي القطاع إلى جنوبيه، وهو يهدّد بتقويض نظام توزيع المساعدات الفعّال الذي أنشأناه".
وفي ما يتعلّق بسفينة "مادلين" التي أبحرت في إطار أسطول الحرية لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة وعلى متنها 12 ناشطاً قبل أن تعترضها إسرائيل وتعتقل هؤلاء قبل أن ترحّلهم إلى بلدانهم، رأى إلدر أنّ "هذا التحرك كان جيّداً جداً"، مشدّداً على أنّ "كلّ المبادرات التي تسلّط الضوء على معاناة الأطفال مفيدة"، وأشار إلى أنّه سمع سابقاً عن "الأشخاص الشجعان" الذين كانوا على متن السفينة، واصفاً ما يقومون به بأنّه "مهمّ جداً، وهم يتحدّثون بحماسة ويعملون من أجل إحقاق العدل".
(الأناضول، العربي الجديد)