وفاة معلمة أردنية في مدرسة خاصة تفتح ملف انتهاكات حقوق المعلمين

وفاة معلمة أردنية في مدرسة خاصة تفتح من جديد ملف الأجور والتلاعب بالعقود

12 يونيو 2022
ضرورة ضمان حقوق المعلمات وحمايتهن من الانتهاكات كافة (خليل مزراوي/فرانس برس)
+ الخط -

أعادت وفاة معلمة أردنية في مؤسسة تعليمية خاصة، أخيراً، فتح ملف انتهاكات حقوق المعلمين والمعلمات في المدارس الخاصة، ولا سيما ما يتعلق بالأجور وعقود الشغل، وبيئة العمل.

وتداول أردنيون خلال الساعات الماضية عبر مواقع التواصل وسم (هاشتاغ) "#بدنا_حق_ربى، وكلنا ربى"، وهو اسم المعلمة التي فارقت الحياة وهي حامل في شهرها الثامن (34 عاماً) دون وجود أي حقوق عمالية لها، إضافة إلى عملها براتب 140 ديناراً (200 دولار) أقل من الحد الأدنى للأجور260 ديناراً (366 دولاراً). وطالب نشطاء بفتح ملف المعلمات العاملات في المدارس الخاصة.

وفي تفاصيل الواقعة التي يرويها زوج المعلمة، فإن ربى معلمة في القطاع الخاص بمحافظة إربد شماليّ البلاد، كانت تمارس عملها وهي حامل في شهرها الثامن، حتى جاء يوم انهارت فيه برمضان الماضي وسقطت أرضاً، ليُتَّصَل بزوجها للحضور إلى مقر عملها ونقلها إلى المستشفى.

ويضيف الزوج أنّ والدة أبنائه الخمسة، خرجت في ذلك اليوم سليمة، حيث تلقى لاحقاً اتصالاً من المدرسة بأن زوجته فقدت وعيها وسقطت أرضاً، وحضر إلى المدرسة بسيارته على الفور وقام بإسعافها إلى المستشفى، إذ دخلت في حالة غيبوبة أربعة أيام توفيت بعدها تاركة وراءها خمسة أطفال.

وشكا الزوج قيام المدرسة بهضم حقوقها من ناحية منحها راتباً أقل من الحد الأدنى للأجور (140 ديناراً)، وعدم إشراكها بالضمان الاجتماعي، مناشداً منظمات المجتمع المدني مساعدته لكي لا تضيع حقوق زوجته، وحقوق أطفالها.

انتهاكات عمالية مستمرة

ويتعرض كثير من المعلمين والمعلمات في قطاع التعليم الخاص بالأردن لجملة انتهاكات عمالية، في مقدمها حقّ حصولهم على الحد الأدنى للأجور، والتلاعب في عقود عملهم.
وتفيد دائرة الإحصاءات العامة بأن عدد المعلمين والمعلمات الذين ضمتهم المدارس في العام الدراسي 2020 - 2021 بلغ 130,089، وأن المعلمات شكلن نسبة 89.2 في المائة من معلمي المدارس الخاصة (33,893 معلمة في مقابل 4,117 معلماً).

وقالت المنسقة العامة لحملة "قم مع المعلم" ناريمان الشواهين، الأحد، لـ"العربي الجديد"، إنّ المعلمات يتعرضن لانتهاكات عديدة تتمثل بأجور أقل من الحد الأدنى، وساعات عمل إضافية غير مدفوعة الأجور، وجولات الحافلات أيضاً غير مدفوعة الأجر، مضيفة: "هدفنا الوصول إلى العدالة وحصول المعلمات على حقوقهن".

وأوضحت الشواهين أنه منذ السماع بوفاتها جرى التواصل مع زوجها، لكن في تلك الفترة كان في حالة صدمة بسبب وفاة زوجته الشابة التي لديها 5 أطفال أكبرهم 11 عاماً، ولم يبحث عن حقوق زوجته أو قضيتها إلا بعد مرور وقت زمني.

وتابعت: "اكتشف الزوج أن مدير المدرسة لم يشرك زوجته بالضمان الاجتماعي، إلا أشهراً قليلة"، مشيرة إلى أن صاحب المؤسسة يمتلك مدارس عديدة، ويقوم بنقل المعلمات من واحدة إلى أخرى لعدم الالتزام بعقود طويلة معهن.

وأشارت المتحدثة إلى أنه بعد ذلك تواصل الزوج مع الحملة "قم مع المعلم" وقدم شكاوى لوزارة العمل، والضمان الاجتماعي، وكانت هناك إشكاليات بتقديم الشكوى، وتبين أنّ المعلمات لم يُشرَكنَ بالضمان الاجتماعي خلال عملهنّ في السنوات الماضية بعدد من المدارس.

ولفتت إلى أن الحملة تعمل مع مئات المعلمات سنوياً لرفع الوعي، لكن الخوف على لقمة العيش يجعل الكثير من العاملين في المدارس يوقعون اتفاقيات عمل خارج القانون، مطالبة بتشديد الرقابة.

وأوضحت أن وزارة العمل تقوم بمخالفة المدارس غير الملتزمة، لكن المعلم والمعلمة يريدان حقوقهما، لا مخالفة المدرسة، مضيفة أن الكثير من الأردنيين في الثقافة المجتمعية لا يفضلون اللجوء إلى المحاكم في مثل هذه القضايا، جزء منها مرتبط بموانع اجتماعية، وأخرى بطول أمد التقاضي.

ولفتت الشواهين إلى أنّ هناك بطالة كبيرة بين المعلمات وعرض كثير وحاجة سوق العمل قليلة، وهذا يجعل أصحاب العمل يجبرون المعلمات على العمل خارج العقود القانونية، وإذا لم يوافقن يخبرونهن أن هناك المئات ممن يوافقن على شروطه بسبب الفقر والبطالة .

وقال الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل، محمد الزيود، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إن وزارة العمل تتابع باستمرار أوضاع المؤسسات التعليمية في القطاع الخاص، وتراقب مدى التزامها دفع الأجور للمعلمين، كذلك تتعامل مباشرة مع أي شكوى تصل إليها تتعلق بالأجور أو الحقوق.

وأوضح أن منصة "حماية" الإلكترونية تسمح بتقديم أي عامل شكوى بسهولة، التي تتسلمها فرق التفتيش وتتابعها للتأكد من دقة المعلومات التي تتضمنها وقانونيتها.

وأضاف: "تحتاج متابعة الشكوى ودرسها إلى عدة أيام عمل. والتسويات ممكنة أحياناً من خلال اتفاقات تحصل بين الجانبين، وتوجد أرضيات لإيجاد حلول مناسبة ترضي الجميع. وفي حال عدم حصول ذلك، تصنف المؤسسة التعليمية بأنها مخالفة، ما يسمح للعامل أو الموظف بتقديم شكوى أمام القضاء، ويمكن أن يدعم قضيته بتقارير من وزارة العمل".

غضب ومطالبات بالعدالة

وفاة المعلمة ربي خلّفت ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل، ونكأت جراحاً قديمة ورفعت الصوت مجدّداً لرفع الحيف والظلم عن المعلمين والمعلمات وإحقاق العدالة، عبر تداول وسم (هاشتاغ) "#بدنا_حق_ربى، وكلنا ربى".

وتقول المعلمة هديل البطوش: "داومت في مدرسة خاصة أسبوعين وتركتها، قصدي هجّيت بسبب الضغط النفسي والتوتر، ضغط على المعلم في الشغل والتحضير والتدريس وساعات العمل مقابل راتب زهيد، فضلاً عن غياب الأمان الوظيفي. فوق ما الحياة صعبة وبيستغلوا حاجة الناس".

بدورها غرّدت الصحافية سمر حدادين على "تويتر": "بعض المدارس الخاصة تحوّلت إلى دكاكين تتاجر بالعلم، ضحاياها الطلبة والمعلمون والمعلمات، ربى مثال حيّ على ذلك".

أما جهاد العنزي فكتب: "العبودية والإذلال موجودين ليومنا هذا واللي يقول غير هالكلام منافق، 30 يوم إذا حسبنا نصف يوم عمل من كل يوم 350 ساعة تقريباً هل يعُقل يا بشر 350 ساعة عمل متواصل فقط بـ 140 ديناراً! وين المسؤولين عن هالظلم والعبودية واستغلال حاجة الناس. الله يرحم ربى ويغفر لها".