وعود بتقديم المساعدات لمتضرري الزلزال شمال غربي سورية دون تحرك ملموس

وعود بتقديم المساعدات لمتضرري الزلزال شمال غربي سورية دون تحرك ملموس

07 فبراير 2023
الحاجة ماسة لدعم المتضررين في سورية (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي بدأت فيه المساعدات الدولية وفرق الإنقاذ بالوصول إلى تركيا منذ يوم أمس الإثنين لمساعدة المؤسسات التركية على مواجهة كارثة زلزل كهرمان مرعش الذي ضرب جنوبي تركيا وأثّر بشكل كبير على شمال غربي سورية ومحافظات أخرى، فإن الشمال السوري لا يزال ينتظر دخول المساعدات إلى مناطقه الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية لمواجهة الكارثة، لا سيما أن المنظمات والهيئات هناك تعمل على الاستجابة بجهود وإمكانيات متواضعة وضعيفة. 

وقدّمت حوالي 45 دولة مساعدتها لتركيا، في حين بدأت بعض المساعدات بالوصول إلى هناك سواء عبر الدعم العيني أو الفرق المختصة بعمليات الإجلاء والإنقاذ ورفع الأنقاض، فيما لا تزال المؤسسات المحلية في شمال غربي سورية، لا سيما متطوعو منظمة الدفاع المدني "الخوذ البيضاء"، تعمل دون توقف منذ أكثر من 24 ساعة لإنقاذ ما يمكنها إنقاذه من مئات العالقين تحت الأنقاض وركام المنازل المدمرة جراء الزلزال بين ريفي حلب وإدلب. 

وقال رائد الصالح مدير الدفاع المدني لـ "العربي الجديد"، إنه لم يتم تقديم أي مساعدات دولية، لا للدفاع المدني ولا غيره من المنظمات المعنية بالإغاثة والإنقاذ وحتى القطاع الصحي. مضيفاً: "فرقنا تواصل عمليات البحث باستخدام احتياطاتها من المحروقات، فيما نعاني النقص الحاد بالمعدات الثقيلة والآليات". 

الصورة
زلزال شمال غرب سورية (عامر السيد علي)
الحاجة ماسة للإسراع في تقديم المساعدات (عامر السيد علي)

وناشد الصالح المجتمع الدولي الإسراع لتقديم المساعدة للمنظمة والقطاع الطبي في شمال غربي سورية، قائلا: "يجب على المساعدات الدخول بأسرع ما يمكن، كل ثانية أسرع ربما تفيد في إنقاذ إنسان لا يزال تحت الأنقاض، أو مصاب بحاجة لتقديم الإسعاف العاجل". 

الصورة
زلزال شمال غرب سورية (عامر السيد علي)
إمكانيات محدودة وضعيفة لفرق الدفاع المدني (عامر السيد علي)

من جهته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، فجر الثلاثاء، التزام المنظمة الأممية التام بدعم جهود الاستجابة لكارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية. وأشار إلى أن فرق الأمم المتحدة موجودة على الأرض لتقييم الاحتياجات وتقديم المساعدة. 

وتابع: "نعتمد على المجتمع الدولي لمساعدة آلاف الأسر المتضررة من هذه الكارثة، والذين كان العديد منهم بالفعل في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية في المناطق التي يصعب الوصول إليها". 

فيما قال مسؤول كبير في الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، إن الأضرار التي لحقت بالطرق ونقص الوقود والطقس الشتوي القاسي في سورية، كلها عوامل تعرقل استجابة الوكالة لزلزال يوم الإثنين الذي أودى بحياة المئات وترك الملايين في حاجة إلى المساعدة. 

لكن الأمم المتحدة يمكنها التحرك بسرعة لدعم الجهود المحلية لمواجهة الكارثة، لا سيما عبر معبر باب الهوى شمالي إدلب والحدودي مع تركيا، ذلك أن المعبر مفتوح بقرار من الأمم المتحدة لإدخال المساعدات عبر الحدود وفقاً لما صوت عليه مجلس الأمن الشهر الماضي، عند تجديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود. 

وقال رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، سالم المسلط، في بيان أمس، إنه من أجل تخفيف آثار الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة أجرى اتصالات مباشرة مع المبعوثين الدوليين منهم المبعوث الأميركي والألماني والمبعوثة الفرنسية من أجل التحرك السريع للحد من الآثار الكارثية للزلزال. 

الصورة
متضررون بحاجة إلى دعم وتحرك سريع (Getty)

كما بعث رئيس الائتلاف الوطني، رسائل مستعجلة إلى 16 دولة شقيقة وصديقة، وأكد المسلط أن وفداً من أعضاء الائتلاف الوطني الموجودين في المناطق المحررة سيتوجه إلى المناطق المتضررة. 

وأضاف المسلط، أن الائتلاف الوطني قام بتوجيه نداء عاجل للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية بتدخل إسعافي وفوري لتخفيف آثار الزلزال المدمر في قرى وبلدات شمال سورية، ولفت المسلط إلى أنه أجرى اتصالاته مع الدفاع المدني السوري من أجل إنقاذ العالقين تحت الأنقاض. 

من جهته، أشار عبد المجيد بركات عضو الهيئة السياسية في الائتلاف، إلى أن الائتلاف شكل لجنة طوارئ منه ومن كل من وزارات الصحة والداخلية والإدارة المحلية بالحكومة السورية المؤقتة التابعة للمعارضة، بالإضافة لـ "وحدة تنسيق الدعم" والدفاع المدني "الخوذ البيضاء". 

وكشف لـ "العربي الجديد"، أن هذه اللجنة تواصلت مع عدد من الدول والمنظمات الدولية، وأن أولى الاستجابات وتقديم الوعود بالدعم جاءت من السعودية وقطر، مضيفاً: "المسؤولون في الرياض وعدوا بأن يوجهوا "مركز الملك سلمان" لتقديم الدعم والإغاثة والمساعدة، وكذلك كان الحال بالنسبة لمؤسسة "قطر الخيرية" والهلال الأحمر القطري اللذين وعدا بالقيام باللازم". 

وتابع بركات: "تلقينا وعوداً من دول أوروبية وغربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا واليابان، بالإضافة لمؤسسات الأمم المتحدة المعنية بمواجهة الكوارث وتقديم الإغاثة والدعم، لكن إلى الآن لا نعرف مدى سرعة الاستجابة والتحرك". 

وأكد بركات أنهم في اللجنة أعدوا جداول بالاحتياجات عند استقبال أي مساعدات، وخطة استجابة سريعة للتحرك ومواجهة الكارثة الكبيرة على حد وصفه. 

بدوره قال رئيس مكتب العلاقات الخارجية للائتلاف الوطني، عبد الأحد صطيفو، إنه تم التواصل منذ صباح يوم أمس من قبل الائتلاف والحكومة المؤقتة مع المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها ومع ممثلي الدول منها بعض الدول العربية والولايات المتحدة وإنكلترا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، موضحا أنها كلها وعدت بتفعيل برامج طارئة لفرق إنقاذ ودعم طبي وصحي وغذائي، سيتم تنفيذها عبر أنظمة عمل هذه المنظمات الدولية ومراكز إيواء، معظم هذه الدول بدأت بإرسال فرق أو مساعدات إلى تركيا.

وكانت "وحدة تنسيق الدعم" (ACU) أكدت في بيانٍ لها يوم أمس الإثنين، أن عدد الأبنية المدمرة ﻓﻲ مناطق سيطرة المعارضة السورية، شمال غربي سوریة، بشكل کلي بلغ 600 بناء، فيما بلغ عدد الأبنية المدمرة بشكل جزئي 1627 بناء، لافتةً إلى أن عدد العائلات المتضررة من هذا الزلزال بلغ أكثر من أحد عشر ألف عائلة باتت بلا مأوى. 

ولفتت الوحدة إلى أن أهم وأبرز الاحتياجات الطارئة لمناطق شمال غربي سورية، هو فتح جسر جوي بین جنوب ترکیا وشمال غربي سورية لنقل الإصابات الحرجة إلى ترکیا وإيصال المساعدات الطبیة بشكل عاجل، بالإضافة لتأمين 4983 خيمة لإيواء العائلات التي فقدت المأوى، و24915 فرشة وبطانية وتوزیع لباس شتوي على العائلات المتضررة، ﻋلى اعتبار أنها ترکت المأوى دون أن تتمکن من التزود باللباس ﻓﻲ الظروف الجوية الباردة جداً، بالإضافة لتوزيع 61 ألف وجبة غذائية بشكل يومي من خلال مطابخ متنقلة تزود بوجبات ساخنة. 

كما طالبت الوحدة بتأمين 1458300 لتر من وقود التدفئة، وهو ما يكفي حاجيات العائلات المتضررة لشهر واحد، وتأمین مراکز إيواء مجهزة بالتدفئة ومواد المأوى، البطانیات والفرشات، وفتح المدارس والمعاهد وتجهيزها بشكل عاجل لإيواء المتضررين مؤقتاً بالتنسيق مع القائمين ﻋلى العملية التعليمية، ودعم المشاﻓﻲ ومراكز التبرع بالدم لإسعاف الجرحى وإنقاذ الأرواح. 

على صعيد التصريحات، ذكر البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن أعطى توجيهات بتقديم المساعدات إلى المتضررين في كل من تركيا وسورية، وأكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أن الولايات المتحدة ستتعاون مع المؤسسات السورية الشريكة في مناطق سيطرة المعارضة لتقديم الدعم، غير أن المساعدات الأميركية بدأت بالوصول إلى تركيا، دون أن ترد أي أنباء عند دخولها مناطق شمال سورية، أو حتى الإعلان عن نوع المساعدات التي تقدم إلى هذه المناطق التي تعرضت للدمار بشكل كبير. 

من جهته، قال الناشط السياسي السوري، خالد أبو صلاح، إن الكارثة الحالية تحتاج لتدخل دولي عاجل، لا يمكن ترك مئات السوريين يموتون تحت الأنقاض ومن نجا منهم يعيش في العراء.  

واقترح في حديث لـ "العربي الجديد" أنه "نظرا للظرف السياسي الخاص لشمالي غربي سورية، يجب أن يتم هذا التدخل بتوافق دولي على إرسال بعثات عسكرية للقيام بأعمال البحث والإنقاذ، وتقديم المساعدات الطبية والمعيشية العاجلة". 

الصورة
الحاجة ماسة وملحة لتضامن دولي (Getty)

وأوضح: "بالإمكان الاستعانة بقاعدة (إنجرليك) التركية، تتبع للتحالف الدولي والولايات المتحدة، لتكون محطة للجسر الجوي باتجاه سورية، من ثم نقل هذه المساعدات والطواقم بريا إلى شمال سورية، أو أن تكون أربيل هي مقر هذا الجسر الجوي ومن ثم التنسيق مع الولايات المتحدة وتركيا لتمرير المساعدات برا إلى شمال غربي سورية.  

وتابع: "نحتاج حاليا لصوت أشقائنا العرب وفي مقدّمِهم قطر والمملكة العربية السعودية والكويت لتحريك هذا المسار دوليا، وتشجيع الدول المانحة على الانخراط فيه". مضيفاً: "لا يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى عاجزا عن إيجاد حلول فعالة لإنقاذ من يمكن إنقاذهم شمال سورية. أشقاؤنا العرب هم أملنا لإنقاذ من تبقى على قيد الحياة والتعامل مع هذه الكارثة". 

وفي آخر إحصائية للأضرار والضحايا في شمال غربي سورية، قال الدفاع المدني إن حصيلة ضحايا الزلزال لأكثر من 790 حالة وفاة وأكثر من 2200 مصاب والعدد مرشح للارتفاع بشكل كبير بسبب وجود مئات العوائل تحت الأنقاض، وأشار إلى أن حصيلة المباني المدمرة بلغت أكثر من 210 بشكل كامل، وأكثر من 520 بشكل جزئي، وآلاف الأبنية والمنازل تصدعت بسبب الزلزال، مشيراً إلى أن عمليات البحث مستمرة منذ أكثر 30 ساعة وسط صعوبات كبيرة، واستمرار الهزات الارتدادية. 

المساهمون