واقع الدواء يتحسّن في سورية... تطلّعات للمستقبل

13 يناير 2025
أمام صيدلية في السويداء، 29 ديسمبر 2024 (بكر السالم/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بعد سقوط نظام الأسد، شهد القطاع الصحي في سوريا تحسناً في توفر الأدوية مع استئناف أكثر من 100 معمل لإنتاج الأدوية الأساسية، رغم استمرار ضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
- تعمل وزارة الصحة السورية مع منظمات محلية ودولية لتأمين الأدوية والمستلزمات الطبية، مع استلام مساعدات من دول عربية مثل السعودية، وتسعى لدعم مصانع الأدوية المحلية.
- رغم التحسن، لا تزال الأوضاع المعيشية تشكل عائقاً، حيث يحتاج أكثر من 15 مليون شخص إلى رعاية صحية، وتواجه المرافق الصحية تحديات بسبب الأضرار ونقص التمويل.

يواجه القطاع الصحي في سورية منذ فترة طويلة تحديات مستمرة خاصة بتوفر الدواء، بتأثير الحرب والأزمات المتلاحقة منذ عام 2011، وطالت الانعكاسات الحتمية للأوضاع الصعبة الخاصة بتوفر الأدوية والمستلزمات الطبية شريحة كبيرة من المرضى. 
وفي الأسابيع القليلة التي تلت سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ الأول الماضي تحسّنت الأوضاع الخاصة بتوفر الأدوية. وأشارت بيانات رسمية إلى أن أكثر من 100 معمل لإنتاج الأدوية الأساسية استأنفت العمل، وأكدت أن النقص الحالي في الأدوية يقتصر على أنواع يجري العمل لتوفيرها.
يقول الدكتور إبراهيم وليد الحساني، الذي يشرف على الرقابة والبحوث الدوائية والمختبرات والشؤون الصيدلانية في وزارة الصحة في الحكومة الحالية، لـ"العربي الجديد": "ليس دقيقاً أبداً ما يُثار عن وجود نقص شديد في الأدوية الأساسية. فعلياً يشهد قطاع الأدوية تطوراً ملحوظاً في الوقت الحالي، حيث يوجد أكثر من 100 معمل تُنتج جميع الأنواع الأساسية، وتلك الخاصة بعلاج الأمراض المزمنة والهرمونية والسرطان والأنسولين، ومحاليل غسيل الكلى، والسيرومات". 
يتابع: "نفذنا منذ اليوم الأول لتحرير مدينة حلب جولات لمراقبة معامل الأدوية التي استأنفت غالبيتها العمل بعدما سمحت حالتها الفنية بذلك، باستثناء بعضها التي تعرضت لقصف. وحالياً تعتبر سلاسل الإمداد جيدة ومتوفرة، لكن القدرة الشرائية للمواطنين لا تزال ضعيفة".
يتابع: "إلى ذلك تعمل وزارة الصحة على تأمين احتياجات ومتطلبات المستشفيات، خصوصاً أدوية الإسعاف. وقد أعدت الوزارة قوائم بالأدوية الناقصة بالتعاون مع المنظمات التي تتعامل مع وزارة الصحة. أيضاً تعمل وفود عربية وأجنبية لجلب أدوات طبية وأدوية".

15 مليون شخص في حاجة ماسة إلى رعاية صحية في سورية

ويوضح الحساني أن "الأدوية التي تشهد نقصاً في السوق هي أنواع خاصة بأمراض السرطان وأخرى للمناعة. ونحن نعمل لتوفيرها في شكل عاجل للمرضى من خلال التواصل مع المنظمات المحلية والعالمية. وقبل المعركة الأخيرة التي أسقطت نظام الأسد عملنا في حكومة الإنقاذ لشراء أدوية للسرطان. وحالياً يجري تقديمها في شكل مجان للأهالي".
وبالنسبة إلى الأدوية المخدرة، يتحدث الحساني عن أن "النقص في بعض الأنواع يرتبط بالعقوبات المفروضة على سورية. ويجري التواصل مع دول الجوار ومنظمة الصحة العالمية لإيجاد حل عاجل لهذه المشكلة. وقد وصلت بعض المساعدات الطبية إلى سورية أخيراً، والتي حملت أجهزة ولوازم وبعض الأدوية من دول عربية، منها السعودية".

توزيع أدوية في مستوصف بالغوطة في 31 مايو 2016 (عبد المنعم عيسى/ فرانس برس)
توزيع أدوية في مستوصف بالغوطة. 31 مايو 2016 (عبد المنعم عيسى/فرانس برس)

ويؤكد الحساني أن وزارة الصحة تعمل في شكل حثيث لدعم مصانع الأدوية من أجل تحقيق معايير التصنيع الجيد، ويقول: "حصلنا على مجموعة عروض لتصدير الأدوية إلى دول عربية، ونعمل لإدخال أدوية إلى السوق الخليجية قريباً".
ويقول المواطن حسام الحميد الذي يُقيم في دمشق، لـ"العربي الجديد": "كانت أدوية مثل الإنسولين نادرة في الصيدليات، ويصعب الحصول عليها على غرار أنواع خاصة بالضغط. وحالياً تتوفر الأدوية، ولم يعد هناك أزمة حقيقية كما في السابق. وعموماً لا يمكن المقارنة بين فترة ما قبل سقوط النظام والفترة الحالية على صعيد توفر الأدوية".
ويتطلع المواطن محمود فتوح الذي يقيم في دمشق أيضاً، إلى وجود دعم حكومي لأصحاب الأمراض المزمنة بشكل فعلي، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا يزال الوضع المعيشي صعباً، ونتمنى أن نحصل على مساعدة في تأمين بعض الأدوية. في السابق كنت أجلب على أدوية من خلال توصية صيدليات، أما في الوقت الحالي فأصبحت متوفرة، ولم أعد مضطراً لذلك".

ويفيد تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية في مايو/ أيار الماضي بأن تفشي الأمراض في شكل متكرر في سورية، والجفاف الطويل، والأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، وانعدام الأمن الغذائي، عوامل تساهم في ارتفاع معدلات الوفيات والمرض وزيادة الاحتياجات الإنسانية.
ورغم التحسّن الملحوظ في توفر الأدوية لا تزال الأوضاع المعيشية عائقاً أمام السكان في توفير الأدوية، ما يتطلب المزيد من السعي الحكومي والتعاون مع المنظمات الدولية لضمان استمرار الخدمات الصحية.
وتقول منظمة الصحة العالمية بأن أكثر من 15 مليون شخص في حاجة ماسة إلى رعاية صحية في سورية، ومن بينهم ملايين السوريين النازحين داخلياً. تعرضت معظم المرافق الصحية لأضرار، وتجاوزت قدرتها على استقبال المرضى، أو ببساطة تعاني من نقص التمويل". وشددت على أن المنظمة العالمية وسعت قدرة المستشفيات العاملة بسبب العدد الكبير من المصابين الذين يحتاجون إلى رعاية".

المساهمون