هل يمكن علاج كورونا بالطرق البسيطة؟

هل يمكن علاج كورونا بالطرق البسيطة؟

27 مارس 2021
استخدامنا هذه المكمّلات يوحي بتوقنا إلى عالم أبسط (إيلينا بوبوفا/Getty)
+ الخط -

سلّط فيليب بول، وهو كاتب علمي، في تقرير له نُشر في صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، الضوء على ما علّمتنا إياه جائحة فيروس كورونا للوقاية منه. وتناول الكاتب كيفية مقاربة الناس لإيجاد علاج فعّال لكوفيد-19 بطرق بسيطة، كتناول أقراص فيتامين (د)، أو تناول فيتامينات تحتوي على الزنك وغيرها.

يقول الكاتب: "ما تداوله الناس من قصص حول مكافحة الفيروس ربما فيها جزء من الصحة، لكن من ناحية أخرى، للموضوع جذور تاريخية، كما أنّ فائدته ليست مضمونة".

وبحسب التقرير، فلو كان الفيروس التاجي قد ضرب في العصور الوسطى، لكان وُجد له علاج سريع. إذ كان من الممكن أن يحصل الأشخاص أو المرضى على العلاجات من الصيدليات مقابل مبلغ كبير من المال. فخلال تلك الفترة، كانت العديد من الأمراض تُعالج بطرق مختلفة، حتى تلك الجديدة على المجتمع، منها الصرع، عسر الهضم، اضطراب القلب، التورمات، والحمى بأنواعها. وغالباً ما كانت تبقى هذه الوصفات العلاجية سرية، ومنها ما كان يشتمل على لحم الأفاعي، أو زيت الثعبان، أو تناول السكر للوقاية من الأمراض.

في العصر الروماني، يُزعم أنّ ماركوس أوريليوس- فيلسوف وامبراطور روماني- كان يأخذ جرعة احترازية كلّ يوم من السكر للوقاية من الأمراض. بالطبع، كان ذلك عديم الفائدة تماماً، بصرف النظر، ربما، عن زيادة السكر في أوقات الحرمان من السعرات الحرارية، لكن هذه الأمثلة تشهد على الرغبة الطويلة في علاج كل شيء.

لن يُفاجأ أيّ مؤرّخ للطب بالعلاجات الزائفة أو المشكوك فيها التي يتمّ الترويج لها لمحاربة فيروس كورونا، من مكملات الزنك إلى الهيدروكسي كلوروكين، حتى اقتراح الرئيس السابق للولايات المتحدة، دونالد ترامب، حقن الأشخاص بالمعقّمات للوقاية من الفيروس والقضاء عليه.

ووفق الكاتب، فقد تبدو هذه خيارات معتدلة مقارنةً ببعض التدخلات الطبية التي تمّت تجربتها في الماضي، والتي تضمّنت خلطات من الزئبق وحمض الكبريتيك.

كما يوحي استخدامنا، الآن، لهذه المكمّلات، بأنّ بعض العلاجات الشاملة تعتمد على توقنا لعالم أبسط، حيث يمكن حلّ جميع المشاكل بضغطة زرّ أو ملعقة من السكر. إنهم يأتون من عصر كان يُعتقد فيه أنّ صحة الإنسان بأكملها تتضمّن موازنة عناصر جسدية وروحية معاً. كانت هذه الثقة في البساطة "لاهوتية في الأساس: أيّ إله مجنون كان سيجعل العالم معقداً كما هو الآن؟".

لكن الطبّ يسير بخط رفيع في بحثه عن العلاج. أثبتت العلاجات التي تعتمد على الأعشاب التقليدية، التي يستخدمها السكّان الأصليون، أنها تعتمد أحياناً على المكوّنات الطبيعية النشطة بفعالية حقيقية. هذا حقيقي نسبياً، إذ تمّ تطوير الأسبيرين، مثلاً، من مستخلص من الصفصاف. كما استخرج العالم تو يويو ، الحائز على جائزة نوبل عام 2015، مادة الأرتيميسينين المضادة للملاريا من خلال دراسته لعلاج صيني تقليدي باستخدام أعشاب مثل "الشيح".

على الرغم مما يطمح إليه علم تطوير الأدوية والعقاقير في أن يكون حرفة عقلانية تعمل على تطوير الأدوية عن طريق التصميم، إلاّ أنه لا يزال العثور على العديد من هذه المكوّنات من خلال التجربة والخطأ المستنير أمراً مقبولاً لدى العامة.

تجارب متعددة

وفق فيليب بول، هذه الأسباب جعلت الاختبارات الأخيرة حول فيتامين (د) على سبيل المثال،كعلاج يعزّز المناعة ضدّ فيروس كورونا، أمراً يستحق التجربة. لم تجد الاختبارات، التي أجراها فريق في البرازيل على مرضى كوفيد-19 (قياساً بمدّة مكوثهم في المستشفى)، أيّ فائدة يمكن ذكرها للذين تناولوا فيتامين (د). ومع ذلك، من الصعب الشك في أنّ العلاج المحتمل من مثل هذه المادة الشائعة يبدو دائماً جيداً بدرجة يصعب تصديقها.

الأمر نفسه ينطبق على تجارب الإيفرمكتين، وهو دواء مضاد للطفيليات مع بعض الخصائص المضادة للفيروسات أيضاً. تمّ التعرف على الإيفرمكتين في السبعينيات، ويمكنه مكافحة العدوى الطفيلية مثل قمل الرأس والجرب، ويستخدم على نطاق واسع في تربية الماشية.

نظراً لأنّه قد يكون للإيفرمكتين بعض التأثيرات المضادة للالتهابات، فمن المعقول التساؤل عما إذا كان يعمل ضدّ فيروس كورونا، حيث يتسبّب رد الفعل المناعي الالتهابي المفرط للجسم تجاه الفيروس في حدوث بعض أسوأ الأضرار. بدت الاختبارات على الحيوانات واعدة في البداية مع إعطاء الإيفرمكتين كوسيلة وقاية، مع تفاؤل عشوائي في بعض البلدان، لكن دراسة متأنية في كولومبيا أظهرت عدم فعالية ملحوظة للعقار.

أظهرت تجربة أخرى في إسبانيا أنّ الدواء قد يقلل من الحمل الفيروسي لدى مرضى كوفيد-19، وربما أيضاً يخفّف بعض الأعراض، مثل السعال. ولكن على الرغم من أنّ تلك الدراسة التجريبية الصغيرة تشير إلى أننا لسنا بحاجة للتخلي عن الإيفرمكتين تماماً حتى الآن، إلاّ أنه يبدو أيضاً أنه هناك احتمال ضئيل في أن يكون العلاج الذي كان البعض يأمل أن يكون.

يشبه تأثير إيفرمكتين، الواسع النطاق، المضاد للطفيليات تأثير المضادات الحيوية مثل البنسلين. تظهر المضادات الحيوية أنّه من الممكن لدواء واحد أن يصيب أهدافاً متعددة. ومع ذلك، لديها عيوب: فالمضادات الحيوية عشوائية، لذا فإنّ بكتيريا الأمعاء لدينا تتأثر بها أيضاً. وهكذا، تميل العوامل المضادة للسرطان إلى أن تكون قاتلة عشوائية للخلايا، ويتمثّل التحدي في منحها خصوصية "الرصاصة السحرية" التي تصيب الهدف الصحيح (الورم) من دون أن تثير الكثير من الأضرار الجانبية.

الحقيقة البسيطة هي تلك التي دعا إليها الأطباء الذين تحدّوا الأسلوب العلاجي في عصر النهضة: معظم الأمراض تميل إلى طلب أدوية معينة. هذا هو الأساس الكامل للقاحات، على سبيل المثال: إنها تسمح للجهاز المناعي بتطوير دفاعات ضدّ مسبّبات أمراض معينة من خلال تقديمها مسبقاً مع شكل غير ضار من العامل المارق. هناك أمل في إمكانية إعادة تجهيز لقاحات كورونا لجعلها فعّالة ضدّ جميع السلالات، وبالتالي هذه هي الحقيقة الواضحة أمامنا اليوم.

المساهمون