هل نجحت خوارزميات الإدارة الأميركية في عملية توزيع لقاحات كورونا؟

هل نجحت خوارزميات الإدارة الأميركية في عملية توزيع لقاحات كورونا؟

09 فبراير 2021
الهدف تسريع لقاحات فيروس كورونا وتجنب التفاوتات (Getty)
+ الخط -

عمدت الولايات المتحدة الأميركية، تحديداً بعد الإعلان عن اكتشاف لقاحات ضد فيروس كورونا إلى اللجوء إلى خوارزميات معينة، من أجل توزيع اللقاحات على الأميركيين. وعادة ما تستخدم الوكالات الصحية والمستشفيات صيغاً مختلفة لتخصيص لقاحات كورونا، مما يؤدي إلى تفاقم التفاوتات في الحصول على اللقاح.

 وفي مواجهة المهمة الشاقة المتمثلة في توزيع إمدادات محدودة من لقاحات فيروس كورونا، توصل مسؤولو إدارة  الرئيس السابق دونالد ترامب إلى صيغة العام الماضي لتبسيط توزيع اللقاحات. وبحسب الخطة الموضوعة، سيقوم المسؤولون الفيدراليون بتشغيل خوارزمية آلية لتقسيم جرعات اللقاح على الصعيد الوطني والتي تعرف باسم "تيبروس" Tiberius، بناءً على حجم السكان البالغين في كل ولاية، ثم تقرر كل ولاية كيفية توزيع اللقاحات على المستشفيات المحلية ودور رعاية المسنين والعيادات.

لكن بدلاً من تبسيط توزيع اللقاح، كما يقول خبراء الصحة العامة، زادت الخوارزمية من العبء على العديد من الولايات، بحسب ما جاء في تقرير لصحيفة نيو يورك تايمز الأميركية، إذ يتطلب وضع خطط توصيل متعددة لحصصهم الأسبوعية من لقاحي فايزر-بيونتك وموديرنا الأميركيين، وهو أمر شاق بالنسبة إلى مراكز توزيع اللقاحات.

وتقول الدكتورة ميشيل فيسكوس، المديرة الطبية لبرنامج التطعيم والأمراض التي يمكن الوقاية منها في وزارة الصحة بولاية تينيسي: "إن فريقها لجأ إلى التخطيط لتوصيل اللقاح بخريطة ورقية كبيرة للولاية، مغطاة، من خلال اعتماد خطة التخصيص لكل مستشفى على حدة، وهو أمر شاق، لكنه مفيد".

الصورة
كورونا أميركا 21 (غيتي)

 

وتعد صيغة تخصيص اللقاح الفيدرالية "تيبروس" من بين العشرات من الخوارزميات التي تستخدمها الوكالات الصحية الحكومية وأنظمة المستشفيات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، للمساعدة في تحديد مكان إرسال اللقاحات ومن يمكنه الحصول عليها.

وتهدف الخوارزميات إلى تسريع وصول لقاحات فيروس كورونا من مصانع الأدوية إلى أذرع الناس. تتبع الصيغ عموماً الإرشادات الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، والتي توصي بإعطاء الأولوية للقاحات العاملين في الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية، والمقيمين في دور رعاية المسنين، وكبار السن، وأولئك الذين يعانون من مخاطر صحية كبيرة.

ومع ذلك،فإن الوكالات الفيدرالية والولايات والإدارات الصحية المحلية والمراكز الطبية، طورت صيغ تخصيص مختلفة، بناءً على مجموعة متنوعة من الاعتبارات الأخلاقية والسياسية، لكن النتيجة، لم تكن متوافقة مع الخطة، إذ لا يزال يعاني الأميركيون من تفاوتات واسعة في الحصول على اللقاح.

الصورة
فيروس كورونا الولايات المتحدة Tayfun Coskun/Anadolu

 

على سبيل المثال، أعطت ولاية أوريغون الأولوية للمعلمين على كبار السن في  اللقاح، وهو نهج يمكن أن يساعد المدارس والشركات على إعادة فتحها، فيما وضعت مدينة نيوجيرسي المدخنين في مرتبة أعلى من المعلمين، مما قد ينقذ الأرواح.

 

أولويات متعارضة

يقول خبراء الصحة العامة "إن بعض صيغ تحديد الأولويات تتعارض بعضها أو تفرض مثل هذه القواعد الإلزامية التي تعيق التطعيمات، لذا قد لا يتمكن العديد من الأميركيين من الوصول إلى اللقاحات بحسب الخوارزمية الموضوعة"، بمعنى أن الخطط الداخلية للولايات قد تعرقل عمل الخوارزمية التي وضعتها السلطات الفيدرالية، ما يتسبب في تأخير وصول اللقاحات.

على سبيل المثال، أعطت فلوريدا وألاسكا السكان الذين يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكثر أولوية للقاح، وفيما بدأت ولاية ماساتشوستس في السماح للسكان الذين يبلغون من العمر 75 عاماً فأكثر بالحصول على اللقطات في أوائل فبراير/ شباط الجاري، تفتح ولاية أوريغون اللقاحات لأشخاص يبلغون من العمر 80 عامًا وأكثر هذا الأسبوع. وبالتالي فإن الخطط المحلية لكل ولاية تختلف عن بعضها البعض، وتتعارض مع الخوارزمية التي أطلقتها الحكومة الفيدرالية، والتي تتوزع بموجبها اللقاحات بناء على خطط مسبقة، تحدد من خلال السن، والتعداد السكاني.

تشير إيلين جودمان، الأستاذة في كلية الحقوق في جامعة روتجرز والتي تدرس كيفية استخدام الحكومات لأنظمة صنع الآلية، "إن الخوارزميات ضرورية لتخصيص اللقاحات بكفاءة، وفي المقابل، يجب على الوكالات العامة والمراكز الصحية أن تكون شفافة بشأن صيغ ترتيب الأولويات".

تنقسم صيغ تحديد أولويات اللقاح تقريباً إلى عدة مستويات: الفيدرالية والولائية والمحلية. على المستوى الأول يتم توزيع اللقاحات على الصعيد الوطني من خلال بوابة إلكترونية طورتها شركة Palantir، عملاق التنقيب عن البيانات. أما على المستوى الثاني، من خطة توزيع اللقاحات، فكانت من خلال تقسيم الجرعات، حيث يتم تلقائياً تقسيمها كل أسبوع بين الولايات الخمسين - بالإضافة إلى الأقاليم الأميركية وعدد قليل من المدن الكبرى مثل نيويورك - بناءً على عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاماً في كل مكان.

ومع ذلك، وصف بعض مسؤولي الصحة والباحثين، هذه الخوارزمية بأنها صندوق أسود. واشتكى بعض مسؤولي الصحة بالولاية من أن المنصة بدت مرهقة جداً، وأن تخصيصات الخوارزمية أسبوعاً بعد أسبوع ستجعل من الصعب التخطيط لحملات التطعيم التي تستغرق أشهراً.

من جهة أخرى، وبحسب الخبراء، تحسب خوارزمية تيبروس مخصصات اللقاحات الحكومية بناءً على بيانات من مسح المجتمع الأميركي، وهو استطلاع للأسر من مكتب تعداد الولايات المتحدة قد يقل عن عدد سكان معين - مثل المهاجرين غير المسجلين أو المجتمعات القبلية - المعرضين لخطر الفيروس.

 

على الرغم من أن خبراء الديموغرافيا قالوا "إن بيانات المسح كانت أفضل مورد متاح، إلا أنهم حذروا من أنه يمكن أن تكون فيه هوامش خطأ عالية في أصغر مستويات منطقة التعداد"، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى مشاكل في الولايات التي تستخدم "تيبروس" لتخصيص اللقاح المحلي.

بالفعل، اكتشف مسؤولو الصحة العامة في أوكلاهوما أن صيغة تخصيص اللقاح الفيدرالية بالغت في تقدير عدد الجرعات التي تحتاجها دور رعاية المسنين وأعادوا تخصيص اللقاحات للأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكبر والذين لا يعيشون في مرافق رعاية طويلة الأجل.

في المقابل، تقول بعض الولايات أيضا إنها تلقت جرعات أقل من تلك التي خصصتها لها خوارزمية تيبروس أو أن النظام الفيدرالي ألغى طلبات التطعيم دون إخطارها، كذلك حصلت بعض الولايات على جرعات لقاح إضافية - تتجاوز التخصيص المعياري القائم على السكان البالغين.

المساهمون