Skip to main content
هل لتغير المناخ دور في حدوث الفيضانات؟
العربي الجديد ــ لندن

تساهم عوامل عدة في زيادة وتيرة الفيضانات حول العالم خلال السنوات الأخيرة، منها تغير المناخ، الذي يؤدي إلى تفاقم هطول الأمطار الغزيرة، وبالتالي حدوث الفيضانات. والفيضانات هي أكثر أنواع الكوارث الطبيعية شيوعاً، وتحدث عندما يغمر فائض المياه الأراضي التي عادةً ما تكون جافة. وغالباً ما تنتج الفيضانات عن هطول الأمطار الغزيرة أو ذوبان الثلوج السريع أو موجة العواصف الناجمة عن إعصار مداري أو تسونامي في المناطق الساحلية، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وهناك 3 أنواع شائعة من الفيضانات: الفيضانات المفاجئة وتكون ناجمة عن هطول أمطار حثيثة وغزيرة ترفع مستوى المياه بسرعة، ويمكن أن تجاوز الأنهار أو الجداول أو القنوات أو الطرق؛ وفيضانات الأنهار وتكون ناجمة عن تسريع الأمطار المستمرة أو ذوبان الثلوج تجاوز النهر قدرته الاستيعابية؛ والفيضانات الساحلية وتكون ناجمة عن العواصف العاتية المرتبطة بالأعاصير المدارية والتسونامي.
وكانت نسبة تتراوح ما بين 80 و90 في المائة من جميع الكوارث الموثّقة الناجمة عن مخاطر طبيعية خلال الأعوام العشرة الماضية نتيجة الفيضانات والجفاف والأعاصير المدارية وموجات الحر الشديد والعواصف العاتية. وتزداد أيضاً وتيرة الفيضانات وشدتها، ومن المتوقع أن يستمر تواتر وشدة هطول الأمطار الغزيرة بسبب تغير المناخ.
وخلال السنوات الماضية، ارتفع عدد الفيضانات بحسب مؤسسة "statista". عام 1990، سجل 59 فيضاناً حول العالم، في مقابل 176 عام 2022، علماً أن العدد انخفض عن العام الذي سبقه، والذي سجل 222 فيضاناً. هكذا، حل العام 2021 في المرتبة الثانية لناحية أعداد الفيضانات، فيما بقي عام 2006 في الصدارة مسجلاً 226 كارثة فيضانات.
وتشير بيانات صادرة عن الأمم المتحدة إلى أن الفيضانات تتسبب في أضرار تزيد قيمتها عن 40 مليار دولار في جميع أنحاء العالم سنوياً. ويفقد أكثر من 5000 شخص أرواحهم بسببها سنوياً.

وبحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، ارتفعت منذ عام 2000 الكوارث المرتبطة بالفيضانات بنسبة 134 في المائة مقارنة بالعقدين السابقين. وتم تسجيل معظم الوفيات والخسائر الاقتصادية المرتبطة بالفيضانات في آسيا. كما زاد عدد حالات الجفاف ومدتها بنسبة 29 في المائة خلال نفس الفترة. 
من جهته، يقول المهندس البيئي غسان حكيم لـ "العربي الجديد"، إن "المناخ يلعب دوراً أساسياً في حدوث الفيضانات، إذ إن ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي يؤدي إلى زيادة عملية التبخر، وبالتالي زيادة نسبة هطول الأمطار، وهو ما ظهر جلياً في العديد من الدول". ويشير إلى أنه "في مقابل كل درجة ارتفاع بحرارة الغلاف الجوي، يحتفظ الأخير بحوالي 7 في المائة من الرطوبة. والمزيد من الرطوبة يعني المزيد من الأمطار التي قد تكون غزيرة وقصيرة ومكثفة، ما يزيد من خطر الفيضانات المفاجئة".


وبحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، من المتوقع أن تزداد مخاطر الجفاف والفيضانات والأضرار المجتمعية المرتبطة بها مع كل درجة من درجات الاحترار العالمي. بالإضافة إلى تغير المناخ، يلفت حكيم إلى عوامل عدة تؤدي إلى حدوث فيضانات، منها بناء السدود، والخزانات المائية، والتوسع الحضري، مشيراً إلى أن الكثير من المدن شيدت بطرق تزيد من حدة حدوث الفيضانات، وخصوصاً في المناطق القريبة من الأنهار.

من جهة أخرى، يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى ذوبان القمم الجليدية القطبية، الأمر الذي يشكل تهديداً كبيراً بالنسبة للبلدان والمدن الساحلية. في هذا الإطار، يشير تقرير صادر عن مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" إلى أن القارة القطبية الجنوبية  فقدت حوالي ثلاثة تريليونات طن من الجليد خلال السنوات الـ 25 الماضية، ما تسبب في ارتفاع مستوى البحار بمقدار 8 ملم. ويمكن أن يرتفع مستوى سطح البحر في المستقبل بما يصل إلى 5 أمتار، ما قد يؤدي إلى حدوث فيضانات. 
ويبدو العلماء واثقين من أن بعض أنواع الفيضانات ستزداد إذا ما استمرت انبعاثات الغازات الدفيئة بالمعدل الحالي. ويتوقع الباحثون أنه مع ارتفاع درجات الحرارة، ستصبح الفيضانات المفاجئة أكثر حضوراً، وسيكون توقيتها أقصر وقوتها أكبر. ويمكن أن تكون الفيضانات المفاجئة أكثر خطورة وتدميراً. وقد تلي الفيضانات المفاجئة حرائق غابات. ويقول عالم الأرصاد الجوية في مختبر العلوم الفيزيائية التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، أندرو هويل، إنه إذا هطلت أمطار غزيرة على الأراضي المتضررة من الحرائق، فإن سطح الأرض لا يمتص المياه بشكل فعال.