استمع إلى الملخص
- صادقت تونس على اتفاقية لإنشاء آلية للتشاور مع ليبيا والجزائر لتحسين استغلال الموارد المائية المشتركة، بهدف حماية حقوق الأجيال القادمة في ظل تزايد استغلال المياه الجوفية.
- تعتبر المياه الجوفية احتياطياً استراتيجياً لتونس، حيث تمثل ثلاثة أرباع المياه المستغلة، ويبرز التعاون الإقليمي كحل مستدام لمواجهة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
تبحث تونس مع دول الجوار آليات مشتركة لحماية حقوقها من المياه الجوفية في إطار الحلول المطروحة لأزمة الموارد المائية التي تعاني منها البلاد منذ سنوات نتيجة الجفاف. حيث تشترك تونس باثنتين من أكبر طبقات المياه الجوفية في العالم، مع ليبيا والجزائر.
وتعد الخزانات العميقة واسعة النطاق التي تحتوي على المياه الأحفورية من المخزونات الاستراتيجية للماء في تونس التي يطالب المختصون بحمايتها وحسن استغلالها للحفاظ على حقوق الأجيال القادمة من الثروة المائية في ظل تتالي سنوات الجفاف. وصادقت تونس نهاية الأسبوع الماضي على اتفاقية إنشاء آلية للتشاور حول المياه المشتركة على مستوى الصحراء الشمالية بين ليبيا وتونس والجزائر. والجمعة، صدر أمر بالجريدة الرسمية، ينص على المصادقة على الاتفاقية المحدثة لهذه الآلية والتي تم توقيعها في الجزائر في إبريل/نيسان 2024.
مليون متر مكعب من المياه الجوفية
واعتبر الخبير في التنمية والمياه، حسين الرحيلي، أن "تأييد اتفاق إبريل/نيسان بشأن حسن استغلال المياه الجوفية المشتركة بين تونس وجارتيها الجزائر وليبيا أمر مهم لأزمة المياه الدائمة في تونس"، مضيفا لـ"العربي الجديد" أن "المائدة المائية المشتركة بين البلدان الثلاثة تمتد على مساحة 1 مليون كلم مربع، وتقدر بنحو 60 ألف مليار متر مكعب، بحسب مرصد الساحل والصحراء، موزعة بين 70% في الجزائر و10% في تونس و20% في ليبيا". ويغطي نظام طبقات المياه الجوفية في الصحراء الكبرى، الشمالي الغربي، أكثر من مليون كيلومتر مربع، منها 700 ألف كيلومتر مربع في الجزائر و80 ألفا في تونس و250 ألفا في ليبيا.
وأشار الرحيلي إلى أن "سعي تونس لحماية حصتها من المياه الجوفية وحسن إدارة هذه الموارد الهامة يأتي في إطار الخطة العلاجية لنقص الموارد المائية التي فرضتها الظروف المناخية"، مضيفا: "كان يفترض أن تعتمد تونس منذ سنوات خطة وقائية لهذه الأزمة التي ظهرت بوادرها منذ التسعينات"، لافتا إلى أن "سنوات الجفاف تسببت في استغلال مكثف للموارد الجوفية، ما أدى إلى ارتفاع نسبة ملوحتها ونضوب العديد من العيون المرتبطة بها".
ومع ذلك، يقول الرحيلي إن المياه الجوفية تظل أحد أهم الاحتياطات الاستراتيجية للمياه في البلاد، ويمكن استغلالها في استعمالات زراعية ومنزلية وصناعية وفق تأكيده، ويزيد الضغط على استغلال المياه الجوفية بحسب الرحيلي بسبب نقص المياه السطحية وتراجع مخزونات السدود التي وصلت نسبة تعبئتها إلى 24% من طاقتها الإجمالية. وأفاد الرحيلي بأن ثلاثة أرباع المياه المستغلة في تونس هي مياه جوفية باطنية، غير مرئية، مشددا على أهمية مراقبتها وحسن إدارتها. ويرى الرحيلي أن المياه الجوفية هي صمام الأمان لجميع الأنشطة الاقتصادية في تونس، مشددا على ضرورة بحث مشاريع مشتركة مع دول الجوار لحسن إدارتها.
وتعاني تونس من آثار شحّ مائي طيلة السنوات الأخيرة بسبب ضعف الإيرادات من الأمطار، مع تراجع كبير في مخزون السدود من المياه، والذي بلغ مستويات حرجة وغير مسبوقة، في ظلّ بلوغ الحرارة درجات قياسية خلال صيف 2024، ما ساهم في تبخر كميات هامة من مياه السدود. وأدى الجفاف إلى إثارة ملف إدارة المياه الجوفية الذي كان محور اجتماعات ثلاثية جمعت بمقر وزارة الفلاحة الجزائرية في إبريل الماضي وزراء الزراعة بتونس وليبيا والجزائر. وأعقب الاجتماع بيان تضمن جملة من المخرجات من ضمنها اتفاق قادة الدول الثلاث على "تكوين فريق عمل مشترك لصياغة آليات لإقامة مشاريع واستثمارات كبرى مشتركة، والتعجيل بتفعيل الآلية المشتركة لاستغلال المياه الجوفية المشتركة في الصحراء الشمالية".