هذه هي متلازمة القلب المنكسر

هذه هي متلازمة القلب المنكسر

23 يونيو 2021
أعراض المتلازمة تشبه إلى حدّ كبير أعراض النوبة القلبية (Getty)
+ الخط -

 

توصّلت دراسة علمية جديدة إلى تحديد ماهية الأسباب المؤدية إلى متلازمة القلب المنكسر أو متلازمة تاكوتسوبو التي يعود الفضل في اكتشافها إلى مجموعة من الخبراء في اليابان في عام 1990. وتشير صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية إلى أنّ علماء اقتربوا من معرفة سبب وفاة أشخاص يعانون من متلازمة القلب المنكسر، إذ كشفت دراسة أنّ هذه المتلازمة متأتية من الإجهاد طويل الأمد إلى جانب التعرّض إلى حادثة مفاجئة، سواء أكانت سارّة جداً أو مفجعة. يُذكر أنّ متلازمة القلب المنكسر تحدث في الغالب بعد حادثة شديدة الوقع على الفرد، ويمكن أن يشمل ذلك وفاة أحد الأحباء أو تشخيصاً طبياً لمرض يهدّد الحياة أو خسارة مبالغ كبيرة من المال أو فسخ علاقة عاطفية، بالإضافة إلى أحداث أخرى.

ووفق الخبراء في جامعة "إمبيريال كوليدج لندن"، فإنّ أعراض متلازمة القلب المنكسر تشبه إلى حدّ كبير أعراض النوبة القلبية، ويمكن أن تشمل ألماً في الصدر وضيقاً في التنفّس. وفي إمكانها أن تتسبّب في مجموعة من المضاعفات التي قد تؤثّر على صحة الإنسان. ووفق الدراسات الإحصائية، فإنّ هذه المتلازمة تطاول نحو 2500 شخص في المملكة المتحدة سنوياً. وأكثر ما يلفت الانتباه في هذه الدراسة، هو أنّ النساء هنّ أكثر عرضة للإصابة بهذه المتلازمة، خصوصاً بعد انقطاع الطمث لديهنّ بسبب التغيّرات الهرمونية في أجسامهنّ.

وفي الدراسة التي موّلتها مؤسسة القلب البريطانية ونُشرت في مجلة "كارديوفاسكولر ريسرتش"، بيّن الخبراء أنّ ثمّة جزيئَين من الخلايا "ميكرو آر إن إيه-16" و"ميكرو آر إن إيه-26 إيه" يكونان عادة على ارتباط وثيق بزيادة مستويات التوتّر لدى الإنسان، وهما اللذان يزيدان من احتمالات الإصابة بالمتلازمة. وفي أثناء الاختبارات، فحص الخبراء خلايا قلب بشرية وأخرى عائدة إلى فئران، ثم قاسوا كيفية استجابتهم للأدرينالين بعد التعرّض للجزيئَين. ولاحظوا أنّ الخلايا التي عولجت بالجزيئَين كانت أكثر حساسية على الأدرينالين وأكثر عرضة للإصابة بفقدان الانقباض. يُذكر أنّ هذَين الجزيئَين يرتبطان عادة بالاكتئاب والقلق وزيادة مستويات التوتر، الأمر الذي يشير إلى أنّ الإجهاد طويل المدى الذي تتبعه صدمة دراماتيكية يمكن أن يؤدّي إلى ظهور متلازمة القلب المنكسر.

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور ليام كوش بحسب ما نقلت عنه صحيفة "ذي غارديان" إنّ "مرضى تاكوتسوبو يعانون من انخفاض نسبة الانقباضات في الجزء السلفي من القلب، في مقابل ارتفاع الانقباضات في الجزء العلوي، وهو ما يتسبّب في وقوع وفيات مفاجئة". ويرى أنّ "الإجهاد طويل الأمد يتسبّب في استجابة سريعة تؤدّي إلى متلازمة تاكوتسوبو الدراماتيكية". وعلى الرغم من ذلك، فإنّ المشكلة بحسب ما يوضح "تكمن في أنّه من غير الممكن، في الوقت الحالي، تشخيص متلازمة تاكوتسوبو لدى المرضى قبل حدوثها. وهو ما يجعل من الصعب اختبار ارتفاع مستوى هذَين الجزيئَين في الحياة الطبيعية أم أنّ ذلك يحدث بعد التعرّض إلى حادثة مفاجئة". وبحسب وجهة نظره، فإذا "تمكّن العلماء من معرفة أو اكتشاف هذَين الجزيئَين قبل الإصابة بالمرض، فقد يساعد ذلك نظرياً في التقليل من الوفيات".

من جهته، يصف أستاذ علم العقاقير الخاصة بأمراض القلب في "إمبريال كوليدج لندن" سيان هاردينغ متلازمة القلب المنكسر، بأنّها "أحد أخطر أمراض القلب، لأنّها لا تأتي بشكل واحد بين البشر، بل هي تصيب أشخاصاً معيّنين دون سواهم، الأمر الذي يجعلهم أكثر عرضة لأيّ صدمة عاطفية مفاجئة".

بدوره، لا يخفي البروفسور متين أفكيران قلقه من تداعيات هذه المتلازمة، إذ يرى أنّ "الإصابة بها قد تؤدّي إلى الوفاة، ما يجعل الأمر يبدو كارثياً". ويشير إلى أنّ "الدراسة هذه ليست خطوة حاسمة لفهم هذا المرض الغامض، لكنّها قد تكون أداة مساعدة للبحث أكثر". ويوضح بحسب "ذي إندبندنت": "نحن الآن في حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد ما إذا كانت الأدوية التي تمنع هذَين الجزيئَين من التأثير على القلب تساعد في تجنّب هذا المرض".

وفي تعليق على دراسة خبراء "إمبريال كوليدج لندن"، يقول جويل روز، وهو الرئيس التنفيذي لجمعية "كارديو مايوباثي" الخيرية في المملكة المتحدة، إنّ ما قدّمته الدراسة من شأنه أن يساعد في "بناء رؤية جديدة ومهمّة حول شكل أقلّ شيوعاً وغير مفهوم من اعتلال عضلة القلب". يضيف أنّ "لدى هذه الدراسة القدرة على تحسين فهمنا لمن قد يكون أكثر عرضة لتطوير متلازمة القلب المنكسر، وبالتالي تحسين قدرتنا على إدارة تأثيرها".

المساهمون