نقص حاد في بنوك الدم السورية وحملات للتبرع

11 يناير 2025   |  آخر تحديث: 15:48 (توقيت القدس)
سوري يتبرع بالدم في دمشق.27 ديسمبر 2024 (بكير قاسم/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت محافظة السويداء استجابة كبيرة لنداء بنك الدم بسبب نقص حاد في المخزون، نتيجة تراجع أعداد المتبرعين وزيادة الطلب على الدم بسبب الأحداث الدامية والحوادث.
- الأزمة في بنوك الدم ليست جديدة، وتفاقمت بعد إلغاء إلزامية التبرع، مما أثار مخاوف من فساد وبيع الأرصدة في السوق السوداء، ودفع مراكز العلاج لمطالبة المرضى بتأمين الدم بأنفسهم.
- الوضع مشابه في مدن أخرى، ويطالب الناشطون بتدخل وزارة الصحة لتنظيم حملات توعية وتسهيل التبرع، مع دعوات لإعادة فرض التبرع كحل للأزمة.

لبى مئات المواطنين في محافظة السويداء جنوبي سورية، الأربعاء الماضي، نداء أطلقه بنك الدم في المحافظة، للتبرع بالدم من جميع الزمر، لضمان استمرار تقديم خدماته للمرضى والمصابين والحالات الطارئة، بعد أن عانى خلال الفترة الأخيرة من نقص حاد في رصيد الدم المتوفر، شأنه شأن بنوك الدم في بقية المحافظات السورية.
وحول أسباب الأزمة، يقول المسؤول عن تسيير بنك الدم في السويداء، مهند حاطوم، لـ"العربي الجديد"، إن "النقص الحاصل يعود إلى أسباب عديدة، أهمها تراجع أعداد المتبرعين بشكل كبير بسبب إلغاء ورقة التبرع بالدم من الإجراءات الحكومية، والتي كانت تدفع كثيرين للتبرع، إضافة إلى الأحداث الدامية التي شهدتها البلاد في الفترة التي سبقت سقوط النظام، والتي خلفت الكثير من الإصابات، وزيادة الطلب على الدم بسبب الحالات المرضية الناتجة من الحروق والإصابات التي رافقت العمليات العسكرية، وما تلاها من حوادث، على غرار الحريق الذي طاول محطة وقود ثكنة القلعة، والذي راح ضحيته سبعة مدنيين، وخلف عدداً كبيراً من المصابين".
ويشير حاطوم إلى أن "أكثر الفئات التي تأثرت من جراء نقص رصيد الدم هم مرضى الأنيميا واللوكيميا، والذين يحتاجون إلى نقل الدم بشكل دوري للحفاظ على حياتهم. الحملة التي أطلقها ناشطون بالشراكة مع بنك الدم كان لها أثر إيجابي، إذ استطاعت الفرق الطبية تأمين مخزون جيد من كل الزمر نتيجة تجاوب المواطنين، والكميات التي تم التبرع بها ستكفينا لفترة، وسوف يتم إرسال فرق متنقلة إلى المدن الفرعية في السويداء لتأمين المزيد".
وكشف مصدر طبي من العاصمة دمشق لـ"العربي الجديد"، أن أزمة بنوك الدم كانت قائمة خلال فترة حكم النظام السابق، ولم يكن هناك فائض في رصيد بنوك الدم رغم التبرعات المستمرة، والتي كانت تتراوح يومياً بين 500 و700 متبرع، وحالياً لاتزال الأزمة قائمة، والمتاح لا يكفي تغطية الحاجة. 
وأضاف المصدر الطبي الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "هناك مخاوف جدية من تفاقم الأزمة، خاصة بعد اتخاذ النظام السابق قرار إلغاء إلزامية التبرع بالدم للطلاب والعسكريين والموظفين الذين كان عليهم التبرع بشكل دوري عند اجراء أية معاملة حكومية. العديد من مراكز العلاج، مثل مراكز دعم مرضى الثلاسيميا، ومراكز اللوكيميا والأنيميا، اضطرت إلى مطالبة المرضى بتأمين الدم بأنفسهم بسبب نقص الكميات المتوفرة في بنوك الدم، والمخزون المحدود رغم عدد المتبرعين الكبير نسبياً يقود إلى الشك بوجود جرائم فساد، وبيع هذه الأرصدة في السوق السوداء، وعلى الجهات الأمنية إجراء تحقيقات، وإرسال دوريات رقابية إلى بنوك الدم لمعرفة مصير الأرصدة المفقودة".

تبرع بالدم في ساحة الأمويين.27 ديسمبر 2024 (بكير قاسم/الأناضول)
تبرع بالدم في ساحة الأمويين.27 ديسمبر 2024 (بكير قاسم/الأناضول)

في السياق، حذر سومر العلي، وهو أحد أعضاء جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا، من تفاقم العجز في مخزون بنوك الدم، والذي يهدد حياة كثير من المرضى. مضيفاً: "نواجه صعوبات كبيرة في تأمين الدم للمرضى، وهذا وضع غير مقبول؛ ويجب أن تبادر وزارة الصحة إلى وضع خطة لتدارك المشكلة، وتأمين كميات كافية، مع تنظيم حملات توعية واسعة النطاق لتشجيع المواطنين على التبرع بالدم، وتسهيل إجراءات التبرع، وتوفير بيئة مريحة للمتبرعين من خلال تطوير البنية التحتية لبنوك الدم، وتوفير الأجهزة والمعدات اللازمة".
ولا يختلف حال بنوك الدم في مدينتي اللاذقية وطرطوس، وفي مدينة درعا عنه في السويداء ودمشق، إذ تشهد نقصاً فادحاً في المخزون. ويشير ناشطون في هذه المدن إلى معاناة كبيرة، وحاجة إلى متبرعين لرفد المخزون وإنهاء الأزمة، لكنهم يختلفون في أن الحل قد يتمثل في إعادة فرض التبرع على الطلبات الحكومية.

وفي عام 2019 ، وضعت المستشفيات العامة والخاصة في سورية، سعراً لوحدة الدم بلغ 9 آلاف ليرة في المشافي العامة، فيما وصل السعر إلى 15 ألفاً في المشافي الخاصة، وإلى أكثر من 50 ألف ليرة في السوق السوداء، في حين كانت غالبية وحدات الدم تتوفر عبر المتبرعين من دون أي مقابل مادي.
ويقول الناشط سومر العلي: "الأمر لا يختلف كثيراً عن الاتجار بالأعضاء البشرية الذي مارسته جهات كثيرة على الأراضي السورية، وأغلبه ضمن تعاون مع ضباط ومقربين من النظام المخلوع. تسيير القطاع الصحي من بين أهم الأمور التي يتوجب على الحكومة الجديدة أن تضع لها ضوابط وإجراءات جدية، إذ كان القطاع خلال العقدين الأخيرين أشبه بمتجر للأرواح، أول ما يعني المشتغلين فيه هو جيب المريض قبل إنقاذ حياته".

المساهمون