نقاش جديد في الولايات المتحدة بشأن مليارات حماية المناخ: من يستحقها؟

نقاش جديد في الولايات المتحدة بشأن مليارات حماية المناخ: من يستحقها أكثر؟

07 ديسمبر 2021
تركيز بايدن على سبل مكافحة التغيرات المناخية (Getty)
+ الخط -

فتح القرار الذي وقعّه الرئيس جو بايدن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بتخصيص 50 مليار دولار لحماية المجتمعات من تغيّر المناخ، نقاشاً حيوياً وجديداً حول الأموال التي تصرف لمكافحة المناخ، والفئات المستفيدة منها في الولايات المتحدة الأميركية، بحسب ما جاء في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

القرار يندرج ضمن مشروع قانون البنية التحتية الجديد، ويعدّ هذا أكبر استثمار من هذا القبيل في تاريخ الولايات المتحدة، واعترافاً بأن آثار الاحتباس الحراري تفوق قدرة أميركا على التأقلم.

ووفقاً للصحيفة، أصرّ بايدن على أن 40 في المائة على الأقل من فوائد الإنفاق الفيدرالي على المناخ ستصل إلى الأماكن المحرومة، والتي تميل إلى أن تكون منخفضة الدخل، أو ريفية، أو مجتمعات ملونة، أو مزيجا من الثلاثة.

وتوضح أنه من الناحية التاريخية، فإنّ المجتمعات البيضاء الأكثر ثراءً - التي تتمتع بقيم ممتلكات عالية وبالموارد اللازمة لتطبيقها على البرامج التنافسية - هي التي تتلقى الجزء الأكبر من المنح الفيدرالية.

وتنقل عن خبراء قولهم إنه من غير الواضح ما إذا كانت البيروقراطية الفيدرالية قادرة على تكافؤ الفرص، وما مدى سرعة ذلك، وهو ما يثير النقاش حول الأموال التي تصرف لمكافحة المناخ ومن يستفيد منها.

ويعترف الزميل البارز في معهد بروكينغز كزافييه دي سوزا بريجز، الذي تطوّع في فريق بايدن، بوجود خلل، ويقول: "يجب مواجهة هذه التوترات بشكل مباشر، وخاصة أن البيت الأبيض يسعى إلى معالجة الثغرات في مكافحة العنصرية، وتوزيع الأموال على الحكومات المحلية، حيث تتعرض لتغيرات مناخية تؤثر على بنيتها التحتية".

حاولت بعض الحكومات المحلية للولايات المتحدة توزيع الأموال من أجل مقاومة المناخ بطريقة أكثر إنصافاً

واستناداً لتقرير الصحيفة، فقد حاولت بعض الحكومات المحلية للولايات المتحدة توزيع الأموال من أجل مقاومة المناخ بطريقة أكثر إنصافاً، لكن رد الفعل السياسي كاد يكون شرساً.

واستدلت على ذلك بالقول: "بعدما دمر إعصار هارفي هيوستن في عام 2017، وافق الناخبون على سندات بقيمة 2.5 مليار دولار لتمويل أكثر من 500 مشروع للسيطرة على الفيضانات في جميع أنحاء المقاطعة. قرر المسؤولون إعطاء الأولوية لتلك المشاريع استناداً جزئياً إلى (الضعف الاجتماعي) للمجتمعات التي يقومون بحمايتها - وهو مؤشر يتضمن النسبة المئوية للسكان من الأقليات".

اشتكى سكان الأحياء الأكثر ثراء، جنبا إلى جنب مع ممثليهم المنتخبين، من أن السياسة ستدفع مجتمعاتهم إلى الوراء.

تضخ الأحكام المناخية الجديدة في قانون البنية التحتية مليارات الدولارات في برامج المنح التنافسية، إلا أن الأموال لا يمكن الوصول إليها للبلدات والمدن والمقاطعات إلا من خلال تقديم الطلبات، والتي تصنفها الوكالات الفيدرالية بعد ذلك، حيث تذهب الأموال إلى المتقدمين الحاصلين على أعلى الدرجات، وتم تصميم هذا النظام للتأكد من أن التمويل يذهب إلى أكثر المشاريع قيمة.

لكن هذه الآلية، بحسب الخبراء، غير مجدية، لأنها تتعلق بمعايير وتصنيفات خارج سيطرة الحكومة الفيدرالية، إذ تتعلق أولاً بقدرة المسؤولين المحليين على استخدام أدوات وموارد متطورة، وبالتالي فقد تكون النتيجة توسيع الفجوة بين المجتمعات الغنية ونظيراتها الأقل ثراء، وفق الخبراء.

فجوات عديدة

بحسب تقرير الصحيفة، فهناك الكثير من الفجوات حول تسديد الأموال وطرق توزيعها. فعل سبيل المثال، تطرح علامات استفهام بشأن كيفية تسديد الحكومات المحلية للنسب المطلوبة منها لتمويل المشاريع. إذ، وبحسب القانون، عند حصول الحكومات المحلية على منحة، يتعين على المجتمعات المحلية دفع حصة من المشروع - غالباً 25%، وهو أمر لا يمكن تحمله بالنسبة للعديد من البلدات والمقاطعات المتعثرة. كما تواجه الحكومات عقبة أخرى، تتعلق بقيمة الممتلكات التي ستتم حمايتها.

قالت يوكا روشا، المديرة التنفيذية لمعهد CLEO، وهو عبارة عن مجموعة غير ربحية في فلوريدا تعمل على تعزيز التثقيف بشأن تغير المناخ والدعوة والقدرة على الصمود، خاصة للمجتمعات منخفضة الدخل: "لا شك أن ثمن التكيّف مع المخاطر المناخية الكبيرة التي تواجهها مجتمعاتنا هائل حقاً، ولذلك، من أجل إعادة البناء بشكل أفضل، لا بد للحكومة الفيدرالية من دراسة كافة أنواع المخاطر المحدقة بالمجتمعات الفقيرة".

اعترف المسؤولون بالتحدي، وقالوا للصحيفة إنهم يبحثون عن طرق لمواجهته، دون إعطاء تفاصيل. قال المدير المساعد للمناخ في مكتب البيت الأبيض للإدارة والميزانية كانديس فالسينغ: "نحن ندرك جيدا أن هذه قضية تحتاج إلى عمل".

أضف إلى ذلك، أظهرت عواقب النهج الحالي في الصيف الماضي، عندما حددت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ الجولة الأولى من الفائزين المحتملين في إطار برنامج منحة جديد لمقاومة المناخ، وتمويل المشاريع لمواجهة المخاطر المستقبلية من الفيضانات وحرائق الغابات وغيرها من المخاطر، أن معظم الفائزين في الجولة الأولى كانوا من الأثرياء، ومعظمهم من البيض، في عدد قليل من الولايات الساحلية.

ذهب أكثر من نصف الأموال إلى ولايات كاليفورنيا ونيوجيرسي وواشنطن. كانت أكبر متلقي الأموال (نحو 68 مليون دولار) مينلو بارك بولاية كاليفورنيا، حيث يبلغ متوسط ​​دخل الأسرة أكثر من 160 ألف دولار، ويكلف المنزل النموذجي فيها أكثر من مليوني دولار، وواحد فقط من كل خمسة من سكانها من السود أو من أصل إسباني.

على النقيض من ذلك، رفضت وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية (FEMA) الطلبات المقدمة من أماكن مثل سميثلاند بولاية كنتاكي، وهي بلدة يسكنها 240 شخصاً فقط، حيث يلتقي نهرا كمبرلاند وأوهايو في منتصف الطريق بين سانت لويس وناشفيل، وفق "نيويورك تايمز". وسعت المدينة للحصول على 1.4 مليون دولار لبناء سد على طول ضفة النهر، التي بلغت ذروتها عند مستويات الفيضان ثلاث مرات في السنوات العشر الماضية.

علق أكبر مسؤول منتخب في مقاطعة ليفينغستون، هو غاريت جروبر، والتي تضم سميثلاند، على أهمية هذه الأموال بالقول للصحيفة: "هذا كثير من المال بالنسبة لنا، ونحن نحتاج إليه فعلاً".

ووفق التقرير، فإذا كانت الحكومة تريد حقا مساعدة المجتمعات المحرومة على أن تصبح أكثر مرونة في مواجهة تغير المناخ، فعليها الابتعاد تماماً عن برامج المنح التنافسية، وبدلاً من ذلك تحديد المجتمعات التي تحتاج إلى المساعدة، ثم تقديمها مباشرةً، وفقًا للزميل في معهد بروكينغز كارلوس مارتن.

مساعي إدارة بايدن

روّجت إدارة بايدن للبرنامج، المسمى بناء البنية التحتية والمجتمعات المرنة، أو BRIC، كنموذج ينبغي توسيعه. ويوفّر مشروع قانون البنية التحتية المزيد من المليارات للبرنامج.

ووفقا للصحيفة، تم وضع القواعد التي تحكم الجولة الأولى من جوائز بريك تحت إدارة ترامب. وأشار مسؤول كبير في إدارة بايدن، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه في تقريرها، إلى أنه تم تغيير قواعد الجولة التالية من الجوائز، وهو ما يمنح نقاطاً إضافية للتطبيقات التي تشير إلى الفوائد للمجتمعات المحرومة.

رفض المشرعون الجمهوريون الذين يشرفون على التمويل الفيدرالي للكوارث مناقشة النهج الجديد لإدارة بايدن. ورفض النائب سام جريفز، من ميسوري، وهو أعلى الجمهوريين في لجنة النقل والبنية التحتية في مجلس النواب، التعليق من خلال متحدث. ولم ترد متحدثة باسم السيناتور كيفين كرامر، من نورث داكوتا، وأكبر عضو جمهوري في اللجنة الفرعية لمجلس الشيوخ والمسؤولة عن البنية التحتية، على طلب للتعليق.

تحدد القواعد الجديدة لبرنامج FEMA المجتمعات المحرومة على نطاق واسع، لتعكس واحدًا أو أكثر من المعايير الخمسة عشر المقترحة. وتشمل الفقر المستمر، الفصل العنصري، ارتفاع تكاليف السكن أو النقل أو الطاقة أو المياه، "العزلة اللغوية"، فقدان الوظائف المتعلقة بالانتقال بعيدا عن الوقود الأحفوري، "التأثيرات غير المتناسبة من المناخ"، أو حتى الوصول المحدود إلى الرعاية الصحية.

تتمثل إحدى طرق مساعدة المجتمعات الصغيرة أو منخفضة الدخل في الاستفادة من التاريخ، وفقًا لإيلوري مونكس، التي تدير موقعاً إلكترونياً يسمى الأطلس، حيث يمكن للمسؤولين المحليين تبادل المعلومات في إعادة مراجعة القوانين الخاصة بالمنح.

ودعت مونكس الحكومة الفيدرالية إلى إنشاء فرق لتقييم المشاريع، والعودة إلى قوانين قديمة وضعت في القرون الماضية، حيث كان القضاة يتنقلون بين المدن الصغيرة خلال القرن التاسع عشر، لمعرفة مشاكل المواطنين، ووجدت أن قيام الوكالات الفيدرالية بتعيين موظفين للعمل والعيش في البلدات أو المقاطعات لفترة قد يساعد أيضاً القادة المحليين على ابتكار مشاريع المرونة ثم التقدم بطلب للحصول على التمويل.

المساهمون