نساء الصين... إقبال على فنون الدفاع عن النفس

نساء الصين... إقبال على فنون الدفاع عن النفس

19 يوليو 2022
تواظب على تلقي تدريبات فنون القتال (وانغ بياو/ Getty)
+ الخط -

شهدت الأسابيع الماضية إقبالاً غير مسبوق في الصين من النساء على تعلم فنون القتال والدفاع عن النفس، في أعقاب تعرّض أربع نساء لهجوم من قبل مجموعة من الرجال في مطعم بمدينة تانغشان الواقعة بمقاطعة خبي شمال البلاد، وهو حادث تم توثيقه بكاميرات المراقبة وتسبب في غضب شعبي واسع. وبحسب مؤشر بايدو الصيني، زاد منذ تلك الحادثة البحث عن "دفاع المرأة عن نفسها" لتصبح ضمن أكثر خمس جمل وكلمات جرى البحث عنها خلال الشهر الماضي. وفي يوم واحد، تم البحث عن الجملة 815 ألف مرة. ومع ذلك، انتقد خبراء هذا الاتجاه، وقالو إن الأولوية لا ينبغي أن تكون تعليم النساء كيفية الدفاع عن أنفسهن ولكن معالجة مشكلة العنف ضد المرأة.
ودخلت السلامة الشخصية للنساء في دائرة الضوء خلال الفترة الماضية بسبب تزايد حالات العنف، وكان مقطع فيديو آخر قد انتشر على نطاق واسع في الصين، يظهر رجلاً ينصب كميناً لطليقته خارج منزلها، قبل أن ينقض عليها ويدفعها إلى الداخل، فيما أعلنت الشرطة في وقت لاحق بمقاطعة شاندونغ الشرقية أنها تلقّت بلاغاً من المرأة تدعي فيه أنّ زوجها السابق اعتدى عليها بصورة وحشية قبل أن يلوذ بالفرار.
وكان رئيس محكمة الشعب العليا في الصين تشو تشيانغ قد قال خلال مؤتمر للقضاة عقد عبر الإنترنت قبل أيام إن السلطات سوف تشدد عقوبة الاعتداء على النساء والأطفال وكبار السن، وذلك في إطار سعيها لاحتواء الغضب العام في أعقاب هجوم تانغشان في العاشر من يونيو/ حزيران الماضي. وفي السياق نفسه، أطلقت وزارة الأمن العام الصينية حملة لمدة مائة يوم ضد جرائم العصابات، ووعدت بوضع خطط أمنية محكمة لتحسين السلامة الشخصية للنساء.
ويقول وو جيان، وهو مدرب فنون قتالية في العاصمة بكين، لـ "العربي الجديد": "منذ قرابة الشهر نتلقى يومياً عشرات المكالمات من فتيات يستفسرن عن دروس الدفاع عن النفس، ورسوم الاشتراك وطريقة الانضمام للمركز". يضيف: "سابقاً، كان الأمر يقتصر فقط على الذكور، وكان عدد الطلاب محدوداً. أما اليوم، فقد خصصنا ثلاثة أيام في الأسبوع لتعليم الإناث، ولدينا الآن 24 فتاة جميعهن انتسبن للمركز بعد حادثة تانغشان". ويوضح: "بعض الفتيات يرغبن في تعلم الملاكمة، لكننا ننصحهن بالرياضات القتالية الحرة التي تستخدم فيها القبضات والساقان جنباً إلى جنب"، مشيراً إلى أن هذا النوع من القتال يبدو مفيداً بالنسبة للإناث في حالات الاعتداء، لكن يبقى الرهان على القوة البدنية التي يتفوق فيها الذكور بطبيعة الحال.

تمارس لعبة الجودو (دي يين/ Getty)
تمارس لعبة الجودو (دي يين/ Getty)

من جهتها، تقول شياو مينغ، وهي متدربة حديثة في مركز متخصص في فنون القتال في العاصمة: "لست مغرمة بالقتال ولم أتخيل نفسي يوماً أوجّه اللكمات لرجل، ولكن بعد مشاهدة أربع فتيات يتعرضن لضرب عنيف، تخيلت نفسي مكانهن، وخصوصاً أن المارة لم يحركوا ساكناً لنجدتهن. لذلك، قررت أن أحصن نفسي وأكون مستعدة لأي هجوم محتمل". تضيف لـ "العربي الجديد": "لن أنتظر دخولي إلى المستشفى في حالة طوارئ كي تأخذ السلطات حقي. من يدري ربما أموت قبل أن يسعفني أحد. لذلك، كان لا بد من الأخذ بزمام المبادرة". وعن الأشياء التي تتعلمها في المركز، تقول شياو مينغ: "نتعلم كيف نسدد الركلات على المناطق الضعيفة في جسد الرجل، غير أن الدروس التي نتعلمها لا تهدف إلى إلحاق الأذى به بقدر ما تهدف إلى شلّ حركته بصورة مؤقتة لإتاحة الفرصة لنا نحو الفرار والنجاة من خطر محقق". تتابع: "في السابق، كان يُقال إن المرأة مسترجلة في حال فكرت بممارسة ألعاب قتالية خاصة بالذكور، لكن للأسف لا أحد يتعاطف معها حين تقع ضحية رجل متوحش. لذلك، لم نعد نأبه بالأوصاف وكيف ينظر إلينا الآخرون، لأنه في مثل هذه المواقف إن لم تكن قادراً على الدفاع عن نفسك لن ينقذك أحد، ولن تنفعك صورتك المثالية في عين المجتمع".
إلى ذلك، تقول الباحثة الاجتماعية في معهد غوانغ دونغ، تانغ لي: "إقبال الإناث على تعلم فنون القتال مؤشر على تقصير الجهات المعنية بتوفير الحماية للمرأة".

تضيف في حديث لـ "العربي الجديد": "نحن بحاجة إلى تشكيل جبهة مجتمعية لمواجهة العنف من خلال تقويم السلوك وتغيير نظرة المجتمع الذكوري للمرأة"، مشيرة إلى أن ذلك "يستدعي تضافر وتنسيق الجهود بين مؤسسات المجتمع المدني والجهات الحكومية". وتوضح أن "حادث تانغشان دق ناقوس الخطر، وكان بمثابة دعوة للنهوض واليقظة. وشعرت كل امرأة في أعقاب الحادث بأنها مستهدفة وقد تكون الضحية التالية، خصوصاً إذا ما أفلت الجناة من العقاب".
يشار إلى أنّه في أعقاب حادثة تانغشان التي أثارت غضباً شعبياً كبيراً في الصين، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية مقاطع فيديو قصيرة لتعليم النساء كيفية الدفاع عن النفس في حوادث مماثلة، وقد لاقت رواجاً كبيراً، وشورك أحد المقاطع 264 ألف مرة، وحظي بتسعة ملايين مشاهدة خلال 48 ساعة فقط.

المساهمون