استمع إلى الملخص
- يعاني السكان من جرائم جسيمة، حيث يتعرض المدنيون لأعمال عنف بحجة مواجهة فلول النظام السابق، والوضع الأمني خرج عن سيطرة الدولة، مما أدى إلى فوضى كبيرة.
- يواجه النازحون صعوبات في تأمين احتياجاتهم الأساسية، ويطالبون بوقف إطلاق النار وتدخل المؤسسات الحكومية لإعادة الأمان إلى المنطقة.
تشهد مناطق عدّة في الساحل السوري حركة نزوح بين الأهالي بسبب العمليات العسكرية والاشتباكات القائمة في الأيام الأخيرة، وسط مخاوف من انتهاكات قد تُرتكَب بحقّهم من الأطراف المتنازعة في المنطقة. يأتي ذلك في ظلّ ظروف إنسانية صعبة، من انقطاع في الكهرباء ونقص الغذاء، فيما طالب أهالي المنطقة الحكومة السورية بضرورة التدخّل وتوفير المواد الغذائية للنازحين.
وسط التوتّر السائد في الساحل السوري غربي البلاد، في محافظتَي طرطوس (جنوب غرب) واللاذقية (شمال غرب)، لا يخفي الأهالي خوفهم وقلقهم إزاء ما يجري وتبعاته. في هذا الإطار، يقول المهندس السوري حسن الإبراهيم، المتحدّر من ريف محافظة طرطوس، لـ"العربي الجديد" إنّ "الوضع الإنساني صعب في الساحل السوري"، مشيراً إلى "جرائم وانتهاكات ارتُكبت بالفعل، بكلّ معنى الكلمة، بحقّ سكان عدد من القرى والبلدات". يضيف الإبراهيم أنّ "ما يتعرّض له المدنيون، لا سيّما الأطفال وكبار السنّ، يأتي بحجّة فلول النظام (السوري السابق) بحسب الادّعاءات"، متسائلاً "ما علاقة أهل القرى البسيطة بفلول النظام؟ وما علاقة سكان ريف الساحل بالكامل؟ ما علاقة هؤلاء الناس؟ لقد تركوا بيوتهم ولجأوا إلى الأحراج، ولم يسلموا حتى من الضربات. ثمّة من قُتل بالرصاص علناً... ثمّة جرائم تحدث". ويتابع أنّ "امرأة حامل من أقربائي مختفية في الأحراش، فأين الدولة؟ وأين المنظمات الإنسانية والمساعدات؟".
وما يحدث بالنسبة إلى الإبراهيم أمر "لا يمكن تخيّله، وثمّة أطفال ونساء يعيشون في رعب"، لافتاً إلى أنّ "الموضوع خرج عن سيطرة الدولة في القرى العلوية. المناشدات تتكرّر في الساحل السوري وثمّة فصائل منحرفة تمارس هذه الانتهاكات والجرائم، والدولة لا تستطيع ضبطها"، مشدّداً على أنّ "ثمّة فوضى كبيرة في الوقت الحالي". وعن واقع النازحين والأهالي، يرى الإبراهيم أنّ "أحداً لا يملك القدرة على مساعدة أحد، سواء داخل المدن (والقرى) أو خارجها. الشعب منهار، والناس بلا رواتب، ولا أيّ من مقوّمات الحياة، فهم محرومون من أساسيات العيش". وإذ يقول إنّ الناس لا يجدون الخبز ولا قدرة لديهم على تأمينه، بالإضافة إلى أنّهم لا يجدون الحليب لأطفالهم، يؤكّد أنّ "الوضع الإنساني كارثي وغير مقبول".
في سياق متصل، يلفت الإبراهيم إلى أنّ "لا موظفين ولا ممرّضين في مستشفى بانياس (في محافظة طرطوس) بسبب قرارات الحكومة بفصل العاملين هناك". ويذكر أنّ "الدولة كانت تضبط الوضع من قبل، وكان الناس مع الدولة. لكن ما زاد الطين بلّة هو بدء المواجهات مع فلول النظام أخيراً"، متحدّثاً "خطاب طائفي ظهر إلى العلن على لسان عدد من الجهات". وتساءل: "ما ذنب طائفة إذا كان رأس النظام محسوباً عليها؟ نحن لم نعد نتقبّل ما يحدث، ونريد وقفاً لإطلاق النار وتدخّلاً من المؤسسات الحكومية".
من جهته، يخبر المواطن السوري أحمد فخري، أربعيني من مدينة الحفة في ريف اللاذقية، "العربي الجديد" أنّ "سكان قرى المنطقة بمعظمهم نزحوا"، شارحاً "نزحنا من الحفة بسبب الاشتباكات وخوفاً من أيّ عمليات اعتداء". ويقول إنّ "البلدات هنا مختلطة، وكنّا في حالة تعايش، لا نميّز بعضنا عن بعض. حتى بعد سقوط نظام الأسد، لم يأتِ الأهالي ولا غيرهم بأيّ اعتداءات. إنّما الأوضاع انفجرت أخيراً بطريقة مخيفة". يضيف فخري: "اليوم، نحن في حاجة إلى طحين وخبز، كذلك لا مياه ولا كهرباء لدينا. وقد نزحنا إلى مدينة جبلة (في محافظة اللاذقية)، إلى أقارب لنا فيها، ريثما يعود الأمن إلى قرى الحفة".
وقد علم "العربي الجديد" من مصادر أهلية أنّ سكان قرى في منطقة القدموس بمحافظة طرطوس، من بينها بارمايا والقميص والشيخ بدر والحطانية، نزحوا منذ ساعات الصباح الباكر خوفاً من الاشتباكات في محيطهم، وقد طالبوا الحكومة والمنظمات الإنسانية بتوفير المواد الغذائية لهم".
ويتطلّع أهالي مدن الساحل السوري وبلداته إلى إعادة الأمان إليها، في ظلّ سوء الأوضاع الإنسانية في الوقت الحالي والانتهاكات التي ارتُكبت في المنطقة، إلى جانب وضع حدّ لوجود الفصائل العسكرية غير المنضبطة المتّهمة بارتكاب الانتهاكات وكذلك لوجود فلول نظام الأسد.