نازحو العراق: أمل العودة يصطدم باستغلال سياسي وسلاح منفلت

نازحو العراق: أمل العودة يصطدم باستغلال سياسي وسلاح منفلت

17 يناير 2022
يتمنى النازحون عودة قريبة إلى ديارهم (Getty)
+ الخط -

رغم إغلاق السلطات العراقية نحو 50 مخيماً للنازحين، إلا أن قرابة مليون نازح ما يزالون غير قادرين على العودة إلى ديارهم الأصلية، ومعظمهم من بلدات تسيطر عليها مليشيات مسلحة منذ سنوات وتمنع أهلها من العودة إليها تحت ذرائع مختلفة، وهو ما يجعل النازحين أمام مستقبل مجهول، ولا سيما مع وجود مخيمات لم تغلق لحد الآن، خارج حسابات وزارة الهجرة والمهجرين، بحسب مراقبين.

وفي السياق، قال مسؤول في وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، إن "أكثر ما يعرقل إغلاق ما تبقى من مخيمات النزوح هو التدقيق الأمني، وقد سعت وزارة الهجرة إلى القيام بهذا الإجراء بالتنسيق مع الجهات الأمنية، لكن هناك عراقيل تضعها بعض الجهات السياسية والفصائل المسلحة أمام إتمام هذا الإجراء، بهدف منع عودة النازحين إلى ديارهم في بعض المناطق".

وبين لـ"العربي الجديد"، أن "حملات المصالحة التي أطلقتها الوزارة لا تزال مستمرة من أجل ضمان عودة آمنة للنازحين، لكن بعض العائلات تخشى العودة رغم التطمينات، وتصر على البقاء في المخيمات". وعن أعداد النازحين، يشير المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أن "هناك نحو 340 ألف نازح لا يستطيعون العودة إلى ديارهم، أما أرقام الأمم المتحدة فهي مبالغ فيها".

وكان المتحدث الرسمي باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فراس الخطيب، قد أكد السبت، أن هناك نحو مليون و200 ألف نازح داخل العراق، 700 ألف منهم في إقليم كردستان، وهم يرغبون في العودة عبر عملية تتطلب شراكة بين الحكومة العراقية ومنظمة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع الدولي أيضاً"، موضحاً في تصريحٍ لوسائل إعلام محلية عراقية، أن "إعادة اللاجئين إلى مناطقهم تحتاج إلى إعادة تأهيل تلك المناطق وكذا النازحين، إلى جانب تأمين الخدمات وفرص العمل فيها".

ولفت إلى أن "النازحين يعانون من نقص الخدمات الضرورية مثل الكهرباء والماء والطرق أيضاً، كما أن الطقس الشتوي وجائحة كورونا، ساهما بشكل كبير في سوء الأوضاع الاقتصادية وقلة فرص العمل، مما أثر بشكل كبير على أوضاعهم"، مشيرا إلى أن بقاء النازحين في المخيمات وإعادتهم بشكل منظم أفضل من انتقالهم إلى أماكن عشوائية.

بدوره، أشار عضو لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي السابق، حسين نرمو إلى أن "ما تبقى من النازحين في المخيمات، يعانون مشاكل اقتصادية وصحية كبيرة، خصوصاً بعد أن أوقفت الحكومة المساعدات المقدمة إلى النازحين، وقد دفعت الحاجة إلى خروج الشباب من النازحين للعمل بمهن لا توفر دخلاً جيداً لهم".

وأكد نرمو في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "ملف النازحين لا يخلو من التدخلات وفرض الإرادات السياسية، مثل ما يحدث مع نازحي مناطق شمال بابل (جرف الصخر) ومناطق أخرى حيث تسيطر الفصائل المسلحة، إضافة إلى النازحين الأيزيديين في مدينة سنجار، بالتالي لا بد من حل المشكلات الأمنية والسياسية والتمهيد لعودة النازحين".

بدوره، يؤكد الباحث في الشأن العراقي مؤيد الجحيشي، تورط أحزاب وفصائل مسلحة بتعطيل إنهاء ملف النازحين العراقيين.

معتبراً في حديث مع "العربي الجديد"، أن "المأساة التي يعاني منها النازحون تعود إلى إخفاق الحكومات في فصل ملف النازحين عن الملفات السياسية والأمنية، وإلا ما الغاية من تركهم في ظروف صعبة رغم تحرير مناطقهم من سيطرة تنظيم "داعش" منذ نحو 4 سنوات".

وتأثر النازحون في مخيمات النزوح بالعراق كثيراً خلال فصل الشتاء الجاري، إذ واجهت العائلات الأمطار والأوحال وانتشار الأمراض، وتحديداً فيروس كورونا الذي تفشى بينهم، مع غياب حملات التطعيم، وهو ما عرّض حياتهم للخطر وتوفي عدد منهم متأثراً بالفيروس.

وكانت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، أعلنت أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2021، إغلاق جميع مخيمات النازحين في المحافظات باستثناء الموجودة في إقليم كردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي. ويبلغ عدد المخيمات في إقليم كردستان 26 مخيماً يقطن فيها 36 ألف عائلة، 27 ألفاً منهم من أهالي سنجار، والبقية من مناطق عزيز بلد وجرف الصخر وكذلك مناطق الخازر.

وبحسب تقرير لمنظمة الهجرة الدولية صدر نهاية الشهر الماضي، فإن سيطرة تنظيم "داعش" على مساحات واسعة من الأراضي العراقية شمالي وغربي البلاد عام 2014 تسبب بنزوح نحو 6 ملايين عراقي داخل البلاد عاد أغلبهم إلى المناطق التي حررت من سيطرة التنظيم في 2017، مشيراً إلى أن أكثر من مليون عراقي ما زالوا في حالة نزوح، من بينهم 100 ألف يعيشون في مناطق شبه معزولة لم يتم دمجها بالمجتمعات المحيطة.

وتسيطر فصائل مسلحة على مناطق النازحين الذين لا يستطيعون العودة، فيما ترفض الانسحاب منها تحت ذرائع مختلفة مثل مدن جرف الصخر، ويثرب، والعويسات، وعزيز بلد، وذراع دجلة، وسنجار، ومناطق وبلدات أخرى تحتلها جماعات عدة، أبرزها كتائب حزب الله وحركة النجباء وعصائب أهل الحق وكتائب سيد الشهداء وسرايا الخراساني ومليشيات أخرى مماثلة، فضلاً عن الدمار الواسع في مدن أخرى ما يمنع عودة السكان الذين دمرت منازلهم بفعل العمليات العسكرية التي رافقت طرد "داعش".

المساهمون