نازحون في ميانمار يتلقون بيأس آخر معونات برنامج الأغذية العالمي

19 مارس 2025
مركز توزيع مساعدات في ميانمار، 15 مارس 2025 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- توقفت وكالة برنامج الأغذية العالمي عن تقديم المساعدات لأكثر من مليون شخص في ميانمار بسبب نقص التمويل الناتج عن الاقتطاعات في المساعدات الأميركية الخارجية، مما يؤثر بشكل كبير على المجتمعات الضعيفة التي تعتمد على البرنامج للبقاء.
- يعيش النازحون في مخيمات مثل "واينغماو ليسو" في ولاية كاتشين، حيث يعتمدون كليًا على المساعدات الغذائية، ويواجهون خطر الجوع بعد توقف المساعدات.
- الاقتطاعات الأميركية تأتي ضمن حملة لخفض الإنفاق العام، مما أثر على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وحذر المقرر الأممي من العواقب الوخيمة على شعب ميانمار.

تلقّى نازحون لا حول لهم بمخيّم في ميانمار آخر إعانة من برنامج الأغذية العالمي، اليوم الأربعاء، قبل أن تتوقّف الوكالة التابعة للأمم المتحدة عن مساعدة أكثر من مليون شخص في البلاد. وقد تسبّبت الاقتطاعات الحادة في المساعدات الأميركية الخارجية التي أقرّتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في "نقص خطر في التمويل"، بحسب برنامج الأغذية العالمي الذي اضطرّ إلى وقف مساعداته المخصّصة لميانمار التي تمزّقها حرب أهلية.

بيار مي واحدة من هؤلاء النازحين، وقد تلقّت آخر معونة نقدية، بقيمة نحو 50 دولاراً أميركياً في الشهر تستخدمها لإطعام أفراد أسرتها الخمسة، أمس الثلاثاء. وعلّقت قائلة لوكالة فرانس برس: "أصلّي كلّ ليلة كي لا يكون هذا النبأ صحيحاً". وتابعت ربّة الأسرة من مخيّم للنازحين في محيط مييتكيينا في شمال شرق ميانمار: "أطلب من الله أن يبارك المانحين كي تتسنّى لهم مساعدتنا من جديد. رجاءً ساعدونا وارحمونا".

منذ انقلاب الجيش على الحكومة المدنية في عام 2021، غرقت ميانمار في نزاع أودى بحياة الآلاف وهجّر الملايين وتسبّب في رفع نسبة الفقر بالبلاد إلى نحو 50 %. وبسبب تراجع المساعدات، لن يتمكّن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من تقديم الإعانة إلا لـ35 ألف شخص تقريباً في شهر إبريل/ نيسان المقبل، وهي نسبة ضئيلة من مواطني ميانمار الذين تتعذّر عليهم تلبية حاجاتهم الغذائية اليومية، المقدّر عددهم بنحو 15 مليوناً.

من جهته، اضطرّ زي ياي تار إلى مغادرة منزله قبل أكثر من عام بسبب المعارك الدائرة في منطقته وانتشار الألغام فيها. وقد لجأت عائلته المؤلّفة من سبعة أفراد إلى مخيّم المازحين نفسه حيث بيار مي، الذي تديره الجمعية المعمدانية "واينغماو ليسو" في ولاية كاتشين على بعد 40 كيلومتراً من الحدود مع الصين. وقال الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، لوكالة فرانس برس: "نواجه صعوبات، لأنّ لا دخل آخر لنا. وكان برنامج الأغذية العالمي أفضل أمل لنا".

وفي تصريحات لوكالة فرانس برس، الأسبوع الماضي، أقرّ مدير البرنامج المعني بميانمار لدى برنامج الأغذية العالمي مايكل دانفورد بأنّ وكالته الأممية مضطرة إلى الحدّ من النفقات بسبب نقص المساهمات، ولا سيّما من قبل الولايات المتحدة الأميركية. وكان ترامب قد أقرّ عند عودته إلى البيت الأبيض، في ولايتة رئاسية ثانية في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، حملة واسعة للحدّ من الإنفاق العام على المستوى الفدرالي، سلّم زمامها إلى أكبر مانحيه الملياردير إيلون ماسك أثرى أثرياء العالم. يُذكر أنّ من أكثر المتأثرين بتدابير ماسك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس إيد) التي تُعَدّ من كبريات الجهات المانحة لبرنامج الأغذية العالمي.

ويؤوي المخيّم المذكور 379 أسرة، ما يعني أكثر من 1800 شخص يتلقّون دعماً من برنامج الأغذية العالمي منذ يوليو/ تموز 2024، بحسب المعني بشؤون التنسيق لي تار الذي صرّح لوكالة فرانس برس بأنّ "مذ وردنا إعلان برنامج الأغذية العالمي، أُصبنا بالإحباط ولم يعد يغمض لنا جفن". وشدّد على أنّ "من دون طعام، سنموت من الجوع".

ويرى ترامب في الاقتطاعات التي تطاول المساعدات الأميركية الخارجية سبيلاً لـ"الحدّ من الإنفاق العام". لكنّ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لم تمثّل إلا ما بين 0.7 و1.4% من نفقات حكومة واشنطن في خلال الربع الأخير من القرن العشرين، وفقاً لبيانات مركز "بيو" للأبحاث.

في سياق متصل، أشار المقرّر الأممي الخاص لحقوق الإنسان في ميانمار توم أندروز، أوّل من أمس الاثنين، في مؤتمر صحافي عُقد في جنيف، إلى أنّ "الانسحاب المفاجئ والفوضوي للمساعدة، ولا سيّما تلك الآتية من الحكومة الأميركية، له وقع ثقيل على شعب ميانمار". وشدّد على أنّ هذه المساعدات "تسمح لهم بكلّ بساطة أن يبقوا على قيد الحياة"، محذّراً من أنّ "وقفها المباغت من شأنه أن يقضي عليهم".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون