نازحون أفغان في كابول

نازحون أفغان في كابول

22 يوليو 2021
خارج المخيّم عالم غريب على النازحين الصغار (أديك بيري/ فرانس برس)
+ الخط -

 

يتزايد عدد النازحين الأفغان الذين يلجأون إلى العاصمة كابول، مع استمرار النزاع المسلح في المناطق بين القوات الحكومية ومقاتلي طالبان. ويُضاف هؤلاء إلى آخرين هجّروا قبل زمن.

تفيد أرقام وزارة اللاجئين والعودة الأفغانية بأنّ أكثر من 78 ألف أسرة هُجّرت من منازلها في خلال الشهرَين الماضيَين، نتيجة احتدام المواجهات المسلحة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان. ويعيش النازحون في حالة صعبة لأسباب عدّة، أبرزها قلّة الدعم والحرّ، تحديداً في مناطق الجنوب والشرق. يُذكر أنّ الوزارة كانت قد قدّرت عدد النازحين في وقت سابق بنحو أربعة ملايين أفغاني، مؤكدة أنّ المعارك الداخلية في أفغانستان سبب رئيسي يؤدّي إلى مثل تلك المأساة. وعلى الرغم من كل ما يواجهه هؤلاء من معاناة مختلفة الأشكال، فإنّ مطلبهم الرئيسي يبقى عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد.

حاجي دين محمد أفغاني من إقليم بغلان الشمالي، نزح أخيراً مع أسرته إلى كابول، هرباً من المعارك الدائرة بين مقاتلي طالبان والقوات الحكومة. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "أحداً لا يستطيع أن يشعر بالحرب وتبعاتها الثقيلة باستثناء من عاشها بنفسه". يضيف: "هربنا من الموت، وقد خرجنا من منزلنا وسط التفجيرات والقنابل والرصاص. لذا فإنّ مطلبنا الأوّل والأخير هو إحلال الأمن والاستقرار في البلاد مهما كان الثمن، حتى لو تطلب ذلك استقالة الرئيس الحالي أشرف غني أو تغيير الدستور. نحن نريد الحياة، ولا حياة مع انعدام الأمن". ويشير إلى أنّه خلّف وراءه منزلاً مليئاً بالأثاث مع حديقة زرع فيها أنواعاً من الفواكه، في حين أنّه اليوم يعيش مع أسرته المكوّنة من ثمانية أشخاص في بيت صغير من ثلاث غرف في منطقة سليم كاروان بالعاصمة الأفغانية.

محمد إلياس هو ابن عمّ حاجي دين محمد، وهو نزح بدوره إلى كابول ليعيش مع أخي زوجته في بيت صغير في منطقة ميكرويان، لكنّه يبحث عن منزل مناسب إذ إنّ العودة إلى منطقته باتت صعبة في الوقت الراهن. ولا يخفي ارتياحه لأنّه تمكّن من الخروج مع أهله بسلامة من دون أن يصاب أيّ منهم بأيّ مكروه، في حين أنّ كثيرين خسروا أفراداً من أسرهم من جرّاء المعارك. ويقول إلياس لـ"العربي الجديد": "أعجز عن إيجاد كلمات لوصف ما لحق بنا، خصوصاً أنّ المتحاربين اتّخذوا من المباني السكنية ثكنات لهم". ويروي قصة أحد أبناء قريته في بغلان القديمة، فقد تمركز مقاتلو طالبان في داخل منزله وراحوا يستهدفون القوات الحكومية انطلاقاً منه، فأتت الطائرات وقصفت المنزل، ما أدّى إلى مقتل خمسة من أفراد أسرته إلى جانب عدد من المسلّحين. ويؤكد إلياس أنّ "الحالة النفسية وكذلك المعيشية صعبتان بالنسبة إلى سكان المناطق المستهدفة. وهؤلاء إمّا يتركون المنطقة، وإمّا يبقون فيها ويقاومون الظروف المحيطة بهم، بسبب قلّة حيلتهم".

الصورة
رجل أفغاني نازح (أديك بيري/ فرانس برس)
نزوح منهك (أديك بيري/ فرانس برس)

وبينما يتوزّع نازحون في مناطق مختلفة بكابول، تعيش مئات الأسر في مخيّم خاص بهم في إحدى ضواحي العاصمة. هم يعيشون هناك وسط ظروف قاسية مع عدم توفّر وسائل العيش، علماً أنّهم تركوا وراءهم منازلهم وأراضيهم الزراعية. وهؤلاء بدورهم، يؤكدون أنّ همّهم الأوّل والأخير إرساء الأمن في البلاد ونجاح أيّ جهد من شأنه إحلال السلام، من خلال مفاوضات تجمع الأطراف المتقاتلة.

سردار محمد من إقليم هلمند الجنوبي، هو مدير المخيّم. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "1500 أسرة تعيش في هذا المخيم، لكنّ العدد إلى تزايد. فقد قصدت 178 أسرة المخيّم في خلال الشهرَين الماضيَين آتية من أقاليم بكتيا وخوست وننجرهار وقندهار وأورزجان وهلمند. وبطبيعة الحال أفراد تلك الأسر فقراء لا يملكون شيئاً ولا يستطيعون استئجار منازل. بالتالي، لا حلّ أمامهم إلا هذا المخيم حيث الظروف قاسية بكلّ ما للكلمة من معنى". ويلفت سردار إلى أنّ "الذين جاؤوا في السنوات الماضية رتّبوا أمور حياتهم إلى حدّ ما، لكنّ النازحين الجدد يفتقرون إلى كلّ مقومات الحياة"، مضيفاً أنّ "خياماً جديدة نُصبت في إحدى نواحي المخيم، وسط طقس حار جداً. بالتالي يجدون أنفسهم مضطرين إلى الصبر والانتظار". ويطالب "التجار وأثرياء البلاد بتقديم دعم سريع إلى تلك الأسر التي وفدت حديثاً إلى المخيم".

قضايا وناس
التحديثات الحية

عصمت الله واحد من الذين نزحوا حديثاً إلى هذا المخيم. هو شاب ترك حقوله وراءه وهرب مع أسرته من الموت والقتال الدائر في قريته بمديرية جوره في إقليم أورزجان الجنوبي. يقول عصمت لـ"العربي الجديد" إنّ "الأوضاع كانت صعبة جداً، إذ راحت القذائف والصواريخ تتساقط على رؤوسنا في كلّ مكان. وقد قُتل ثلاثة أفراد من أسرتي على أثر سقوط صواريخ على منزلنا. بالتالي وجدنا أنفسنا مرغمين على التوجّه صوب كابول. وهنا، لم يُقدَّم لنا أيّ دعم يُذكر، لا من الحكومة ولا من المجتمع المدني. وها نحن نعيش في خيمة أعطانا إيّاها أحد النازحين الذي لجأ إلى المخيم قبل عامَين".

المساهمون