مُسِنات فلسطينيات يخشين الموت قبل معانقة أبنائهن الأسرى

مُسِنات فلسطينيات يخشين الموت قبل معانقة أبنائهن الأسرى

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
25 يوليو 2022
+ الخط -

لم تتمالك والدة الأسير الفلسطيني المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي، سميح الحداد، دموعها التي انسكبت على صورة ابنها وهي تستذكر مُدة محكوميته، وخوفها من تقدمها في العمر دون احتضانه وتكحيل عيونها برؤيته.

ويثير تقدم عدد من أمهات الأسرى الفلسطينيين في العُمر مخاوفهن من عدم رؤية أبنائهن قبل الموت أو حدوث مكروه لهن أو لأبنائهن، خاصة في ظل التعنت الإسرائيلي في قضية الزيارات، والمنع الإسرائيلي الدائم للزيارات بحجة "الأسباب الأمنية".

الصورة
اعتصام مسنات فلسطينيات (عبد الحكيم أبو رياش)
لا يخلفن الموعد الأسبوعي رغم مشقة السفر (عبد الحكيم أبو رياش)

ويزيد من مخاوف النساء الفلسطينيات المُتقدمات في العُمر، الأخبار المتعلقة بوفاة بعض أمهات الأسرى قبل رؤية أبنائهن، أو استشهاد بعض الأسرى داخل سجون الاحتلال، قبل رؤية ذويهم، أو تمكن ذويهم من وداعهم الوداع الأخير.

وتوضح والدة الأسير الحداد من مدينة غزة، لـ"العربي الجديد" أن ابنها حُكم عليه بالسجن 20 عاماً، أمضى منها 16 عاماً، إلا أن ما يُضاعف من مخاوفها من عدم رؤية ابنها هو إصابتها بمرض السرطان، مضيفة وقد غلبها الدمع مرة أخرى "الأعمار بيد الله، لكني أتمنى أن يمد الله في عمري حتى أراه".

الصورة
اعتصام مسنات فلسطينيات (عبد الحكيم أبو رياش)
مخاوف من الموت قبل رؤية فلذات الكبد (عبد الحكيم أبو رياش)

ولا تُخفي أم سميح كذلك خوفها على ابنها، خاصة في ظل الإهمال الطبي في ظل انتشار الأمراض والأوبئة، إلى جانب المُمارسات الإسرائيلية القمعية داخل السجون، مع انعدام الأكل الصحي، وتقول "لا يوجد أي شيء جيد داخل السجون الإسرائيلية، الأسرى يعانون من كل النواحي".

الصورة
مواصلة مُساندة أبنائهن ومناصرة قضايا الأسرى (عبد الحكيم أبو رياش)
مواصلة مُساندة أبنائهن ومناصرة قضايا الأسرى (عبد الحكيم أبو رياش)

وتواظب أمهات الأسرى على مشاركتهن في الاعتصام الأسبوعي داخل مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر غربي مدينة غزة كل يوم اثنين، في رحلة أسبوعية شاقة في سبيل مواصلة مُساندة أبنائهن ومناصرة قضايا الأسرى، على أمل التحرير، فيما تقدم عدد منهن في العمر، وتوفى بعضهن الآخر، وقد وُضعت أكاليل الورد المُزينة بصورهن على مقاعدهن الخالية.

الصورة
اعتصام مسنات فلسطينيات (عبد الحكيم أبو رياش)
مرارة البعد لم تقتل أمل اللقاء (عبد الحكيم أبو رياش)

وتواصل مصلحة السجون الإسرائيلية منع عدد من أمهات الأسرى من زيارة أبنائهن أو رؤيتهم بناءً على حجج أمنية، على الرغم من تقدم الأمهات في السن، وتجاوز بعضهن العقد السابع من عمرهن، فيما قضت بعض أمهات الأسرى أجلهن دون تحقيق أمانيهن في وداع أبنائهن.

وتقول الفلسطينية أم كرم الشنا، والدة الأسير أحمد الشنا، في سجن ريمون، والمحكوم عليه بالسجن 17 عاماً، إن الأحداث تغيرت عليها وعلى أسرتها منذ لحظة اعتقال ابنها، الذي لم يشاركهم في مناسباتهم، وقد كانت فرحتهم منقوصة.

ولا تُخفي الشنا خلال حديثها مع "العربي الجديد" خوفها الدائم من عدم رؤية ابنها، وتقول: "أصبح عُمري 58 عاماً، ومع مرور كُل عام وابني داخل الأسر يزداد الخوف والقلق، خوفي من عدم رؤية ابني، وقلق ابني من خروجه من السجن وقد فقدني، أو فقد أحد أقاربه".

الصورة
اعتصام مسنات فلسطينيات (عبد الحكيم أبو رياش)
صمود وعزيمة الأمهات (عبد الحكيم أبو رياش)

وانتقلت معاناة الفقدان والحرمان، من والدة الأسير أيمن العواودة من مخيم البريج، المُعتقل منذ مارس/ آذار 2003، إلى خالته "مريم"، والتي واصلت الاعتصام مكان شقيقتها أم أيمن، والتي وافتها المنية في شهر فبراير/ شباط، الماضي، قبل رؤية ابنها.

الصورة
اعتصام مسنات فلسطينيات (عبد الحكيم أبو رياش)
معاناة الفقدان والبعد لا تخفى (عبد الحكيم أبو رياش)

وتوضح مريم لـ "العربي الجديد" أن شقيقتها أم أيمن، وعلى الرغم من تقدمها في السن، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي "منعها أمنياً" آخر 12 عاماً من عُمرها من زيارة ابنها المحكوم بالمؤبد مدى الحياة، وقد فارقت الحياة قبل تحقيق أمنيتها باحتضانه.

وتوفيت مطلع شهر يوليو/ تموز الحالي، والدة الأسير ناهض أبو حميد من شمال غزة والمحكوم 20 عاماً، أمضى منها 15 عاماً، وسبقتها وفاة والدة الأسير غازي النمس، والتي أصيبت بصدمة بعد فشل جولة من جولات محادثات صفقة تبادل الأسرى بين فصائل المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال عام 2009، والتي أدرج اسم ابنها ضمن الذين سيفرج عنهم، وقد وافتها المنية بشكل مفاجئ خلال حفل تكريم لأمهات الأسرى في غزة.

ملحق فلسطين
التحديثات الحية

وتنوعت قصص وفاة أمهات الأسرى، اللواتي انتظرن رؤية أبنائهن، حيث توفت الثمانينية ريا بارود، والدة الأسير فارس بارود، من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، بعد تدهور وضعها الصحي، وقد لحقت بها أمهات الأسرى، أم عبد الرحمن شهاب، وعائشة اصليح، والدة الأسير يحيى اصليح، وأم عماد شحادة، وغيرهن.

ذات صلة

الصورة
اختاروا النزوح من مخيم النصيرات جراء القصف (فرانس برس)

مجتمع

الاستهداف الإسرائيلي الأخير لمخيم النصيرات جعل أهله والمهجرين إليه يخشون تدميره واحتلاله إمعاناً في تقسيم قطاع غزة إلى قسمين، في وقت لم يبق لهم مكان يذهبون إليه
الصورة
الصحافي بيتر ماس (Getty)

منوعات

كتب الصحافي المخضرم بيتر ماس، في "واشنطن بوست"، عن "شعوره كمراسل جرائم حرب وابن عائلة مولت دولة ترتكب جرائم حرب"، في إشارة إلى الإبادة الجماعية في غزة.
الصورة

سياسة

قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اليوم الخميس، إن أكثر من 100 مجندة إسرائيلية رفضن العمل في وحدة المراقبة بجيش الاحتلال إثر صدمة عملية "طوفان الأقصى"
الصورة
حجم الدمار الذي خلفه الاحتلال في خانيونس كبير (ياسر قديح/ فرانس برس)

مجتمع

عاد بعض أهالي مدينة خانيونس ليرووا ما شاهدوه من فظائع ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي قبل انسحابها منها. هؤلاء تحدثوا عن جثامين متحللة ودمار كبير في الممتلكات.

المساهمون