موقوفون سوريون في لبنان يضربون عن الطعام حتى حلّ ملفاتهم

20 فبراير 2025
أمام قصر الشعب في دمشق لإطلاق سراح سوريين من سجن رومية بلبنان، 30 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بدأ أكثر من 100 موقوف سوري في سجن رومية بلبنان إضراباً عن الطعام احتجاجاً على ظروف احتجازهم، مطالبين بإطلاق سراحهم أو تسليمهم للحكومة السورية الجديدة. يعاني الموقوفون من تدهور صحي، ونُقل أربعة منهم إلى المستشفى.
- المحامي محمد صبلوح أكد استمرار الإضراب حتى تحقيق المطالب، مشيراً إلى أن بعض الموقوفين سُجنوا بتهم تتعلق بمعارضتهم لنظام الأسد، رغم التغيرات السياسية في سوريا.
- دعا المرصد اللبناني لحقوق السجناء إلى تشكيل لجنة حكومية مشتركة لتنفيذ اتفاق استرداد المعتقلين السوريين، مشدداً على ضرورة إقرار قانون العفو في البرلمان اللبناني.

علم "العربي الجديد" أنّ عدداً من الموقوفين السوريين في سجن رومية المركزي في لبنان نُقلوا إلى المستشفى، بسبب تدهور أوضاعهم الصحية الناجم عن إضراب مفتوح عن الطعام نفّذوه للمطالبة بحلّ قضاياهم وتسليمهم إلى الحكومة السورية الجديدة. وكان أكثر من 100 موقوف سوري قد بدأوا، قبل تسعة أيام، إضراباً عن الطعام، اعتراضاً على استمرار احتجازهم في سجن رومية، أكبر سجون لبنان، حيث يعيشون ظروفاً قاسية جداً، في غياب التعاطي العادل مع ملفاتهم من قبل السلطات اللبنانية، عقب سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

ورأى هؤلاء الموقوفون السوريون في لبنان أنّ ثمّة "ضرورة إمّا لإطلاق سراحهم وإمّا لتسليمهم إلى القيادة السورية الجديدة في ظلّ سقوط نظام الأسد"، إذ إنّهم "سُجنوا بتهم إرهاب ربطاً بمناصرتهم الثورة السورية"، لكنّ "الأمر اختلف اليوم مع دخول سورية مرحلة سياسية انتقالية، وقد تولّت هذه الثورة زمام الحكم، وبات أحمد الشرع رئيساً للبلاد". ويتمسّك الموقوفون بإبقاء اعتصامهم مفتوحاً حتى تنفيذ مطالبهم، علماً أنّ هؤلاء يعتقدون أنّهم مسجونون منذ سنوات إمّا بملفات مفبركة وإمّا استناداً إلى تهم سقطت اليوم في ظلّ التغيّر السياسي في سورية، مشيرين إلى أنّهم تلقّوا وعوداً كثيرة في ما يخصّ حلّ ملفاتهم، غير أنّهم لم يلمسوا أيّ نتائج أو تحرّك جدّي حتى الساعة.

في هذا الإطار، قال مدير البرنامج القانوني لمركز سيدار للدراسات القانونية، المحامي اللبناني محمد صبلوح، لـ"العربي الجديد" إنّ "125 موقوفاً سورياً بدأوا إضراباً عن الطعام قبل تسعة أيام، وما زالوا يصرّون على خطوتهم حتى تحقيق مطالبهم وحلّ ملفاتهم"، لافتاً إلى أنّ أربعة منهم نُقلوا إلى المستشفى اليوم بعد تدهور أوضاعهم الصحية. أضاف أنّ "عدداً من هؤلاء سُجن إمّا على خلفية فبركة ملفات وإمّا بتهم إرهاب في ظلّ معارضتهم نظام الأسد ومناصرتهم الثورة السورية والتواصل مع (أبو محمد الجولاني) أحمد الشرع الذي أصبح اليوم رئيساً لسورية".

ورأى صبلوح أنّ "هؤلاء الموقوفين حُرموا من الاحتفال بسقوط الأسد، وكلّ يوم سجن في الوقت الحالي يساوي كلّ الأيام التي مرّت عليهم في السنين الماضية. وآن الأوان حتى يشعروا بالحرية، بعدما دفعوا مثلما دفع لبنانيون كذلك ثمن معارضتهم نظام الأسد". وأشار إلى أنّ "ثمّة تعاطياً غير منطقي مع الملف. مثلاً، ثمّة موقوفون في السجن لأنّهم تواصلوا مع الجولاني، في حين رأينا كيف التقاه رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي في سورية. هل يعقل أن يبقوا في السجن بعدما صار رئيساً لسورية؟". وتابع أنّ "ثمّة 135 سورياً موقوفاً في هذه القضايا، إلى جانب تسعة أشخاص من جنسيات مختلفة، و47 فلسطينياً و109 لبنانيين".

وشدّد صبلوح، في حديثه إلى "العربي الجديد"، على أنّ "العهد الجديد في لبنان أمام امتحان كبير اليوم لحلّ هذا الملف، وتحقيق العدالة لهؤلاء الموقوفين، علماً أنّ الأمر ينعكس إيجاباً على وضع السجون اللبنانية التي تعاني من الاكتظاظ. على سبيل المثال، يضمّ سجن رومية أكثر من أربعة آلاف سجين في حين أنّ قدرته الاستيعابية لا تتخطّى الـ1200". ولفت صبلوح إلى أنّه زار دمشق، يوم الأحد الماضي، والتقى وفداً من لجنة أهالي الموقوفين ومسؤولين في وزارتَي العدل والخارجية السوريتَين، إلى جانب متابعته القضية مع السفارة السورية في بيروت، وقد لمس جدية في التعاطي خصوصاً أنّ "القيادة السورية الجديدة تقف إلى جانب الموقوفين الذين ساندوها في لبنان"، في حين أنه "لا تجاوب جدياً بعد لمسناه من الحكومة اللبنانية".

وفي 12 فبراير/ شباط الجاري، أفاد المرصد اللبناني لحقوق السجناء، في بيان، بأنّه "بعد تبييض السجون في سورية وطيّ صفحة الظلم السوداء، حان الوقت لفتح صفحة جديدة في لبنان الذي تغصّ سجونه بآلاف اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين، الذين يُعَدّون ضحية بطريقة أو بأخرى للوضع الأمني وكذلك السياسي والاجتماعي سابقاً إبّان المرحلة المظلمة التي خيّمت على البلدَين". وتوجّه المرصد إلى الحكومتَين السورية واللبنانية بالقول: "لقد حان الوقت لتشكيل لجنة حكومية مشتركة لتنفيذ الاتفاق الذي تمّ الإعلان عنه رسمياً إبان زيارة رئيس الحكومة (السابق) نجيب ميقاتي الأخيرة إلى دمشق، إذ نصّ على استرداد جميع المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية".

ودعا المرصد اللبناني لحقوق السجناء، في بيانه نفسه، البرلمان اللبناني إلى "إقرار قانون العفو الذي قُدّم أخيراً من قبل مجموعة من النواب والخبراء القانونيين"، مشيراً إلى أنّ "ملفات السجناء السوريين واللبنانيين والفلسطينيين متشابكة ومن حقّهم جميعاً أن تجري مقاربة أوضاعهم من منطلق إنساني وليس من منطلق سياسي". كذلك، توجّه المرصد إلى أهالي جميع السجناء بالقول: "لا تنتظروا أيّ وعود حكومية، ولا تطمئنّوا وتركنوا لأيّ تصريحات رسمية تَعِد بإنهاء معاناتكم"، إذ "كان ملف أبنائكم موضوعاً للمتاجرة والاستثمار السياسي لسنوات"، لذا "اعتمدوا على أنفسكم وجهودكم من خلال التظاهر والنشر والاتصالات الضاغطة، حتى تصلوا بأبنائكم إلى برّ الأمان".

المساهمون