موسم التوت... فواكه محبوبة على طرقات الجزائر

08 مايو 2025   |  آخر تحديث: 08 مايو 2025 - 01:03 (توقيت القدس)
سلل توت على جانب طريق، 6 مايو 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يُعتبر بيع التوت على جوانب الطرقات في الجزائر نشاطاً شائعاً بين الأطفال والشبان، حيث يستغلون أوقات فراغهم لبيع الفاكهة البرية، مما يعكس روح المبادرة لديهم ويضفي جمالية على الشوارع.

- أواب بن يامنة ورفاقه يجمعون التوت من محافظة تيبازة ويبيعونه على الطرقات، مما يتطلب جهداً في قطف التوت واختيار الحبات الجيدة، ويضمن لهم دخلاً إضافياً يساعدهم في مصاريفهم الشخصية والدراسية.

- بيع التوت يُعتبر ظاهرة ثقافية واقتصادية، حيث يُقبل الناس على شراء الفاكهة الطازجة، وتلقى زراعة أشجار التوت اهتماماً بيئياً واقتصادياً لفوائدها المتعددة.

يبيع أطفال وشبان في العديد من مناطق الجزائر التوت على جوانب الطرقات. يحملون سلالاً صغيرة مليئة بالتوت ويعرضونها على المارة لشراء كمية من الفاكهة البرية الطازجة، في نشاط يشكّل بالنسبة إليهم وسيلةً جيدةً لكسب قليل من المال. ويفعلون ذلك خلال نهاية عطلة الأسبوع أو العطلات المدرسية أو في أوقات فراغهم، ويرسمون بالتالي، عبر هذه العملية التجارية، صوراً جميلة في الشوارع والطرقات ومداخل المدن.
ويعرض البائعون والبائعات المتجولون التوت وفواكه أخرى في الشوارع وعلى جوانب الطرقات، كي يبيعوها للمارة والسائقين وأبنائهم الذين يدفعون الآباء إلى التوقف من أجل تذوّقها، ويصرّون على ضرورة أن ترافقهم في رحلتهم.

لا يتردّد أواب بن يامنة ورفاقه في استغلال أوقات فراغهم، سواء في نهاية الأسبوع أو في العطلة المدرسية، لوضع سلال توت على حافة طريق تربط بين مدينتي العفرون وأحمر العين بمحافظة تيبازة، من أجل بيعها للمارة وزوّار المنطقة الذين يتوافدون للسياحة والاستجمام. ومع غزارة إنتاج فاكهة التوت هذه السنة في المنطقة لم يفوت أواب الفرصة لضمان مداخيل إضافية له ولعائلته من أجل توفير مصروف الجيب والدراسة وتخفيف الأعباء عن والديه.
يذهب أواب ورفاقه في الصباح الباكر نحو أشجار مغروسة عند جوانب أراضٍ زراعية لقطف كميات كبيرة من التوت. ويقول لـ"العربي الجديد": "أضع غطاءً مصنوعاً من بلاستيك تحت الأشجار بمساعدة صديقي، وأصعد إلى الأعلى وأهزّ الشجرة كي تتساقط حبات التوت، في عملية تشبه كثيراً تلك التقليدية لجني الزيتون. وقد تستمر هذه العملية ساعات وتشهد الانتقال بين شجرة وأخرى. وبعد ذلك يجرى اختيار الحبات ذات النوعية الجيدة التي تصلح لعرضها للبيع في سلال من الدوم أو دلاء من البلاستيك، من أجل ضمان عدم تعفنها أثناء نقلها، وتُرتَّب فوق طاولات على حافة الطريق".
يتابع: "نبيع التوت يومياً. وفي إحدى المرات مرّ موكب عرس على الطريق العام وتوقف فجأة عند باعة التوت. وخلال لحظات اشترى المشاركون في الموكب مع العريس كل كميات التوت المعروضة، ما درّ عليّ وعلى رفاقي الباعة مبلغاً مالياً جيداً. وأحياناً يتوقف سائقو حافلات تقل سياحاً ومصطافين متوجهين الى البحر في رحلات مبرمجة من أجل السماح لهم بالحصول على حبات التوت الموضوعة فوق طاولات مزينة في سلال تجذب النظر".

يكثر طلب التوت في فصلي الربيع والصيف، 6 مايو 2025 (العربي الجديد)
يكثر طلب التوت في فصلي الربيع والصيف، 6 مايو 2025 (العربي الجديد)

وتجد عائلات تقصد محافظة تيبازة قادمةً من محافظات مختلفة، مثل الشلف وعين الدفلى والبليدة والعاصمة، متعة كبيرة في شراء حبات التوت مختلفة الألوان والأحجام. وقد يفضل بعضها حبات التوت البيضاء لأن حلاوته كبيرة، وأخرى حبات التوت الأسود ذات الحجم الكبير، وبعضها حبات التوت ذات اللون الذي يميل الى الأحمر، وهي ذات مذاق رائع.
يقول العم أحمد بلعاليا، وهو أحد الفلاحين القدامى، لـ"العربي الجديد": "يعود تاريخ هذه الأشجار إلى فترة الاستعمار، حين غُرست للحفاظ على حقول القمح من غزو الطيور المهاجرة، واستُعين بها لتوفير الظل أثناء فترة الحصاد، ثم تحوّلت بعد الاستقلال الى مصدر رزق لكثير من الشباب الذين يعكفون على قطفها وبيعها على جوانب الطرقات". ويوضح أن الفرنسيين نفذوا عملية تهجين وتلقيم لأنواع عدة من التوت، ما يفسّر تنوع الألوان والأحجام في حقل واحد.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

ولا يتردد سمير بو عرفة، وهو موظف من محافظة البليدة، في التوقف في نهاية الأسبوع على حافة طريق لشراء توت لزوجته وبناته أثناء توجهه في نهاية الأسبوع الى المناطق السياحية في المنطقة للاستجمام وتناول الشواء في الهواء الطلق، ويقول لـ "العربي الجديد": "تطلب عائلتي تناول التوت في كل مرة، ويدفعني أطفالي للتوقف لشراء كميات منه، ويختارون النوع الذي يرونه مناسباً، خصوصاً أن مذاق فاكهة التوت طيب وصحي، لأنها فاكهة برية تخلو من الإضافات الكيميائية، ما يشجعنا على تناولها".
ويعتبر البعض أن بيع التوت على الطرقات ظاهرة ثقافية واقتصادية في الجزائر تعكس اهتمام الناس بالأطعمة الطازجة والصحية، وتعزز من تعدد خيارات الشراء للمستهلكين، لكن تأثيرها إيجابي أيضاً على الثقافة البيئية، إذ لوحظ في الفترة الأخيرة اهتمام ناشطين بيئيين بزراعة أشجار التوت، لأسباب عدة تتعلق بكونها شجرة لا تتطلب مياهاً كثيرة، باستثناء الفترة الأولى لزراعتها، وهي شجرة معمرة تتفرّع بصورة توفر الظل، وتعطي فاكهة طيبة يمكن أن تدّر مدخولاً موسمياً.

المساهمون