موائد الرحمن تتراجع في تونس: أزمات معيشية وتضييق على العمل المدني

17 مارس 2025
تدعم موائد الرحمن الترابط الاجتماعي في تونس، 18 مارس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت تونس تراجعاً في نشاط المجتمع المدني، مما أثر على تنظيم موائد الرحمن خلال رمضان بسبب نقص الإمكانيات المادية واللوجستية، واختفاء موائد الإفطار في العديد من المحافظات.
- أشار الناشط عادل بن غازي إلى أن التضييقات على الجمعيات والتضخم قلصت المساعدات، مما أدى إلى تراجع موائد الإفطار، حيث يواجه العمل المدني تحديات اقتصادية كبيرة.
- تعاني تونس من أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، حيث تشمل رقعة الفقر 4 ملايين شخص، وتقدم الحكومة مساعدات مالية غير كافية، مما يدفع الأفراد والمؤسسات لتنظيم مبادرات تضامنية.

يقيّد تراجع عمل المجتمع المدني في تونس تدفق المساعدات على موائد الرحمن التي تقدم وجبات الإفطار للصائمين خلال شهر رمضان، بعد أن شهدت خلال السنوات الماضية زخماً كبيراً وصل إلى حد التنافس فيما بينها، بينما غابت تلك الموائد عن أغلب محافظات تونس، التي كانت الجمعيات المدنية تستعد لها قبل أسابيع من بداية الشهر، عبر جمع التبرعات، وتوفير الأماكن الخاصة للطبخ، وتوزيع الوجبات نتيجة نقص الإمكانيات المادية واللوجستية.

ولأول مرة منذ نحو 14 عاماً اختفت أشهر مائدة إفطار في تونس التي كانت تنتظم في منطقة الكبارية (حي شعبي بالعاصمة تونس)، حيث كانت هذه المائدة التي يشرف على تنظيمها صاحب مطعم شعبي توفر ما لا يقل عن ألفي وجبة إفطار وسحور. وقال الناشط المدني والمشرف على تنظيم موائد الرحمن، عادل بن غازي، إنه "من المؤلم جداً أن تختفي موائد إفطار في شهر الصيام، بعد أن ظلت لسنوات ملاذاً للمحتاجين وعابري السبيل من ساكني مدن العاصمة الكبرى".

وأكد بن غازي لـ"العربي الجديد" أنه "لا يوجد إحصائيات رسمية عن تراجع عدد موائد الإفطار خلال هذا العام، غير أن المؤكد أنها لم تعد بالزخم الذي شهدته السنوات الماضية"، مشيراً إلى أن "العمل المدني والتضامني استفاد بدوره من مناخ الحريات الذي ساد بعد الثورة، بعد أن كانت الدولة سابقاً تحتكر كل هذه الأنشطة".

ويعتبر الناشط عادل بن غازي أن هناك عوامل متداخلة تسببت في انحسار العمل التطوعي لإطعام الصائمين خلال الشهر الكريم، من أبرزها التضييقات على عمل الجمعيات المدنية ما  أدى إلى تجميد نشاطها أو حلها، بعد أن كانت لسنوات عضداً للدولة في الإحاطة بالفقراء وضعاف الحال في شهر رمضان والمناسبات التي تحتاج فيها الفئات الهشة إلى المساعدات. مضيفاً أن "التضخم وغلاء المعيشة أثرا كذلك على تدفق المساعدات من المتبرعين، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات، حيث تصبح المساعدات شحيحة ولا تفي بالحاجة لتنظيم موائد إفطار وتقديم وجبات متكاملة لفائدة الصائمين"، مقدراً الكلفة الدنيا لوجبة إفطار صائم ما بين 8 و12 ديناراً ( 2.4 و4 دولارات) وهو ما يتطلب إمكانيات مهمة لتوفير هذه الوجبات على امتداد شهر كامل.

وتشهد تونس منذ سنوات أزمة اقتصادية واجتماعية حادة زادتها نسب التضخم المتزايدة تعقيداً، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للعديد من الفئات الاجتماعية. وتساهم موائد الإفطار في شهر رمضان، علاوة على مساعدة المحتاجين وعابري السبيل وغيرهم، في تعزيز قيم التضامن الاجتماعي، وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع، خصوصاً فئات محدودي الدخل.

وبفعل الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي تعيش على وقعها البلاد، اتسعت رقعة الفقر في تونس لتشمل 4 ملايين شخص، تجد السلطات المحلية صعوبة في الإحاطة بهم. ولا تكفي المساعدات المالية التي تخصصها الدولة لفائدة الفئات الضعيفة لتوفير متطلبات العيش الكريم وهو ما يدفع "فاعلي الخير" إلى تنظيم مبادرات تضامنية للتخفيف من معاناة هؤلاء.

ومع بداية شهر رمضان أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية في بلاغ على صفحتها الرسمية على "فيسبوك" صرف منح ومساعدة شهر رمضان المعظّم لفائدة العائلات المنتفعة بالمنح المالية الشهرية، وقالت الوزارة إنها صرفت لفائدة "الأسر المسجّلة ببرنامج الأمان الاجتماعي مساعدات مالية بقيمة 60 ديناراً (20 دولاراً) كمساعدة لشهر رمضان".

المساهمون