مهن صيفية مجدية لطلاب الجامعات في الجزائر

25 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 01:39 (توقيت القدس)
يكافح بعض الطلاب لتأمين القسط الجامعي، الجزائر، 15 ديسمبر 2020 (مصعب رويبي/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يستغل الطلاب الجامعيون في الجزائر العطلة الصيفية للعمل في وظائف موسمية لتخفيف الأعباء المالية عن عائلاتهم، حيث يعملون في مجالات مثل المطاعم والتجارة الإلكترونية وخدمات التوصيل، بالإضافة إلى فرص العمل في القطاعات العمومية كحراسة الشواطئ والغابات.

- يختار بعض الطلاب تطوير مهاراتهم المهنية من خلال دورات تدريبية أو العمل في مجالات تتعلق بتخصصاتهم، مما يعزز مهاراتهم العملية ويزيد فرصهم الوظيفية المستقبلية.

- يعكس عمل الطلاب خلال الصيف شعورهم بالمسؤولية المجتمعية ويعزز استقلاليتهم، كما يساهم في تنمية شخصياتهم وتزويدهم بمهارات حياتية مهمة.

يفضّل بعض الطلاب الجامعيين في الجزائر الاستفادة من العطلة الصيفية بأعمال موسمية تؤمن مصاريفهم وأقساطهم، ويلجأ آخرون لدورات تدريبية تعزّز مهاراتهم.

في كل عام، يتطلع بعض الطلاب الجامعيين في الجزائر إلى عطلة الصيف لتكون فرصة للراحة والاسترخاء بعد عام دراسي حافل بالتحديات الأكاديمية، لكن العديد منهم يفضلون استغلال هذه الفترة للعمل واكتساب الخبرات الجديدة التي تساهم في تشكيل مستقبلهم المهني. ومع تزايد تكاليف الدراسة ومتطلبات الحياة اليومية، أصبح العمل في عطلة الصيف أكثر أهمية بالنسبة لهم لمواجهة التحديات المالية للموسم الدراسي المقبل.

وبينما يخطط بعض الطلاب لقضاء موسم الصيف في السفر والراحة والتخييم عند الشواطئ، يجد آخرون أنفسهم مجبرين على العمل لتأمين مدخول ومصروف يجنّبهم الاتكال على العائلة لتسديد النفقات الجامعية، ولا سيما ببعض التخصصات التي يتكبد معها الطالب كلفة النقل والبحوث الميدانية وأدوات باهظة الثمن لمواكبة التطور العلمي.

وتنتشر هذه الظاهرة بكثرة لدى طلاب المناطق الداخلية والجنوبية في الجزائر الذين يدرسون في الجامعات الشمالية، إذ يفضلون البقاء في محيط الجامعة والعمل في المطاعم أو المقاهي أو الفنادق الموجودة بكثرة أو استغلال فترة الصيف لتطوير مهاراتهم من خلال ورش تدريبية بمختلف التخصصات قد تفتح أمامهم آفاق التوظيف بعد التخرج، فيما يلجأ طلاب المناطق الشمالية إلى مجال التجارة الإلكترونية وخدمات التوصيل أو قطاعات الفلاحة والبناء والسياحة. أضف إلى أن بعض القطاعات العمومية تفتح أمام الطلاب فرصة التوظيف الموسمي، في حراسة الشواطئ والغابات. وتفضّل الطالبات العمل في محال بيع الألبسة أو الحلويات أو في المطاعم والمراكز التجارية وقاعات الاحتفالات، خصوصاً أن الأخيرة تُنظم بكثرة في الصيف.

يجيد علي محمودي السباحة، ما دفعه إلى العمل في حراسة الشاطئ بمنطقة شنوة (شمال البلاد)، وهو الطالب الجامعي في تخصص علم الاجتماع. ويخبر "العربي الجديد" أنه يمارس هذا العمل منذ ثلاث سنوات، حيث تتيح الحماية المدنية كل سنة مجال العمل براتب شهري يفوق 300 دولار أميركي، مع تأمين الطعام والشراب، ويقول: "يضمن هذا المدخول تأمين كلفة الأشهر الأولى من تخصصي الجامعي، كما تسمح لي هذه الوظيفة الموسمية بالاستمتاع اليومي بالسباحة وزرقة البحر".

أما سوسن صدوقي، الطالبة في كلية الاقتصاد، والتي تجيد الطبخ والتعامل مع الزبائن، فقد فضّلت العمل في المطاعم. وتقول لـ"العربي الجديد" إنها استغلت شهرتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث تنشر المأكولات التي تعدّها لجلب الزبائن، ما عزّز ثقة صاحب المطعم بقدراتها. وتضيف سوسن: "لا أعمل في موسم الصيف فقط، بل أستغل فترات انقطاع الدراسة أو العطل الدراسية ونهاية الأسبوع، للعمل في المطعم، وهو ما ساعدني بتأمين مصروفي الخاص، حيث أجني نحو 400 دولار شهرياً، ما يخفف الأعباء عن كاهل عائلتي التي تعاني ظروفاً اقتصادية صعبة".

الصورة
الأعمال الموسمية متنفس للطلاب، الجزائر، 11 أغسطس 2025 (بلال بن سالم/ Getty)
الأعمال الموسمية متنفّس للطلاب، الجزائر، 11 أغسطس 2025 (بلال بن سالم/ Getty)

يرى بعض الطلاب أن العمل في الموسم الصيفي يمنحهم فرصة محاكاة الواقع المهني مستقبلاً، والاحتكاك مع الخبراء والمتخصصين واكتساب المهارات المهنية والاطلاع على التحديات التي قد يواجهونها، ولا سيما في التخصصات التي تتطلب عملاً ميدانياً. فقد اختارت سليمة بن هنور، طالبة الحقوق، العمل بمكتب محاماة وكذلك لدى مكتب محضر قضائي من أجل التنقل بين المحاكم والقيام بتبليغات للأحكام القضائية. وترى سليمة في ذلك فرصة لتطبيق ما تعلمته بشأن القانون، وتضيف لـ"العربي الجديد": "الأهم من ذلك إتقان كيفية التعامل مع التحديات في بيئة العمل، وكيفية تنظيم الوقت والمهام. وهي مهارات ستكون مفيدة في مسيرتي المهنية".

ويرى محمد سالمي، طالب كلية الهندسة، أن "العمل الصيفي فرصة لتطبيق ما تعلمه من خلال العمل في ورش البناء ومع مكاتب الدراسات. ويقول لـ"العربي الجديد": "في الميدان أتعلم مواجهة الضغوط وتسليم المشاريع في وقتها المحدد، وإيجاد الحلول التقنية، وبناء علاقات مهنية، ما يمنحني ميزة إضافية عند التخرج. كما أنها فرصة لتأمين بعض المال من أجل تسديد تكاليف الدراسة".

يعكس توجه طلاب الجزائر للعمل في مهن موسمية خلال الصيف، جانباً إيجابياً في تربيتهم وتنشئتهم، حيث يعبّر عن شعورهم بالمسؤولية المجتمعية والأسرية، ويزوّدهم في الوقت نفسه بإمكانية التعرف على بيئات مهنية مختلفة، ويعزّز رغبة بعضهم في تحقيق نوع من الاستقلالية، واستغلال العطلة الصيفية بصورة مجدية.

ويشير المتخصص في علم الاجتماع الدكتور حسان عيط لـ"العربي الجديد إلى أن "الطلاب الذين يكافحون للعمل في موسم الاصطياف يتميزون بشخصية قوية تؤهلهم تحمل المسؤولية الاجتماعية والمهنية مستقبلاً. إذ تجدهم عصاميين يطمحون إلى الاستقلالية في النفقات بعيداً عن العائلة، ويسعون إلى تعزيز مهاراتهم وخبراتهم العملية، ولا يكتفون بمؤهلاتهم الأكاديمية النظرية، الأمر الذي يعزّز فرص حصولهم على وظائف أفضل بعد التخرج". ويؤكد أن العمل يعلم الطالب الانضباط والإنجاز، والالتزام وحسن تدبير الوقت، وغيرها من المهارات التي تتحقق من خلال بيئات العمل المتنوعة التي يختبرها الطالب قبل التخرج.

المساهمون