مهمّشون في ليبيا محرومون من العلاج

مهمّشون في ليبيا محرومون من العلاج

20 نوفمبر 2020
أحد مستشفيات ليبيا (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

تمنع بعض العوائق القانونيّة ليبيين من الحقّ في العلاج في المراكز أو المستشفيات الحكومية، والسبب عدم امتلاك هذه الشريحة من المواطنين أوراقاً رسميّة تُثبت جنسيّتهم الليبية. واقع دفع الطبيب في مستشفى أوباري العام (جنوب البلاد) صالح حبيب، للتحذير من مخاطر انتشار الأوبئة والأمراض، وخصوصاً في ظل تفشي فيروس كورونا، من دون أن تكون الجهات الرسمية قادرة على السيطرة على تفشّيها، في حال حدوث ذلك. 
وما من إحصائيات رسمية حول عدد المواطنين الذين لم يحصلوا على وثائق تُثبت جنسيتهم الليبية، بحسب المسؤول في مكتب السجل المدني في مدينة تراغن (جنوب البلاد) سعد عبد الخالق. ويشير إلى أن هذه المسألة لم تحل بعد رغم معاناة هؤلاء منذ ما يزيد عن 30 عاماً، في ظل تعدد السلطات وتعاقب الحكومات على البلاد. ويشير إلى أن الحروب والتنافس السياسي أديا إلى تجاهل قضية هؤلاء. 
ويُقدّر عبد الخالق عدد هذه الشريحة بنحو خمسين ألف شخص، غالبيتهم من الليبيين المهاجرين الذين عادوا إلى البلاد بعد استقلال ليبيا عام 1951. ومع مرور السنوات، تزوجوا وأنجبوا الأطفال وزاد عددهم.

وعلى الرغم من حصول منتصر الحسناوي، وهو مواطن من تراغن، على أوراق مؤقتة، إلا أنه اعتاد اللجوء إلى المراكز والمستشفيات الصحية الخاصة للعلاج، موضحاً أنه في استطاعتهم الوصول إلى تلك الحكومية في حال كان الأمر يتعلق بفحص عادي. ويؤكد: "نحن ليبيون ولهجتنا ليبية"، قائلاً في حديثه لـ "العربي الجديد" إنه لا يمكن للأشخاص الذين يعانون من أمراض مستعصية أو الأشخاص الذين يحتاجون إلى إجراء عمليات جراحية، التوجه إلى المستشفيات الحكومية من دون وثائق رسمية تثبت ليبيّتهم، باعتبار أن الموافقة على إجراء عمليات تتطلب اتباع بعض الإجراءات الرسمية. 
وحذّرت منظمة العفو الدولية مما وصفته بـ "عدم المساواة في الرعاية الصحية" في مناطق ليبية في الجنوب. وفي ظل تفشي كورونا بشكل كبير في البلاد، طالبت المنظمة السلطات الليبية بـ "ضمان تمتع الجميع بالمساواة للوصول إلى الرعاية الصحية بغض النظر عن الجنسية أو العرق"، بموجب القانون الدولي الإنساني.
ويؤكد حبيب تساهل بعض الأطباء مع هذه الشريحة، إيماناً منهم بحق هؤلاء في العلاج. في الوقت نفسه، يُشير إلى أنه خلال العمل على إحصاء عدد الأشخاص المصابين بكورونا من الليبيين والأجانب المقيمين، تدرج هذه الشريحة ضمن الأجانب. 
كذلك، يقول حبيب إن عدد الأشخاص الذين يعانون أمراضاً مزمنة ويحتاجون إلى العلاج في الخارج لقوا حتفهم بسبب عدم امتلاكهم جوازات سفر تمكنهم من السفر، نتيجة عدم امتلاكهم الأوراق الرسمية التي تثبت جنسيتهم، ما يعرقل اتمام إجراءات السفر الرسمية. 
إلى ذلك، تقول العضوة في حراك "لا للتمييز، ليبيا تجمعنا"، عزة العربي، إن بعض المراكز المحلية الصحية تساعد هذه الشريحة في الحصول على العلاج، وتسعى إلى توثيق عدد المرضى الذين يعانون أمراضاً مستعصية ويحتاجون إلى العلاج خارج البلاد، من خلال الاستعانة بالمنظمات الإنسانية الدولية. وتقول لـ "العربي الجديد" إن عدم إيلاء الأهمية اللازمة بهذه القضية، وقلة مواجهة ومساءلة السلطات، يفاقم الأمور سوءاً يوماً بعد يوم، خصوصاً مع عدم تعاطي السلطات بإنسانية مع هذه الشريحة.
وبحسب العربي، تُواجه عائلات صعوبات لضمان حصول أبنائها على اللقاحات اللازمة والشهادات الصحية التي تطلبها إدارات المدارس، بالإضافة إلى أمور أخرى. كذلك، يصعب على هؤلاء الوصول إلى المراكز الصحية بسبب الحروب والنزاعات. 

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في ليبيا (أوتشا) عن البدء بمشاورات مع سلطات ليبيا وشركاء محليين جنوب البلاد، لمناقشة رؤى مشتركة حول كيفية الاستجابة للاحتياجات الإنسانية للأشخاص الأكثر ضعفاً في ليبيا، لا سيما في ما يتعلق بالجانب الصحي.
ويبيّن المكتب تعثّر وصول المساعدات واللوازم الصحية إلى 46 موقعاً في ست بلديات، بسبب رفض المسلحين. ويتحدّث حبيب عن تأثيرات النزاعات القبلية المسلحة على أوضاع هذه الأقليات، موضحاً أن القبائل قسّمت البلديات والمناطق بحسب نفوذها، ومنعت أخرى أو أقليات من الوصول إلى خدماتها الصحية والمستشفيات، الأمر الذي منع كثيرين من الوصول حتى إلى المستشفيات الخاصة، وبالتالي الاضطرار للتوجه إلى مستشفيات المناطق البعيدة.
وتعدّ سبها (جنوب غرب البلاد) من أكثر المدن انفتاحاً، والتي يلجأ إليها غالبية المنتمين إلى الشرائح المهمشة، حيث تتوفر الخدمات الصحية. إلا أن حبيب يشير إلى تقاسم القبائل للنفوذ في مختلف المناطق والمدن، كما في مدينة الكفرة (أقصى جنوب شرق البلاد)، ما يدفع الأقليات إلى السفر إلى مدينة سبها واجتياز مئات الكيلومترات براً للوصول إلى المستشفيات الخاصة.

المساهمون