مهاجرون مصرّون على العبور إلى أوروبا عبر تسلّق أسوار مليلية

مهاجرون مصرّون على العبور إلى أوروبا عبر تسلّق أسوار مليلية

05 مارس 2022
محاولات جماعية متكررة من المهاجرين لتسلّق أسوار جيب مليلية (فاضل سنة/فرانس برس)
+ الخط -

لا يرى الشاب السوداني محجوب عبد الله أي سبيل "للعيش بعزة وكرامة" سوى في العبور إلى أوروبا، مصرّاً على تكرار المحاولة، بعد فشله قبل يومين في تسلّق السياج الشائك المحيط بجيب مليلية الإسباني شمالي المغرب.

كان محجوب (22 سنة)، وهو من دارفور غربي السودان، ضمن نحو 2500 مهاجر حاولوا اقتحام السياج العالي المحيط بالمدينة، وقال: "تعبت من العيش 3 أشهر في الغابة تحت المطر في ظروف لا تتحملها حتى الحيوانات". لكنه لم يجنِ من المحاولة سوى إصابة في قدمه اليمنى.

غادر الشاب، صباح الجمعة، مع مهاجرين سودانيين وتشاديين، كنيسة في وسط مدينة الناظور، حيث تمكنوا من الاستحمام والاستراحة، بعد مغامرة مضنية قطعوا خلالها كيلومترات عديدة وسط الجبال، قبل محاولة اعتلاء السياج الحدودي البالغ طوله 12 كيلومتراً.

ويقول الشباب إنهم يعتزمون الآن "الانسحاب" إلى مدن أخرى، على أمل ممارسة أعمال هامشية لجني بعض المال، قبل العودة إلى مخابئهم في غابات جبل كوروكو المطل على مليلية، والمحاذية لمدينة الناظور، وتكرار المحاولة.

وكانت مجموعة صغيرة من المهاجرين تسير في مسالك جبل كوروكو الوعرة، صباح الجمعة، وسط رياح شديدة وبرد قارس، في طريق العودة، بعد محاولة جديدة يائسة نفّذها نحو ألف مهاجر لم يتمكنوا من العبور إلى أوروبا.

عند سفح الجبل تنتشر فرق مختلفة من قوات الأمن المغربية على طول السياج الحدودي الذي يفصل مليلية عن بلدة بني أنصار على بعد 12 كيلومتراً من الناظور، تحت أنظار بعض الفضوليين من سكان البلدة، في أجواء هدوء حذر.

غالبية المهاجرين قادمون من دول أفريقيا جنوب الصحراء

يشكل جيبا مليلية وسبتة المسيطر عليهما من قبل إسبانيا شمال المغرب، الحدود البرية الوحيدة لأوروبا مع أفريقيا. وشهدت المنطقة، صباح الأربعاء الماضي، محاولة عبور "هي الأكبر حتى الآن" بحسب الإدارة المحلية لمليلية، وأعقبتها محاولة جديدة صباح الخميس، لنحو 380 مهاجراً، قبل أن يعود الهدوء إلى المنطقة ليلاً.

يحيط بالمدينتين سياج من ثلاثة مستويات بأسلاك شائكة، يصل ارتفاعه في بعض المواقع إلى عشرة أمتار، ونصبت عليه كاميرات مراقبة. لكن مخاطر الإصابة بجروح لا تمنع المهاجرين القادمين في الغالب من أفريقيا جنوب الصحراء، ومن المغرب كذلك، من التدفق باتجاه المدينتين من حين إلى آخر.

منذ وصوله إلى المغرب قبل ثمانية أشهر، حاول المهاجر السوداني أحمد محمد (17 سنة) العبور عدة مرات إلى مليلية، وأيضاً إلى سبتة، آخرها صباح الأربعاء. لكن محاولاته باءت بالفشل، وأبعدته قوات الأمن إلى مدن بعيدة جنوبا مثل الدار البيضاء وآسفي.

رغم ذلك ما زال الشاب مصرّاً على "تحقيق حمله"، ويضيف: "لدي هدف ضروري لأحققه، لا أمل لي في بلدي. كنت أدرس لكن الظروف فرضت علي ترك الدراسة لأعمل، فلم أجد عملاً".

مثل جل رفاقه، وصل محمد إلى المغرب بعد رحلة طويلة عبر الحدود الشرقية مع الجزائر، لكنه يتحفظ عن ذكر أي تفاصيل عن ذلك.

بدورها، عبرت شابة تشادية (17 سنة)، فضلت عدم ذكر اسمها، من نفس الطريق قبل أربعة أشهر. لم تتمكن المهاجرة، التي تغطي رأسها بقبعة صوفية سوداء لا تظهر سوى وشوم صغيرة على جبينها، من المشاركة في محاولة العبور الأخيرة. لكنها تؤكد إصرارها على العبور.

وتقول بتأثر مخاطبة الأوروبيين: "افتحوا لنا الطريق. ساعدونا. لقد تعبنا من المطاردات والنوم في العراء والتحرش. بيننا أيضاً أطفال صغار".

ويضيف محجوب: "أنا مشرد منذ عام 2011 بسبب الحرب في دارفور. لا أعرف أين والدي وإخوتي، عملت حدّاداً في المغرب، لكن لم أحصل على أوراق إقامة. لو استطعت العيش بعزة وكرامة في بلدي لما جئت إلى هنا".

وشكا هؤلاء المهاجرون من تعرّضهم "للعنف" من قوات الأمن المغربية والإسبانية على السواء، واستبعدوا معاودة المحاولة حالياً "لأننا تعبنا، وكثيرون أصيبوا بجروح"، حيث ينفذون عادة محاولات تسلق السياجات جماعيا.

في حين أكد مسؤولون إسبان أنّ محاولتي العبور يومي الأربعاء والخميس اتسمتا بمستوى غير عادي من العنف، وتطلبت استدعاء تعزيزات أمنية نُشرت على طول الحدود.

وأكد الناطق باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، الأربعاء، أنّ بلاده "تقوم بعمل جبار لمراقبة الحدود"، دون إعطاء تفاصيل حول وجود جرحى أو توقيفات بين المهاجرين.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون