منع طالبان الزواج الإجباري بلا تأثير في أفغانستان

08 فبراير 2025
الزواج الإجباري أمر تقليدي في أفغانستان، 13 يونيو 2022 (ساحل أرمان/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدرت طالبان قراراً بمنع الزواج الإجباري، لكن القرار لم يُحدث تأثيراً فعلياً بسبب استمرار السياسات التي تمنع تعليم الفتيات وعملهن، مما يدفع العائلات إلى تزويجهن.
- الزواج الإجباري يُعتبر تقليدياً في أفغانستان، حيث يُستخدم "ولور" للإشارة إلى المبلغ المدفوع للأب، مما يؤدي إلى تزويج القاصرات ويزيد من صعوبة وصول النساء للعلاج.
- رغم وعود طالبان، لم يتحسن وضع المرأة الأفغانية، حيث تحتاج القضايا لاستراتيجيات شاملة لتحسين التعليم والعمل للنساء.

أصدرت حكومة حركة طالبان الأفغانية في يوليو/ تموز الماضي، قراراً بمنع الزواج الإجباري، وطالبت أولياء الأمور بتجنب تزويج البنات من دون رضاهن، رغم ذلك يستمر الزواج الإجباري في المدن والأرياف، ما يجعل القرار بلا تأثير فعلي على أرض الواقع.
ويعتقد كثيرون أن سياسات طالبان نفسها حيال المرأة أدت إلى تفشي الزواج الإجباري وتعزيزه، إذ إن منع تعليم الفتيات، ومنعهن من العمل، وفرض الكثير من القيود عليهم يدفع عائلاتهن إلى تزويجهن، إضافة إلى ربط البعض الزواج الإجباري بالأعراف السائدة التي يرون أنها تؤثر على بقاء هذا النوع من الزواج وانتشاره. 
يقول الناشط الاجتماعي محفوظ شاه لـ"العربي الجديد": "الزواج التقليدي في أفغانستان هو الزواج الإجباري، والذي لا قيمة فيه أصلاً لرأي الفتاة. وفي بعض الأحيان لا قيمة لرأي الشاب فيه أيضاً، لكن هذا يحصل فقط في القرى والأرياف. ولا شك في أن نسبة الزواج الإجباري تتفاوت بين فترة وأخرى، وتتأثر أيضاً بالحكومات والوضع المعيشي والاجتماعي".
يتابع: "تعرف في القرى والأرياف تسمية ولور، وهو المبلغ الذي يأخذه الأب أو ذوو الفتاة لتزويجها فتحصل المصيبة الكبرى التي تسمح لهؤلاء بأن يفعلوا ما يحلو لهم ويدمروا حياتها. ومن أجل هذه المبالغ يجري تزويج قاصرات وفتيات في مقتبل العمر إلى أشخاص كبار في السن".
ويذكر قصة فتاة في الـ18 من عمرها من ولاية بروان (شمال)، جرى تزويجها من رجل عمره 42 سنة ولديه من زوجة أخرى أبناء وبنات أكبر من الفتاة نفسها، وذلك مقابل حصول أبيها على منزل، ولم تعرف الفتاة بالزواج إلا بعدما جاء الناس ليلة الزفاف إلى المنزل، وحصل الزواج من دون أي استعداد، ولاحقاً أصيبت الفتاة بالأمراض بسبب حالتها النفسية السيئة.
ولا تستطيع شريحة كبيرة من النساء الأفغانيات المصابات بأمراض مختلفة الوصول إلى العلاج بسبب الأعراف والعادات المتوارثة وأوضاعهن السيئة التي تتأثر بقلّة عدد الأطباء، وتدهور الأوضاع المعيشية، وانتشار الفقر والجهل، وعدم توفر التوعية بمخاطر الأمراض، خاصة لدى سكان المناطق النائية.
ويقول الزعيم القبلي إمام الدين لـ"العربي الجديد": "يؤثر النظام القبلي والأعراف السائدة في أفغانستان على حالة المرأة. واللافت أنه حين تحسّن مستوى التعليم لدى الأفغان قبل أن تسيطر طالبان على الحكم انخفضت وتيرة هذه الزيجات، ثم ارتفعت بعدما منعت طالبان الفتيات من التعليم والعمل".

تنشر الأعراف في أفغانستان الزواج الإجباري، 6 يوليو 2023 (محسن كريمي/ فرانس برس)
تنشر الأعراف في أفغانستان الزواج الإجباري، 6 يوليو 2023 (محسن كريمي/فرانس برس)

يضيف: "مع تولي طالبان الحكم عاد وضع المرأة الأفغانية إلى ما كان عليه قبل عقدين، وأثرت سياساتها بشكل كبير على هذا الأمر، في حين كان الأفغان، خصوصاً أولئك الذين يعيشون في مناطق نائية، مستعدين لقبول استئناف تطبيق ظاهرة الزواج الإجباري غير العادلة بسبب وجود جذور قديمة لها. والأكيد أن إغلاق المدارس والجامعات أثر على الظاهرة، إذ كانت الفتاة سابقاً تستطيع أن تقف في وجه أبيها، وكان انشغالهن بالتعليم يمنع الآباء من تزويجهن إجبارياً. والآن بعدما بتن يجلسن في المنازل بسبب قرارات طالبان يرى الآباء أنه لا بدّ من تزويجهن".
وكانت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حكومة طالبان قد أصدرت في يوليو الماضي قرار منع الآباء من تنفيذ الزواج الإجباري، وطالبت المسؤولين بأن يعاقبوا الضالعين في القضية ويعملوا للحفاظ على حقوق النساء، كما دعت القبائل إلى منع كل الأعمال التي تمارس الظلم في حق النساء، خصوصاً في قضية الزواج الإجباري.
كما طالبت الوزارة النساء بتقديم شكاوى في شأن الزواج الإجباري إلى فروعها المحلية في الولايات، وأكدت التزامها بمتابعة هذه الشكاوى وإرسالها إلى المحاكم من أجل معاقبة الجناة.

ورحب أفغان بقرار الوزارة حينها، إذ اعتقدوا بأن  تأثيره سيكون كبيراً على الأحوال السائدة، لكن الوضع ظل كما كان بعد مضي أشهر، بل زاد سوءاً، لذا يرى كثيرون أن هذه القضايا لا تتغير بإصدار قرار، بل بوضع استراتيجيات منسقة وشاملة طويلة المدى.
وتعامل المرأة الأفغانية منذ عقود باعتبارها ملكية وأحياناً وسيلة لتنفيذ مبادلة لحل مشاكل تتعلّق بديّة أو لإنهاء نزاعات أو خلافات قبلية. وقالت طالبان في الأشهر الأخيرة إنها تعارض هذه الممارسات، ووعدت على سبيل المثال بالسماح بزواج الأرملة مرة أخرى بعد 17 أسبوعاً من وفاة زوجها، واختيار زوجها الجديد بحرية.

المساهمون