استمع إلى الملخص
- دعت المنظمة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية خدمات مكافحة السل، مشيرة إلى أن تخفيض التمويل يعطل الوقاية والفحص والعلاج، مما يهدد المكاسب المحققة في مكافحة السل وأمراض أخرى.
- تواجه برامج مكافحة السل خطراً في 27 دولة بسبب تخفيض التمويل، مما يزيد الإصابات، وتفاقم الوضع بسبب مقاومة الأدوية والصراعات، مؤكدة الحاجة لاستثمارات عاجلة لتحقيق أهداف القضاء على السل بحلول 2030.
حذّرت منظمة الصحة العالمية، في تقرير أصدرته بمناسبة يوم السل العالمي، من أنّ التخفيض الكبير اللاحق بتمويل مساعدات التنمية يهدّد نجاح جهود مكافحة هذا المرض في العالم. وأشارت إلى أنّ السل يُعَدّ المرض المعدي الأشد فتكاً في العالم، لا سيّما أنّه ما زال يودي بحياة نحو 1.5 مليون شخص سنوياً. وفيما بيّنت الوكالة التابعة للأمم المتحدة أنّ حياة 79 مليون شخص في العالم أُنقذت من خلال جهود القضاء على السل المتواصلة منذ عام 2000، سيّما التشخيص والعلاج المبكران، شدّدت على أنّ الأمور ستكون قاتمة بالنسبة إلى الدول الأكثر فقراً من دون التمويل اللازم.
في يوم السل العالمي الذي يُحتفل به في 24 مارس/آذار من كلّ عام، دعت منظمة الصحة العالمية إلى اتّخاذ إجراءات عاجلة من أجل التصدّي لتعطّل خدمات مكافحة السل في كلّ أنحاء العالم، إذ من شأن ذلك تعريض حياة الملايين للخطر. وأوضحت أنّ ذلك يأتي من خلال توظيف استثمارات عاجلة في الموارد لحماية وصون خدمات الرعاية والدعم المقدّمة للأشخاص الذين يحتاجونها، أينما وُجدوا، مبيّنةً أنّ السل الذي ما زال يحصد أرواح أكثر من مليون شخص سنوياً يخلّف آثاراً مدمّرة على الأسر والمجتمعات.
Reports to WHO confirm that funding cuts from foreign aid are already dismantling essential #tuberculosis (TB) services.
— World Health Organization (WHO) (@WHO) March 24, 2025
Without urgent action, these setbacks will reverse decades of progress to #EndTB 🔗https://t.co/LmGns3VGUY #WorldTBDay pic.twitter.com/mBFpTl8LYT
وتحت عنوان "نعم! نستطيع القضاء على السل: بالالتزام والاستثمار والتنفيذ" تأتي حملة يوم السل العالمي لعام 2025، التي حذّر من خلالها المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس من أنّ "المكاسب الهائلة التي حقّقها العالم في مجال مكافحة السل طوال 20 عاماً معرّضة الآن للخطر، بسبب تخفيض التمويل الذي بدأ يعطّل إتاحة خدمات الوقاية من السل وفحص المصابين به وعلاجهم". أضاف: "لكنّنا لا نستطيع التخلّي عن الالتزامات الملموسة التي قطعها قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل 18 شهراً فقط لتسريع وتيرة العمل من أجل القضاء على السل"، مؤكداً "التزام" منظمته بـ"العمل مع كلّ الجهات المانحة والشريكة والبلدان المتضرّرة لتخفيف أثر تخفيضات التمويل وإيجاد حلول مبتكرة".
وتفيد بيانات منظمة الصحة العالمية بأنّ الحاجة السنوية تُقدَّر بـ22 مليار دولار أميركي للوقاية من السل وتشخيصه وعلاجه ورعاية المصابين به، من أجل تحقيق الغاية العالمية بحلول عام 2027، المتّفق عليها في اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى بشأن السل الذي عُقد في عام 2023. أمّا القضاء على السل بحلول عام 2030 فيندرج في إطار الغايات الصحية المحدّدة في أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة.
Since 2000, global efforts to #EndTB have saved 79 million lives.
— Tedros Adhanom Ghebreyesus (@DrTedros) March 23, 2025
Ahead of #WorldTBDay tomorrow, @WHO calls for continued action to protect millions of lives that remain at risk: https://t.co/tke9DnJbA0
لكنّ تخفيض التمويل بسبب الاقتطاعات الضخمة التي طاولت المساعدات الأميركية الخارجية منذ تسلّم الرئيس دونالد ترامب ولايته الثانية في البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، يأتي ليقوّض كلّ الجهود المبذولة والنتائج المحقّقة في مجال مكافحة السلّ، وكذلك في مكافحة أمراض أخرى لا تقلّ خطورة من قبيل الإيدز والملاريا وشلل الأطفال وغيرها. وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية قد دعا، في وقت سابق من شهر مارس/آذار الجاري، إلى "إعادة النظر" في التخفيض الحاد الذي طاول المساعدات الأميركية المخصّصة للقطاع الصحي، محذّراً من أنّ وقفها بصورة مباغتة يهدّد ملايين الأرواح. وقال المسؤول الأممي أمام الصحافيين: "نطلب من الولايات المتحدة الأميركية أن تعيد النظر في دعمها الصحة العالمية".
من جهتها، كانت رئيسة الجمعية الدولية للإيدز بياتريس غرينستين قد صرّحت، في حديث إلى وكالة رويترز في شهر فبراير/شباط الماضي، بأنّ "تخفيض التمويل الذي تنفّذه الولايات المتحدة الأميركية يفكّك النظام" الخاص بمكافحة الإيدز، مضيفةً أنّ "خدمات علاج السلّ تنهار" كذلك، وقد شدّدت على أنّ ثمّة "أرواحاً على المحكّ". يُذكر أنّ ترامب عمد، منذ تولّيه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية للمرة الثانية، إلى تجميد كلّ المساعدات الأميركية الخارجية تقريباً، بما في ذلك دعم برامج الرعاية الصحية على الصعيد العالمي. وقد أثار ذلك قلقاً واسعاً في الأوساط الصحية والإغاثية الدولية، خصوصاً أنّ واشنطن كانت تُعَدّ المانح الأكبر.
وفي حين جمّدت الولايات المتحدة الأميركية مليارات الدولارات في صناديق مساعدات عدّة أخيراً، عمدت دول أخرى إلى تخفيض مساعدات التنمية، من قبيل المملكة المتحدة في عام 2025 وألمانيا في عام 2024. وأوضحت منظمة الصحة العالمية أنّ برامج مكافحة مرض السل تواجه خطورة الانهيار في 27 دولة، مبيّنةً أنّ من دون التمويل الخارجي لجهود مكافحة المرض في تلك الدول، سوف يخضع عدد أقلّ من الأشخاص للفحوصات اللازمة، وسوف تُرصَد وتُعالَج حالات أقلّ، كذلك فإنّ الرقابة سوف تكون أقلّ من المعتاد، ونتيجة لكلّ ذلك سوف يُصاب أعداد أكبر من الناس بالمرض. وأشارت المنظمة إلى أنّ تسع دول تواجه بالفعل مشكلات في الحصول على الأدوية.
من جهة أخرى، لفتت منظمة الصحة العالمية، بمناسبة يوم السل العالمي، إلى أنّ وضع الفئات الأشدّ ضعفاً يتفاقم بفعل مقاومة الأدوية الآخذة في التزايد، خصوصاً في أنحاء أوروبا، إلى جانب الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا الشرقية.
"My deepest gratitude to all those who work tirelessly to combat TB. Your dedication is making a real difference in the lives of people affected by this stubborn, age-old scourge," says Dr @hans_kluge, @WHO_Europe Regional Director.
— WHO/Europe (@WHO_Europe) March 24, 2025
▶ https://t.co/KXv4RYDDDZ#WorldTBDay#EndTB pic.twitter.com/S7xqLVLS9K
تحذير من تنامي معدلات السل بين الأطفال في أوروبا
وفي تقرير صادر اليوم عن منظمة الصحة العالمية لمنطقة أوروبا، بمناسبة يوم السل العالمي، أفاد المعنيّون بأنّ الأطفال دون 15 عاماً مثّلوا 4.3% من حالات السل الجديدة والمتكررة في منطقة أوروبا بمنظمة الصحة العالمية في عام 2023، وبالتالي فإنّ الزيادة أتت بنسبة 10% عن العام الذي سبق. وبيّن التقرير أنّ أكثر من 172 ألف إصابة جديدة أو متكررة بالسل رُصدت في عام 2023، وهو ما يشبه مستويات عام 2022، علماً أنّ منطقة أوروبا تشمل بحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية 53 دولة، من بينها دول عدّة في آسيا الوسطى.
وفي الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية وحدهما، شُخّص نحو 37 ألف إصابة، أي أكثر بنحو ألفَي إصابة عن العام السابق، بحسب ما جاء في التقرير الذي أُعِدّ بالتعاون مع المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها. وتظهر نتائج التقرير أنّ انتشار مرض السل "ما زال مستمراً" في منطقة أوروبا، الأمر الذي أشار إلى "ضرورة اتّخاذ تدابير صحة عامة فورية للسيطرة على العبء المتزايد لمرض السل والحدّ منه".
In 2023, over 170,000 new episodes of TB were notified in the WHO European Region. This calls for urgent action to strengthen national TB response to #EndTB.
— WHO/Europe (@WHO_Europe) March 24, 2025
See more in the ECDC-WHO/Europe 2025 TB Surveillance & Monitoring report: https://t.co/HkjAZ094Nn#WorldTBDay pic.twitter.com/dkIYpEiD1V
وقال المدير الإقليمي لمنطقة أوروبا لدى منظمة الصحة العالمية هانز كلوغه، في بيان صادر اليوم الاثنين، إنّ "القضاء على السل ليس حلماً، بل خيار". أضاف: "للأسف، العبء الحالي لمرض السل والزيادة المقلقة في عدد الأطفال المصابين به يذكّراننا بأنّ التقدّم المحرز في وجه هذا المرض الذي من الممكن الوقاية منه وعلاجه ما زال هشاً". وأوضح كلوغه أنّه "حتى قبل التخفيضات الأخيرة في مساعدات التنمية الدولية، كان العالم يواجه عجزاً قدره 11 مليار دولار أميركي في مكافحة مرض السل على الصعيد العالمي".
بدورها، أفادت مديرة المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها باميلا ريندي فاغنر بأنّ "من الضروري أن تركّز أوروبا مجدّداً على الوقاية والعلاج السريع والفعّال" لمكافحة السل. أضافت ريندي فاغنر أنّ "مع تزايد الإصابة بمرض السل المقاوم للأدوية، فإنّ تكلفة التقاعس اليوم سوف ندفعها جميعاً في الغد"، علماً أنّ وكالات الصحة في أوروبا أكدت أنّ مرض السل المقاوم للأدوية المتعدّدة ما زال "يمثّل تحدياً كبيراً" في المنطقة.