استمع إلى الملخص
- تهدف المفاوضات في جنيف إلى صياغة اتفاقية شاملة للوقاية من الجوائح، مع التركيز على تبادل البيانات وتوزيع اللقاحات ومراقبة الأوبئة، مستفيدين من دروس جائحة كوفيد-19.
- دعت المنظمات غير الحكومية إلى الإسراع في التوصل إلى اتفاق يضمن توزيعًا عادلًا للموارد، مع التحذير من عدم وجود عواقب واضحة للدول غير الملتزمة.
شدّد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، اليوم الاثنين، على أنّ الوقت حان للتوصّل إلى اتفاق دولي بشأن الجوائح المحتملة مستقبلاً، موضحاً أنّ ذلك لن يحصل أبداً في حال لم يُبتّ الآن. وحذّر المسؤول الأممي، خلال افتتاح الجولة الـ13 من المفاوضات في مقرّ منظمة الصحة العالمية في جنيف، من أنّ من غير الممكن لأيّ دولة أن تواجه الوباء المقبل بمفردها.
وبعد ثلاثة أيام من إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسمياً أنّها لن تشارك بعد الآن في المفاوضات، قال غيبريسوس متوجّهاً إلى المشاركين في الجولة الـ13: "نحن في لحظة حاسمة في حين تستعدّون لإتمام اتفاق الجوائح في الوقت المناسب قبل انعقاد جمعية الصحة العالمية" في مايو/ أيار القادم. وإذ أكد "وجوب أن يحصل ذلك الآن وإلا فإنّه لن يحصل أبداً"، تابع "لكنّني واثق من أنّكم ستختارون "الآن" لأنّكم تعلمون مدى خطورة الأمر".
وتهدف هذه المفاوضات إلى البتّ في اتفاق الجوائح قبل الاجتماع السنوي الرئيسي الذي يضمّ كلّ الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية بعد نحو ثلاثة أشهر. وكانت الدول الأعضاء قد قرّرت، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، صياغة اتفاق بشأن الوقاية من الجوائح والاستعداد لتجنّب الأخطاء الجسيمة التي ارتُكبت خلال جائحة كورونا. لكنّ أسئلة رئيسية تُطرَح، من بينها تلك التي تتعلّق بتبادل البيانات بشأن مسبّبات الأمراض الناشئة والفوائد التي يمكن تحقيقها من ذلك، بالإضافة إلى تلك المرتبطة باللقاحات والاختبارات والعلاجات ومراقبة الأوبئة محلياً.
وقال غيبريسوس: "تذكرون العبر التي استُخلصت بشقّ الأنفس" من أزمة فيروس كورونا الجديد (سارس-كوف-2)، موضحاً أنّ "كوفيد-19 (المرض الناجم عن الفيروس) أودى بحياة نحو 20 مليون شخص وما زال يقتل" في الوقت الراهن. أضاف المسؤول الأممي، اليوم الاثنين: "ولهذا السبب نحن هنا؛ لحماية الأجيال المقبلة من تأثير الجوائح المستقبلية".
ورأى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أنّ السؤال بشأن "الجائحة المقبلة لا يتعلّق بمسألة ما إذا كانت سوف تحدث أم لا، بل بموعد حدوثها"، مشيراً إلى "أمثلة في كلّ مكان حولنا؛ إيبولا وماربورغ والحصبة والملاريا والإنفلونزا...".
تجدر الإشارة إلى أنّه بعد ساعات من عودته إلى البيت الأبيض في ولاية رئاسية ثانية، وقّع ترامب مرسوماً يسحب بموجبه الولايات المتحدة الأميركية من منظمة الصحة العالمية. وينصّ مرسومه على أنّ واشنطن سوف تعلّق التفاوض في مرحلة الانسحاب التي من المقرّر أن تستمرّ مدّة عام. وفي هذا الإطار، بيّن المدير العام للمنظمة، اليوم الاثنين، أنّ واشنطن أبلغت منظمته رسمياً، يوم الجمعة الماضي، بشأن انسحابها من المفاوضات. وإذ عبّر غيبريسوس عن أمله بتراجع واشنطن عن قراراتها، شدّد على أنّه "من غير الممكن لأيّ بلد أن يحمي نفسه بمفرده"، لافتاً إلى أنّ "الاتفاقات الثنائية لا تفي بالغرض" في موضوع السيطرة على الجوائح.
وحثّت المنظمات غير الحكومية، المشاركة في الجولة الـ13 من المفاوضات في جنيف، الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية على التوصّل إلى اتفاق بشأن الجوائح من دون تأخير. وأفادت مجموعة "سبارك ستريت أدفايزرز" بأنّ العالم تغيّر بصورة كبيرة منذ المفاوضات الأخيرة في ديسمبر الماضي. أضافت: "لهذا السبب، لا ينبغي للدول الأعضاء أن تفشل هذا الأسبوع"، مشدّدةً على أنّه "في ظلّ هذا الواقع الجديد الذي يسعى إلى إطاحة عقود من التقدّم، يمثّل الاتفاق بشأن الجوائح إجراءً ملموساً في مواجهة هذا التفكيك".
يُذكر أنّ اتفاق الجوائح يقضي بوضع مبادئ توجيهية لكيفية عمل الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية لوضع حدّ للجوائح في المستقبل، وكذلك تقاسم الموارد الشحيحة بطريقة فضلى تفادياً للأزمات التي تخلّلت جائحة كورونا، لا سيّما في ما يتعلّق باللقاحات المضادة لكوفيد-19 وعدالة توزيعها واستفادة الدول الفقيرة منها. وفي هذا السياق، يحذّر خبراء من عدم توفّر أيّ عواقب تقريباً تُفرَض على الدول التي لا تمتثل لما يُتَّفق عليه، هذا في حال جرى التفاهم وسط الخلافات القائمة.
(فرانس برس، العربي الجديد)