منظمات حقوقية توثق انتهاكات في عدة سجون مصرية

09 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 18:15 (توقيت القدس)
انتهاكات متواصلة في السجون المصرية، في 27 ديسمبر 2020 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تكشف التقارير الحقوقية عن انتهاكات جسيمة في السجون المصرية، متهمة السلطات بالعقاب الجماعي ضد السجناء السياسيين وذويهم، مع تسليط الضوء على حرمان السجينات من الحقوق وخلطهن مع الجنائيات وفرض قيود على الزيارات.
- توثق التقارير حالات فردية مثل الصحافي أحمد صبري وزوجته، وتبرز سياسة الانتقام السياسي بترحيل أقارب معارضين إلى سجون نائية، مما يمثل انتهاكًا للقانون والدستور.
- تؤكد لجنة العدالة استمرار الاعتقال التعسفي ضد محامين وصحافيين، مطالبة بوقف الحبس الاحتياطي وتحسين ظروف الاحتجاز، مما يثير انتقادات محلية ودولية.

تتوالى الشهادات والتقارير الحقوقية التي تكشف جانبًا مظلمًا من أوضاع السجون في مصر، حيث تتهم منظمات محلية السلطات بارتكاب انتهاكات جسيمة تطاول سجناء سياسيين وذويهم، وتصل إلى حد "العقاب الجماعي". أحدث هذه الشهادات جاءت في صورة رسائل استغاثة من داخل السجون، إلى جانب تقارير دورية لمنظمات حقوقية، ما يعكس استمرار التوتر بين السلطة والملف الحقوقي.

قال مركز الشهاب لحقوق الإنسان في بيان له اليوم، الثلاثاء، إنّه تلقى "صرخة استغاثة من محتجزات داخل سجن العاشر من رمضان – سيدات"، يشكين فيها من "حرمان ممنهج من أبسط الحقوق". وبحسب البيان، شملت الانتهاكات: "منع التريض والخروج للشمس، وخلط السجينات السياسيات مع سجينات جنائيات بما يعرض حياتهن للخطر، إضافة إلى قيود مشددة على الزيارات وحرمان الأسر من إدخال مستلزمات أساسية".

وسلط البيان الضوء على حالة خاصة للصحافي أحمد صبري عبد الحميد (35 عامًا) وزوجته أسماء عبد الرحمن عبد القادر (33 عامًا)، المحبوسين منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023. وأشار إلى أن طفليهما، حسين (15 عامًا) وعهد (6 سنوات)، تُركا وحدهما ساعات طويلة أثناء عملية الاعتقال، في مشهد وصفه المركز بـ"القاسي". مضيفا أن الزوجين يواجهان قضايا "ملفقة"، بعد حصولهما على البراءة في قضايا سابقة، وأنهما تعرضا للإخفاء القسري وإعادة التدوير على قضايا جديدة. الزوج محتجز في سجن أبو زعبل، بينما الزوجة في سجن العاشر – سيدات، دون أن يُسمح لهما بلقاء بعضهما منذ قرابة عامين من الحبس الاحتياطي. وطالب المركز بوقف هذه الانتهاكات فورًا، والإفراج عن الصحافي وزوجته "تقديرًا لوضعهما الأسري والإنساني"، مع فتح تحقيق مستقل والسماح للمنظمات الحقوقية بزيارة السجون.

وفي رسالة مسربة أخرى، نشرها مركز الشهاب لحقوق الإنسان، أمس الاثنين، قال محتجزون في سجن وادي النطرون 440 إنهم يعيشون "ظروفًا غير آدمية" أدت إلى وفاة ثلاثة سجناء في شهر واحد، كان آخرهم المعتقل إبراهيم صقر، الذي وُصف بأنه "كان رياضيًا وبصحة جيدة". وأشارت الرسالة إلى تقليص ساعات التريض من ست ساعات إلى ساعة أو اثنتين يوميًا، ومنع شراء مستلزمات من الكافتيريا إلا بأسعار باهظة، فضلًا عن تردي الملف الطبي. وأكد المعتقلون أن مرضى القلب والضغط والسكري لا يتلقون العلاج الكافي، وأن بعض الحالات الحرجة تنتظر شهورًا للتحويل إلى مستشفيات خارجية. وجاء في نص الرسالة: "احنا بنموت واحد ورا واحد من الضغط اللي عايشين فيه… ده تالت واحد يموت الشهر ده. أنا بقالي 12 سنة ما شفتش بنتي وابني. زوجتي بتتعامل أقذر معاملة من المخبرين في الزيارات". واعتبر مركز الشهاب أن هذه الشهادة "تبرهن مجددًا على خطورة الأوضاع في السجون المصرية، حيث يتعرض المعتقلون لانتهاكات قد ترقى لجرائم ضد الإنسانية".

من جانبها، وثّقت الشبكة المصرية ما وصفته بسياسة "الانتقام السياسي" التي تنفذها الأجهزة الأمنية عبر ترحيل أقارب معارضين بارزين إلى سجون نائية. وقالت الشبكة إن مصلحة السجون، بتوجيه من جهاز الأمن الوطني، رحّلت كلًا من محمد عبد الحميد مرعي وعبد الله فكري عبد الله فايد – وهما من أقارب الفنان والإعلامي المعارض هشام عبد الله – إلى سجن الوادي الجديد المعروف بين السجناء باسم "سجن الموت".

وبحسب الشبكة، فإن مرعي (44 عامًا) كان مشرف أغذية قبل اعتقاله عام 2020، ورغم حصوله على قرار إخلاء سبيل، أُعيد تدويره على قضية جديدة. أما فايد (53 عامًا)، وهو محاسب متقاعد ويعاني من أمراض القلب والضغط والسكري، فقد ألقي القبض عليه، أواخر 2020 وظل رهن الحبس الاحتياطي، رغم حاجته المستمرة إلى رعاية طبية. وأضاف البيان أن ترحيل أقارب الإعلاميين المعارضين أصبح نهجًا متصاعدًا، مستشهدًا بحالات سابقة مرتبطة بأسر إعلاميين مثل أحمد سمير ومحمد ناصر. واعتبرت الشبكة أن هذه الممارسات تمثل "انتهاكًا صارخًا" للقانون المصري والدستور، إذ تحرم الأسر من متابعة ذويها، وتحوّل السجون إلى وسيلة لمعاقبة العائلات بأكملها.

إلى جانب الشهادات الفردية، أصدرت لجنة العدالة تقريرها الدوري عن الفترة بين إبريل/نيسان ويونيو/حزيران 2025، أكدت فيه أن السلطات واصلت "سياسة الاعتقال التعسفي والحبس الاحتياطي المطول" بحق محامين وصحافيين ونقابيين. ووفق التقرير، تم اعتقال المحاميين أيمن عصام وسيف ممدوح، واستمر احتجاز الناشطة مروة أبو زيد، إلى جانب استدعاء الإعلامية رشا قنديل والنقابي خالد أمين، إضافة إلى توقيف ثلاثة محامين جزائريين في مطار القاهرة. كما رُصدت انتهاكات أخرى مثل الفصل التعسفي للصحافية صفاء الكوربيجي والنقابي محمود يوسف عثمان، والحكم بالسجن عشر سنوات على الناشط الطلابي معاذ الشرقاوي في محاكمة قالت اللجنة إنها "تفتقر لمعايير العدالة".

وخلصت اللجنة إلى أن هذه الممارسات تمثل "نهجًا سلطويًا يستهدف إسكات الأصوات المستقلة وتقويض سيادة القانون"، مطالبةً بوقف الحبس الاحتياطي غير القانوني وتحسين ظروف الاحتجاز وضمان الحقوق النقابية والإعلامية. وتجتمع هذه الشهادات والتقارير لتسلط الضوء على ملف السجون في مصر، وهو ملف طالما أثار انتقادات محلية ودولية. وبينما تؤكد السلطات المصرية مرارًا أن السجون "تخضع لإشراف قضائي وقانوني" وتلتزم بالمعايير، ترى المنظمات الحقوقية أن ما يجري "يمثل سياسة ممنهجة تستهدف المعارضين وأسرهم". ومع تزايد الضغوط الدولية على القاهرة بشأن حقوق الإنسان، يبدو أن هذه الشهادات ستواصل مد النقاش حول واقع الحريات في مصر، وما إذا كان يمكن فتح مسار نحو إصلاح جدي.

المساهمون