استمع إلى الملخص
- يواجه النازحون تحديات كبيرة بسبب شح المساعدات الإنسانية، حيث يفتقرون للملابس الشتوية والأغطية الكافية، مما يزيد من معاناتهم الصحية والنفسية، ويعيش الكثيرون في أماكن إيواء مكتظة تساهم في انتشار الأمراض.
- تتطلب الأوضاع تسريع جهود إعادة الإعمار وتوفير منازل مؤقتة ومساعدات شتوية عاجلة، حيث يواجه المتطوعون صعوبات في تقديم المساعدات بسبب قلة الموارد ووعورة الطرق، مما يعوق وصول الغذاء والمواد الأساسية.
زاد المنخفض الجوي الذي يضرب غزة منذ يومين قساوة الأوضاع المعيشية
لم تصمد الخيام أمام الأمطار ما أدى إلى تسرّب المياه وغرقها
يضاعف شحّ المساعدات الإنسانية المقدمة إلى النازحين حجم المأساة
فاقمت الأمطار الغزيرة التي هطلت على قطاع غزة معاناة عشرات آلاف الفلسطينيين الذين دمرت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية منازلهم. انشغل النازح العائد إلى دياره صهيب السعدي في تثبيت النايلون والشوادر بديلةً من الجدران المهدومة والنوافذ المحطمة في بيته لمحاولة حماية أطفاله من الأمطار والبرد القارس والعواصف الشديدة والتقلبات الجوية القاسية. لكن هذه الشوادر لم تمنع دخول المياه والرياح، وبات بالتالي يمكث مع أسرته في ظل البرد الشديد من دون القدرة على إيجاد بدائل بسبب إنعدام مواد البناء اللازمة للترميم.
وزاد المنخفض الجوي الذي يضرب غزة منذ يومين قساوة الأوضاع المعيشية لآلاف العائلات التي تعيش في خيام مهترئة لا تحمي من البرد أو من تسرّب المياه بعدما فقدت بيوتها، وأيضاً لأسر اضطرت إلى البقاء في مبانٍ شبه مدمّرة أو مراكز إيواء مكتظة، ما يفاقم معاناتها الصحية والاجتماعية، في ظل انعدام التدفئة والإمكانات. ولم تصمد الخيام أمام العواصف والأمطار، ما أدى إلى تسرّب المياه وغرق الفرش والأغطية والملابس، ما يضطر بعض العائلات إلى إخلاء خيامها أو البحث عن أماكن جافة داخل المباني المدمرة أو السيارات، كذلك تسبب ارتفاع نسبة الرطوبة في انتشار الأمراض الصدرية والحساسية، خصوصاً لدى الأطفال والمسنين.
#شاهد | معاناة العائلات النازحة على شاطئ #غزة بسبب الرياح العاتية والأمطار الغزيرة pic.twitter.com/bBqlnnyzHd
— العربي الجديد (@alaraby_ar) February 6, 2025
وقال حسن انصيو الذي واجه الأمطار والبرد القارس بعدما فقد بيته، محاولاً تثبيت أوتاد خيمته القماشية وزيادة عدد الأغطية لأطفاله لـ"العربي الجديد": "تزيد الحياة صعوبة مع بدء هطول المطر الذي يفاقم سوء وضعنا المعيشي الذي يفتقر أساساً إلى أدنى مقومات الحياة من دون امتلاك القدرة على إيجاد بدائل آمنة. يرتجف أطفالي من البرد، وليس لدينا تدفئة. نحاول إشعال الحطب أحياناً، لكن الخوف من الحريق يجعلنا نتردد. كنا نعتقد أن فقدان البيت أسوأ شيء يمكن أن يحدث، لكن البرد جعل الأمور أكثر قسوة".
ويزيد شحّ المساعدات الإنسانية المقدمة إلى النازحين والمتضررين من حجم المأساة بعدما فقدوا ممتلكاتهم، إذ لا يستطيعون توفير الملابس الشتوية أو الأغطية الكافية، في وقت يتسبب التكدس في أماكن الإيواء في انتشار الأمراض مثل الإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي. وقال أدهم الحسنات لـ"العربي الجديد": "أحتاج إلى مأوى حقيقي يحمي أطفالي من الطقس القاسي. لا تصلح الخيام للعيش في الشتاء، والمساعدات الخاصة بالتدفئة مثل البطانيات والفراش والملابس قليلة. الأوضاع المعيشية صعبة جداً منذ بداية الحرب، وكنت آمل أن تخفّ حدة المعاناة بعد عودتي إلى مدينة غزة، لكنني اضطررت إلى إعادة إنشاء خيمة بعد هدم منزلي بالكامل، ما يُبقي أطفالي عرضة للبرد والمطر". تابع: "أخشى على صحة أطفالي، فالبرد والرطوبة سبّبا لهم مشكلات تنفسية في ظل إنعدام وجود الأدوية، والضغوط النفسية تزداد بسبب عدم وجود حلول في المدى القريب".
من جهتها، اختارت سومة أحمد البقاء في منزلها المتضرر رغم صعوبة الحياة فيه وقسوتها، خصوصاً في ظل الرياح الشديدة وتدفق المياه، وذلك بفعل الإرهاق الشديد الذي أصابها من حياة النزوح والتكدس وانعدام الخصوصية. وقالت لـ"العربي الجديد": "أغلق زوجي بعض فجوات الجدران بألواح خشبية ونايلون، لكن ذلك لم يكفِ لحماية أطفالي من البرد ومن الشعور المتواصل بأن المنزل قد ينهار في أي لحظة". وقال المتطوع محمود شحادة لـ"العربي الجديد" إنه يحاول مساعدة أسر متضررة بقدر الإمكان ضمن فريق شبابي وبجهود فردية، وذلك عبر تقديم البطانيات والملابس الشتوية، لكن الاحتياجات أكبر من إمكاناتهم. وقال: "تعيش آلاف العائلات في خيام أو بيوت غير صالحة للسكن، وقد حوّلت الأمطار حياتهم إلى كارثة حقيقية. نوزع أحياناً بعض المواد الغذائية، لكن عدداً من العائلات لا تملك حتى وسائل للطهي".
وتعتبر قلة الموارد من أبرز التحديات التي تواجه شحادة وفريقه التطوعي في ظل تزايد عدد المحتاجين، ووعورة الطرق المكسرة والغارقة بمياه الأمطار التي تعطّل وصول المساعدات الشحيحة المتوافرة، ما يزيد صعوبة حصول العائلات على وجبات كافية، بينما لا يستطيع الغزيون في ظل عدم توافر الغاز الطهي على الحطب المبلل، ما يدفعهم إلى تناول الأطعمة الباردة والمعلبات التي تؤثر سلباً في صحتهم. ويحتاج الفلسطينيون في مواجهة هذه الظروف إلى تسريع إعادة الإعمار وتوفير منازل مؤقتة أو وحدات سكنية جاهزة ومساعدات شتوية عاجلة، وأيضاً تحسين أوضاع الملاجئ وتوفير العلاجات اللازمة للأطفال وكبار السن، وضمان وصول الغذاء باستمرار.