مناطق سيطرة المعارضة السورية: التعايش مع رعب المفخخات

مناطق سيطرة المعارضة السورية: التعايش مع رعب المفخخات

24 ديسمبر 2020
بائعو خضار في أحد شوارع عفرين (سمير الدومي/ فرانس برس)
+ الخط -

سلسلة من الهجمات المفخّخة في عفرين وحلب وريف الحسكة الشمالي تزرع الخوف بين السكان. البعض أصبح لديه "فوبيا"، والبعض الآخر يخاف من السير في الشارع في تلك المناطق الشمالية التي تسيطر عليها المعارضة السورية

تواجه المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية في شمال البلاد منذ عدّة سنوات مخاطر التفجيرات المستمرّة التي تطاولها بشكلٍ متكرّر. هذا الأمر ساهم في زرع الخوف بين السكان؛ إذ أصبح أي مدني يمشي في شوارع هذه المناطق عرضة للموت في أيّ لحظة. تشمل هذه المناطق مدينة عفرين وريفها، ومدن وبلدات ريف حلب الشمالي والشرقي، المعروفة باسم "مناطق درع الفرات"، إضافةً إلى أجزاء من ريف الحسكة الشمالي المعروفة باسم "رأس العين".

وتسيطر فصائل المعارضة على هذه المناطق بعد معارك خاضتها على مدار السنوات الماضية بدعمٍ تركي ضد تنظيم "داعش" و"قوات سورية الديمقراطية". وتُدار اليوم من قبل "الجيش الوطني السوري"، وهو تحالف من فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا. تزداد مخاوف المدنيين البالغ عددهم مئات الآلاف في تلك المدن والبلدات، بعد سلسلة الهجمات المفخّخة التي تكون إمّا عبر سيارات أو دراجات نارية. فقبل أسابيع، قُتل خمسة مدنيين في هجومٍ بسيارة مفخّخة على مدينة الباب في ريف حلب الشرقي. كما تعرّضت مدينة عفرين لانفجارين بسيارتين مفخّختين، وكان الفارق بينهما عدّة ساعات فقط، ما أسفر عن وقوع عددٍ كبيرٍ من القتلى والجرحى. وفي إبريل/نيسان الفائت، قُتل وأصيب العشرات من المدنيين إثر انفجار شاحنة مفخّخة في عفرين، خلّفت أضراراً واسعةً في المكان، وكان من أكثر الانفجارات ضراوةً منذ سنوات.
وبحسب رصد "العربي الجديد"، فإنّ الانفجارات في غالبية الأحيان تستهدف مواقع مأهولةً بالمدنيين، مثل الشوارع العامة والساحات والأسواق الشعبية التي تكون مكتظّة بالمارّة، وهو الأمر الذي يزيد من مخاوف من يعيشون هناك سواء من سكّان المنطقة، أو النازحين إليها، والّذين يُقدّر عددهم بمئات الآلاف.

الخوف من الموت بانفجار
يعيش معاذ مع أسرته في مدينة أعزاز، في ريف حلب الشمالي، منذ عام 2017، ونجا من التفجير ثلاث مرّات. لذلك، هو يشعر بالخطر الحقيقي في كل مرّة يغادر المنزل فيها. يقول معاذ، النازح من أحياء حلب الشرقية، لـ "العربي الجديد": "في مرّتين متقاربتين، انفجرت دراجة نارية بالقرب منّي، وفي المرّة الثالثة انفجرت سيارة مفخّخة في أحد الشوارع بعد أن غادرتُه بدقائق. الأمر الذي جعلني بحالة خوف مستمرة". ويضيف الأربعيني أنّه يبقى في حالة خوف دائمة على أولاده عندما يرسلهم إلى المدارس أو عندما يخرجون من المنزل. ويعبّر عن رغبته في التوجّه إلى مناطق أكثر أمناً لكنها أيضاً تُعتبر غير مستقرّة، فبحسب معاذ، "في ريف حلب تفجيرات، وفي إدلب غارات جوية، وفي مناطق النظام اعتقال وتعذيب".
من جهته، يعيش إبراهيم "فوبيا" من أحد أنواع السيارات، وذلك بعد وقوع انفجار بسيارة مفخخة، من هذا النوع الذي يخافه، وإصابته في الانفجار، وذلك عندما كان يسير في شارع بمدينة الباب. ويُعيد إبراهيم النظر حالياً في مدى أمان المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال سورية. ويشرح لـ "العربي الجديد": "اضطررت إلى وضع أسياخٍ معدنية في يدي بعد أن أُصبت في التفجير، ولو كنتُ قريبًا منه أكثر لقُتلت".

من المسؤول؟
من غير المعلوم حتى الآن، الجهة التي تقف خلف هذه التفجيرات، وكذلك الحال في كيفية حدوث هذا "الاختراق الأمني" المستمرّ لتلك المناطق، لكن المعارضة السورية تتّهم "قوات سورية الديمقراطية" بالوقوف خلف تلك التفجيرات.
وتبدو حلول مواجهة هذه التفجيرات ضعيفة حتّى الآن، فالتعاميم التي تصدر عن المجالس المحلية والمؤسّسات الشرطية تدعو المدنيين إلى تجنب التواجد في النقاط التي من المُتوقّع أن تحدُث فيها التفجيرات لتقليل عدد الضحايا، فيما يبدو استئصال هذه الانفجارات أمراً بعيد المنال.

قبل فترة، طالبت قوات الشرطة والأمن الوطني التابعة للمجلس المحلي لمدينة أعزاز، شمالي حلب، الأهالي، بالالتزام بعدّة تعليمات للحدّ من التفجيرات المتكررة هناك. وبحسب التعميم، طلب المجلس من أصحاب بسطات الخضار وضعها في الأماكن المحددة لها وعدم وضعها في شوارع المدينة وعلى أرصفتها بشكل عشوائي. كما طالب أصحاب الآليات والدراجات النارية بتسجيلها في مديرية النقل. ودعا التعميم، الأهالي، إلى الإبلاغ عن "أي جسمٍ مشبوه، بما في ذلك الأشخاص، الآليات، الأجسام الغريبة"، والتشديد على ضرورة قيام أصحاب المحال التجارية بتركيب كاميرات مراقبة أمام محالهم.

المساهمون