استمع إلى الملخص
- الهيئة الوطنية للمفقودين أنجزت بعض المهام، مثل إعداد الوثائق والتعامل مع مقبرة مدوخا، لكنها تواجه خطر الفراغ الإداري، مما يستدعي الإسراع في الترشيحات والتعيينات لضمان استمرارية العمل.
- التقديرات تشير إلى وجود آلاف المفقودين في لبنان، والجهود مستمرة لاكتشاف مقابر جماعية جديدة، مع متابعة قضية المفقودين في السجون السورية بالتعاون مع السلطات السورية.
وداد حلواني رمز لقضية المخطوفين، أسوأ ما خلفته الحرب الأهلية، ومن هؤلاء زوجها عدنان حلواني. تخبر "العربي الجديد" في هذا الحوار عن أحدث معطيات هذا الملف:
1 - ماذا حققت لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان منذ تأسيسها عام 1982 وحتى اليوم؟
على امتداد 42 عاماً ونصف العام، راكمنا أموراً كثيرة أوصلتنا إلى النجاح في انتزاع قانون المفقودين والمخفيين قسراً (رقم 105 تاريخ 30/11/2018)، الذي كرّس حق العائلات في معرفة مصير مفقوديها حين كان عمر اللجنة 36 عاماً. ونقول إننا انتزعنا القانون من مجلس النواب، في إشارة إلى معرفة توجهاته السياسية؛ فالقيادات التي كانت قبل الحرب الأهلية ظلت هي نفسها بعد انتهاء الحرب. ولا يزال النضال مستمراً لفرض تطبيق القانون بشكل جدي. كنا قد ضغطنا ما بعد إقرار القانون لإصدار مرسوم تطبيقي نتج عنه تشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً، وهي أول هيئة مستقلة. والنضال لا يزال مستمراً. ومثلما انتزعنا القانون، سنتابع العمل لانتزاع إرادة سياسية رسمية حقيقية لتطبيقه.
2 - هل تعتقدين أن هذا الانجاز يعد كافياً خلال كل هذه السنوات؟
إقرار القانون يعد تفصيلاً مهماً جداً، وقد استغرق كل هذا الوقت أي 36 عاماً لأن المسؤولين أداروا ظهورهم في وجهنا وأهملوا القضية، علماً أننا لم نتوقف يوماً عن العمل في سبيل حقوقنا. نقول انتزعنا القانون لأنه لم يقر برضىً منهم. انتهت الحرب الأهلية عام 1990 من دون أن يتم التعامل مع نتائجها، بدليل ما وصلنا إليه اليوم على مستوى الأزمات التي نعيشها على كافة المستويات.
3 - تحدثت في مناسبات عدة عن إعاقة عمل الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً. ما هو شكل هذه المعوقات وما هي الأسباب؟
كان لدى الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً مهمة أساسية تتمثل في تقفي أثر المفقودين والكشف عن مصيرهم، وقد منحت العديد من الصلاحيات لإتمام هذه المهمة، من بينها إعداد قاعدة بيانات عن كافة المفقودين، وعن المقابر الجماعية مع القدرة على التعامل معها، والاستماع إلى الشهود، وغيرها. ليس هناك تقصير في مضمون قانون المفقودين والمخفيين قسراً الذي كتب من قبل محامين ومشرعين أصدقاء للقضية. بالتالي، فإن ما يعيق عملها هو غياب الإرادة السياسية. الهيئة التي تنتهي ولايتها في يوليو/تموز المقبل (مدة الولاية خمس سنوات غير قابلة للتجديد) لم تعطَ مقراً يتلاءم مع طبيعة العمل الذي ستقوم فيها. كما أن الموازنة المقرة ضمن القانون ضئيلة جداً ولا تكفي بدل إيجار شقة. ورغم المطالبات الكثيرة، لم يعين قاضيان بدل المُستقيلَين إلا مؤخراً، وهو ما يخالف القانون إذ بقي أمام عمرها أقل من سنة. على كل حال، فإن القاضيين لم يلتحقا بالهيئة. كما عانت الهيئة جراء الاستقالات المتكررة.
4 - على مدى أكثر من أربع سنوات من عمر الهيئة، ما الذي نجحت في تحقيقه رغم التحديات؟
أستطيع أن أقول إنها أنجزت كل الوثائق الداخلية من نظام داخلي ومالي ومدونة سلوك. ونجحت في التعامل مع مقبرة مدوخا (بلدة) في البقاع الغربي عام 2023 (عثر على رفات 3 مقاتلين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قتلوا عام 1983 خلال مواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي حينها). إلا أن الأهم في الوقت الحالي هو عدم حدوث فراغ في عمل الهيئة، وبالتالي المباشرة في آلية الترشيحات والتعيينات لأنها تستغرق وقتاً. عملنا على إبلاغ الجهات المعنية بضرورة المباشرة بآلية التعيينات، ووعدنا وزير العدل (عادل نصار) خيراً. ونأمل ألا تواجه الهيئة الجديدة المعوقات نفسها.
5 - هل لمستِ تجاوباً من الحكومة الجديدة في ملف المفقودين اللبنانيين خلال فترة الحرب الأهلية؟
تناول كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في خطاب القسم والبيان الوزاري قضية المفقودين، الأمر الذي جعلنا نشعر بالأمل. كما وعدنا رئيس الحكومة نواف سلام خيراً حين قابلناه مؤخراً. يتوجب على الحكومة إعطاء أهمية ومصداقية لتطبيق القانون، حتى تتمكن الهيئة من أداء عملها. وهناك دور للمجتمع المدني للضغط على المعنيين. فإذا طبق القانون بشكل جيد، لن يخفف معاناة أهالي المفقودين فحسب، بل سينعكس إيجاباً على المجتمع المدني ككل، وسيكون ممراً إلزامياً لتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية.
6 - برأيك، لماذا لم تتعاون السلطات المعنية مع مطالباتكم وتيسر عمل الهيئة على مدى كل هذه السنوات؟
الأفضل أن توجهي السؤال إليهم. هذا القانون لا يجب أن يخيف مرتكبي جرائم الحرب لأنه لن يحاسبهم، وسيكتفي بالمحاسبة على الحاضر (كل من يتنكر لحقنا بالمعرفة، أي عدم الإبلاغ عن وجود مقبرة جماعية، أو تضليل المعلومات، أو تشييد بناء أو غير ذلك فوق مقبرة جماعية...). لا نريد حرباً جديدة، وخصوصا أننا نعرف أنهم أحياء يرزقون ويعيشون في ما بيننا. لجنة الأهالي فعلت المستحيل. خلال الحرب، كانت ترجو المسؤولين للكشف عن مصير أبنائها. التحدي الأكبر أننا نرجو اليوم الأشخاص أنفسهم ما بعد الحرب. مؤخراً، تنادى أفراد فاعلون في المجتمع لتشكيل منتدى مدني لدعم تطبيق القانون، بالإضافة إلى اطلاق العريضة الوطنية لتطبيق القانون 105/2018 لتحديد مصير المفقودين في هذا الإطار، لجمع أكبر عدد من التواقيع للمطالبة بتطبيق القانون عبر دعم الهيئة.
7 – ماذا يمكن للعريضة الوطنية لتطبيق القانون 105/2018 لتحديد مصير المفقودين أن تفعله؟
دور العريضة مهم جداً لأنها رسالة إلى الناس حول أهمية تطبيق القانون. يمارس المجتمع جزءاً من دوره ويساهم في توعية الشباب في الجامعات والمدارس، حول مدى بشاعة الحرب.
8 – ما هو عدد المفقودين في لبنان اليوم؟
تتحدث التقديرات الرسمية عن 17000 مفقود، فيما تشير لوائحنا إلى وجود 2158 مفقوداً. أما لوائح اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فتفيد بأن العدد هو 3088. إلا أن الأرقام غير نهائية، والفارق بين الأرقام مرده إلى أننا أحصينا الأسماء بناء على الأهالي الذين قدموا إلينا وسجلوا أسماء مفقوديهم. أما اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فلديها فريق عمل وآلية مختلفة. لكن أرجح أن تكون الأرقام أكبر من ذلك.
9 – هل من اكتشاف لمقابر جماعية جديدة؟
مؤخراً، انتشر خبر الاشتباه بمقبرة جماعيّة في منطقة الكرنتينا في بيروت تعود إلى الحرب الأهلية، أثناء حفر الجرافات لبناء قديم، وطلبت النيابة العامة التمييزيّة في بيروت وقف أعمال الحفر وتطويق الموقع. إلا أن المديرية العامة للآثار أكدت للهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً عدم وجود مقبرة جماعية في المكان. نصدق المديرية لكننا على يقين من وجود مقابر جماعية في المحيط (الكرنتينا).
10 - ماذا عن عدد المعتقلين اللبنانيين الذين خرجوا من السجون السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد؟
ما من معلومات دقيقة لدي، لكن الأكيد أن الهيئة تتابع عملها في هذا الإطار؛ فهناك الكثير من المقابر الجماعية في سورية كما هو الحال في لبنان. وفي ما يتعلق بلجنة الطوارئ المشكلة لمتابعة قضية المفقودين اللبنانيين في سورية، فقد تواصلت مع المعنيين الذين تعاونوا معها لجمع المعلومات. نأمل أن يتوجه وفد رسمي إلى سورية حاملاً اللوائح لمقابلة المسؤولين. لن نجد أحياء، لكننا نريد رفات المفقودين.