استمع إلى الملخص
- يوضح حسن مليحات أن هذه الهجمات تهدف إلى تهجير السكان قسراً، حيث أغلقت المراعي وسُرقت المركبات، مما أجبر الأهالي على البحث عن مكان أكثر أماناً.
- يروي سكان التجمع تجاربهم مع الاعتداءات المستمرة، حيث يعانون من استفزازات المستوطنين، مما قد يدفع العائلات إلى الرحيل بحثاً عن الأمان.
على وقع سلسلة اعتداءات نفذها مستوطنون، بدأت عائلات بدوية فلسطينية في تجمع "مغاير الدير"، شرق رام الله، تفكيك خيامها وجمع أمتعتها استعداداً للرحيل، مضطرة للبحث عن مكان آمن هرباً من الاعتداءات المتكررة، والتي شملت اقتحام المنازل وترويع الأطفال والنساء، وسرقة المواشي، وأخيراً إقامة بؤر استيطانية بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
يقول المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى الفلسطينية المستهدفة، حسن مليحات، لـ"العربي الجديد": "اضطر أهالي التجمع إلى تفكيك مساكنهم والرحيل قسراً تحت وطأة اعتداءات المستوطنين على تجمعهم، والتي تجري بحماية مباشرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي".
ويضيف مليحات: "كان إغلاق المراعي، واقتحام مساكن التجمع، وانتهاك حرماتها، وترويع الأطفال والنساء، والاستيلاء على المركبات والجرارات الزراعية، وسرقة المواشي، ثم إقامة بؤرة استيطانية رعوية بين المساكن، عوامل دفعت الأهالي للبحث عن مكان أكثر أمناً في ظل غياب الحماية واستمرار الانتهاكات". ويوضح: "هذا التجمع يشهد منذ عامين هجمات متواصلة، كان آخرها إقامة بؤرة استيطانية وسط بيوت السكان، في ظل تخوفات وقلق مستمر على حياة الأهالي، خصوصاً النساء والأطفال، مع تكرار سرقة الأغنام، وهي مصدر دخلهم الأساسي. حالة من الحصار فرضت على سكان التجمع، إذ لا يستطيعون الخروج حتى لرعي أغنامهم".
لا تنسى الطفلة رنين مليحات، من تجمع مغاير الدير، أياماً مليئة بالخوف بسبب اعتداءات المستوطنين المتواصلة. وتقول لـ"العربي الجديد": "كنت خائفة طيلة الفترة الماضية، ولا أعرف كيفية التحرك. كان المستوطنون يجولون داخل مساكننا ويستفزوننا، ولم نكن نعرف النوم". تتابع: "نحن راحلون وسنذهب إلى مكان أكثر أماناً حتى لا يهاجموننا". تتذكر ليلة الأربعاء الماضي، حين هاجم المستوطنون مساكنهم وسرقوا أدوات طعام الأغنام، مشيرة إلى أن كاميرات المراقبة وثقت استفزازاتهم المستمرة لدفع العائلات للرحيل. وتقول رنين: "لم نعد نطيق ما يحدث، ولا نعرف إلى أين سنذهب، لكننا نبحث عن مكان أكثر أمناً".
كان الأحد الماضي يوماً مختلفاً لسكان تجمع مغاير الدير البدوي، بعدما أقام مستوطنون خيمتين استيطانيتين بين مساكن الفلسطينيين في التجمع، ولا تبعد إحدى الخيام الاستيطانية أكثر من 20 متراً عن أحد مساكن البدو. حين أصبحت البؤرة الاستيطانية في وسط التجمع الفلسطيني، صارت الاستفزازات أكثر كثافة، وزادت مخاوف الأهالي على أنفسهم وعلى أغنامهم.
ولم يسلم التجمع من الهجمات الاستيطانية التي تهدف إلى تهجير سكانه، كما هو حال عشرات التجمعات البدوية التي هجر أهلها قسراً بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لكن المستوطنين انتقلوا إلى مستوى مختلف من محاولات التهجير القسري.
واقع أدى إلى اتخاذ الأهالي قراراً هو الأصعب كما يصفونه، وهو إجلاء مواشيهم، قبل أيام، من التجمع، مع بقاء العائلات في مساكنها للحفاظ عليها، إلى أن اضطرت العائلات، يوم الخميس الماضي، إلى البدء بتفكيك مساكنها والرحيل مع تصاعد الهجمات. ويقول خليل مليحات، أحد سكان التجمع، لـ"العربي الجديد"، إنه "فور إقامة الخيام بين مساكن الفلسطينيين، بدأ المستوطنون بالاستفزازات عبر مهاجمة البيوت ليلاً نهاراً ومضايقة الأهالي والقيام بتصويرهم في بيوتهم، وصولاً إلى محاولة سرقة الأغنام".
يؤكد مليحات أن التجمعات البدوية، وخلال الأشهر الماضية، اكتوت من نار تلك السرقة، التي تكررت في أكثر من تجمع، وكان أبرزها سرقة 1500 رأس من الغنم من تجمع رأس العوجا. وأكثر ما يخشاه البدو هو فقدان أغنامهم ومواشيهم كونها مصدر رزقهم الوحيد، وأحد تعبيرات الحياة البدوية التي لا يستطيعون التخلي عنها، والأهم أنهم صاروا يخشون على حياتهم مع تكثيف المستوطنين هجماتهم واستفزازاتهم. وبحسب مليحات، فإن المستوطنين يتحركون على شكل مجموعات. الأحد الماضي، عمدوا إلى تجميع أنفسهم في مجموعة قوامها أكثر من 25 مستوطناً قادمين من عدة بؤر استيطانية، وبدأوا إقامة الخيام، ثم بدأت الاعتداءات، وكان آخرها الأربعاء، إذ هجموا على مركبته وحاولوا ضربه، فضلاً عن استخدام أسلوب الاستفزاز، في محاولة لدفع البدو لضرب أحد المستوطنين. بعدها، يقدمون شكوى لشرطة الاحتلال من أجل اعتقال الفلسطينيين. نقل مليحات أغنامه إلى برية بلدة الطيبة، شرق رام الله، في محاولة للحفاظ عليها، والحفاظ على مصدر رزقهم.
بدوره، يقول أحمد سليمان مليحات، وهو من سكان التجمع نفسه، لـ"العربي الجديد": "اضطررنا إلى إخلاء أغنامنا وطعامها إلى مناطق أخرى لدى أقاربنا في الضفة الغربية، خشية أن يقوم مستوطنون بسرقتها والاستيلاء عليها. منذ مدة وهم يحاولون سرقة الأغنام، ونخشى أن نفقد مصدر دخلنا وأموالنا، ما اضطرنا إلى إخلاء الأغنام". ويؤكد سليمان أن المضايقات التي يتعرضون لها في التجمع كثيرة ومتكررة، والحياة فيه لم تعد تطاق، ولم يستبعد أن تضطر العائلات إلى الرحيل من التجمع بسبب ممارسات واعتداءات المستوطنين.
ويقع تجمع مغاير الدير شرق دير دبوان شرق رام الله، على بعد عشرة كيلومترات من البلدة، وقد تأسس منذ عشرات السنين حيث سكنت في المنطقة عائلات بدوية، وجزء منها لاجئون من الأراضي المحتلة عام 1948، إذ تسكن التجمع أسر من عائلة مليحات من عشيرة الكعابنة المهجرة عام 1948 من النقب، ويقطن في التجمع ما لا يقل عن 180 نسمة، ويحيط بهم عدد من البؤر الاستيطانية، أقيمت إحداها منتصف عام 2023. وتكثفت سياسة تهجير التجمعات البدوية بعد شن الحرب على غزة، وهجرت 62 تجمعاً بدوياً منذ السابع من أكتوبر 2023 في الضفة الغربية، بحسب منظمة البيدر.