استمع إلى الملخص
- تعمل لجنة التربية النيابية على تحسين أوضاع المعلمين من خلال تعديل القوانين وتوفير بيئة عمل مناسبة، تشمل تخصيص أراضٍ سكنية ومضاعفة مقابل الخدمة للعاملين في المناطق النائية.
- تتواصل الإضرابات مع تهديدات بتصعيد الخطوات مثل مقاطعة الانتخابات، مطالبة بتحسين الوضع المالي والمعيشي وتفعيل الحماية القانونية للمعلمين.
في مشهد غير مألوف، تشهد المؤسسات التعليمية العراقية منذ أيام موجة غضب عارمة تشمل المعلمين ومرشدي رياض الأطفال، وكوادر الوزارة، تحولت إلى تظاهرات حاشدة، وإضرابات عن الدوام، احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية والإهمال الحكومي.
وامتدت الاحتجاجات من العاصمة بغداد إلى البصرة، وشملت محافظات ذي قار، وبابل، وكربلاء، والنجف، والمثنى، وميسان، والقادسية، ولم تقتصر على المطالبة بتحسين الرواتب، بل عكست تهميش شريحة المعلمين الأساسية في بناء المجتمع.
وجرى استعراض تصاعد احتجاجات الكوادر التربوية في جلسة عقدها مجلس النواب العراقي، الخميس الماضي، وقدمت لجنة التربية النيابية تقريراً شاملاً عن الأزمة، ووصفت المطالب بأنها "مشروعة"، داعية الحكومة إلى الاستجابة لهذه المطالب بشكل عاجل، كما أكدت ضرورة إيجاد حلول سريعة تضمن تحسين وضع القطاع التربوي، وتوفير بيئة عمل مناسبة للمعلمين.
تقول نائب رئيس لجنة التربية والتعليم في البرلمان، النائبة نادية العبودي، لـ"العربي الجديد": "للمعلم كامل الأحقية في الحصول على حقوقه النظامية والوظيفية المكفولة بموجب الأنظمة واللوائح تقديراً لدوره التربوي، وإيماناً بمكانته في بناء الأجيال وصناعة المستقبل. نعمل في لجنة التربية النيابية على إنصاف المعلم، وتمكينه من أداء رسالته السامية في بيئة تحفظ كرامته، وتكفل له كافة حقوقه المهنية والمالية. التحديات المتراكمة التي يعانيها قطاع التربية أثرت بشكل مباشر على الواقع التربوي، ما يتطلب معالجتها بشكل فوري".
تحولت احتجاجات المعلمين إلى تظاهرات حاشدة وإضرابات عن الدوام
وأشارت العبودي إلى الجهود التي يبذلها البرلمان لتخصيص قطع أراضٍ سكنية للمعلمين، ومضاعفة مقابل الخدمة للعاملين في المناطق النائية، واحتساب سنوات الخدمة المجانية للمحاضرين، إضافة إلى حسم ملفات العقود. موضحة أن "اللجنة أوصت بالإسراع في إرسال مشروع قانون الخدمة المدنية الاتحادي وسلّم الرواتب لتشريعه في البرلمان، إضافة إلى تقديم مقترحات لتعديل قانون وزارة التربية، وتعديل قانون حماية المعلمين لعام 2018 بما يعزز المستوى المعيشي ويضمن توفير السكن".
وتابعت: "دعت اللجنة إلى تعديل المخصصات المهنية بنسبة 100% عبر تعديل قانون وزارة التربية لسنة 2011، وتثبيت أصحاب العقود ضمن قانون الموازنة لعام 2025، ومعالجة ملفات المنقطعين عن الخدمة".
ويتواصل الإضراب العام الذي دعت إليه الكوادر التربوية في مختلف المحافظات العراقية احتجاجاً على "الإهمال المتعمد" من قبل الجهات الحكومية تجاه مطالبهم المشروعة، وشهدت الأيام الأخيرة اتساع رقعة المشاركة في الإضراب، لتشمل غالبية المحافظات وعدداً من مناطق العاصمة بغداد.
يقول عضو لجنة تنسيق الإضراب، علي حسين، لـ"العربي الجديد"، إن "الإضراب جاء نتيجة لتراكم طويل من التجاهل الرسمي لمطالب المعلمين. هذه المطالب تمثل الحد الأدنى من الحقوق، وعلى رأسها زيادة الرواتب، وتوفير ضمان صحي شامل، إضافة إلى تشريع قانون فعّال يحمي المعلم من الاعتداءات والانتهاكات المتكررة. المطالب تشمل تخصيص قطع أراضٍ سكنية للملاكات التربوية، وصرف زيادة مهنية، وتأمين أجور نقل مناسبة، وتثبيت المحاضرين المجانيين والعقود، إلى جانب زيادة مخصصات الزوجية والأطفال بما يتناسب مع الواقع المعيشي".
يضيف حسين: "الكوادر التعليمية المضربة في محافظة ذي قار تعرضت لاعتداءات مباشرة من قبل القوات الأمنية، وهذه محاولة لترهيب المعلمين وكسر إرادتهم. هذه التصرفات لا تُسهم إلا في تعميق الفجوة بين الدولة وشريحة مهمة تُعد من ركائز المجتمع، والكوادر التربوية مستمرة في حراكها حتى تحقيق مطالبها كاملة، وتتحمل الحكومة والجهات الأمنية مسؤولية حماية المعلمين، ومسؤولية ما يترتب على استمرار التجاهل من آثار خطيرة على مستقبل العملية التعليمية في البلاد".
وهددت ممثلية الكوادر التربوية في محافظة ذي قار (جنوب) باتخاذ خطوات تصعيدية قد تصل إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة، احتجاجاً على ما وصفته بتجاهل الحكومة لحقوقهم القانونية والمعنوية، وتدهور أوضاعهم المعيشية والمهنية.
وقالت الممثلية في بيان، إن "الكوادر التربوية قررت مقاطعة الدوام، والحضور خارج المدارس، محملة الجهات الحكومية والنيابية مسؤولية التدهور الحاصل وسط تصاعد الاعتداءات على المعلمين، وتراجع مستوى الرعاية والدعم الحكومي".
وطالبت الممثلية بإجراءات عاجلة تشمل تفعيل الحماية القانونية للكادر التربوي، وتدخل وزارتي التربية والداخلية لحمايتهم ميدانياً، فضلاً عن تحسين الوضع المالي والمعيشي من خلال زيادة المخصصات، وتسهيل الحصول على قطع الأراضي والقروض السكنية. مؤكدة أن "الخطوة الأولى ستكون تعليق الدوام والمشاركة الواسعة في الاحتجاجات، وفي حال عدم الاستجابة ستتجه الكوادر إلى مقاطعة الانتخابات، والامتناع عن التعاون مع الوزارات المعنية. صبر المعلمين بدأ بالنفاد، والكرامة الوظيفية باتت على المحك".