معلمون سوريون يرصدون أزمات التعليم بعد سقوط نظام الأسد

22 يناير 2025
تلميذات داخل مدرسة في دمشق. 16 ديسمبر 2024 (كريس ماكغراث/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأجلت امتحانات الفصل الدراسي الأول في سوريا بسبب سقوط نظام الأسد وتحرير دمشق، مما أدى إلى تفاوت مواعيد تعليق الدوام بين المدارس واستئنافها لاحقًا مع بعض الإرباك.
- بدأت الامتحانات في 15 يناير، وواجهت المدارس صعوبات في تغطية المنهاج الدراسي بسبب التأجيلات وتحديات النقل وارتفاع تكاليفه، مما أثر على المعلمين الذين لم يتلقوا رواتبهم بعد.
- شهدت المناهج تعديلات جوهرية، مثل إلغاء مادة التربية الوطنية واستبدالها بمادة التربية الدينية، مما أثار قلقًا حول العدالة بين الطلاب من مختلف الأديان.

تأجلت امتحانات الفصل الدراسي الأول في يوم سقوط نظام الأسد وتحرير العاصمة السورية دمشق، وتفاوتت مواعيد تعليق الدوام بين مدرسة وأخرى تبعاً للمنطقة الجغرافية والأوضاع الأمنية. فعلى سبيل المثال، توقّف الدوام في مدارس حلب قبل 12 يوماً من مدارس دمشق وريفها التي استمر الدوام فيها حتى 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.

بعد أيام قليلة، صدرت تعليمات من القيادة السورية الجديدة بمتابعة الدوام في المدارس، ليلتحق المعلمون بدوامهم في 12 ديسمبر، ويُستأنف الطلاب الدوام في 16 ديسمبر. لكن أصاب العملية التعليمية بعض الإرباك بسبب تغيّب قسم من التلاميذ نتيجة الظروف، والتعديلات السريعة التي أقرتها وزارة التربية على المناهج الدراسية، والتي تجلّت بإلغاء وتعديل فقرات ارتبطت بفترة حكم النظام المخلوع، وإلغاء مادة التربية الوطنية بشكل كامل.

باشرت المدارس السورية الامتحانات في 15 يناير/كانون الثاني، على أن تستمر في معظم المحافظات حتى نهاية الأسبوع الحالي. تقول كاتيا عبد النور، وهي معلمة للغة العربية بالمرحلة الثانوية في ريف طرطوس، لـ"العربي الجديد": "لا توجد تغيرات جوهرية على سير الامتحانات، لكننا لم نستطع تغطية المنهاج الدراسي للفصل الأول كما يجب. كانت الامتحانات الفصلية تبدأ عادة في الرابع من يناير، ومع تأجيلها، سيستمر الفصل الدراسي الأول حتى 27 يناير. هناك صعوبات تتعلق بالنقل، فقد جرى تحديد فترة الامتحان في ريف طرطوس بين الساعة الحادية عشرة والواحدة ظهراً، علماً أن المعلمين لا تتوافر لهم المواصلات العامة، ناهيك عن أجور النقل الباهظة، بينما لم نقبض رواتبنا حتى الآن".

تضيف: "لم نشعر بتغيرات كبيرة فيما يخص آلية العمل حتى الآن، لكن هناك مخاوف حول مستقبل المعلمين المؤقتين (عقود أو وكالات)، فحتى اللحظة لا معلومات واضحة حول إمكانية استمرارهم بالعمل. كان من الممكن ترك امتحانات الفصل الدراسي الأول تسير كالمعتاد، وتجنيب الطلاب الإرباك الحاصل نتيجة التعديلات على المنهاج، على أن تؤجل التعليمات والقرارات الجديدة إلى الفصل الدراسي الثاني. لا أنكر أن هناك تشديداً واضحاً من قبل الموجهين الاختصاصيين على وضع الأسئلة، ومراقبة عينات منها بهدف معرفة مواطن الضعف".  

عاد تلاميذ دمشق إلى مدارسهم في 15 ديسمبر 2024 (كريس مكجارث/Getty)
عاد تلاميذ دمشق إلى مدارسهم في 15 ديسمبر 2024 (كريس ماكغراث/Getty)

بدورها، تؤكد ريتا ويس، وهي مديرة مدرسة إعدادية في ريف دمشق، لـ"العربي الجديد": "حين صدرت التعليمات الجديدة الخاصة بالمناهج، كان المعلمون قد انتهوا من وضع أسئلة الامتحان، وقمنا بطباعتها بالفعل، إضافة إلى فترات العطل الطويلة التي فُرضت على المرحلة الأخيرة من الفصل الأول. مع تعديل المناهج، قمنا من جديد بإعلام الطلاب بالتغييرات، ووضع أسئلة جديدة". 

تتابع: "أهم التعديلات هي إلغاء مادة التربية الوطنية، وتوزيع درجاتها على باقي المواد الاجتماعية في المراحل الانتقالية، وإحلال مادة التربية الدينية مكان التربية الوطنية بالنسبة لشهادة التعليم الثانوي، إضافة إلى إلغاء جميع الفقرات والأقوال المرتبطة بالنظام البائد".

ويقول أحد معلمي مادة التربية الوطنية، والذي رفض ذكر اسمه: "جرى إيقافنا عن العمل، ووضعنا مؤقتاً تحت تصرف وزارة التربية من دون توضيح كافٍ حول مستقبلنا. لم يكن عليهم إلغاء المادة بشكلٍ كامل، وكان من الممكن حذف الوحدات المتعلقة بالنظام السابق وحزب البعث، مع تعزيز الدروس المنصبة على النواحي الأخلاقية والقيمية، كحب الوطن والانتماء. لا يمكن للتربية الدينية أن تلغي التربية الوطنية أو تحل محلها، إضافة إلى أن اعتماد درجات التربية الدينية في الشهادة الثانوية سيخلق مشاكل من نوعٍ آخر، كعدم تحقيق العدالة بين الطلاب المسلمين وأقرانهم المسيحيين".

من جانب آخر، ترى آمنة زهرة، وهي معلمة بمرحلة التعليم الأساسي في ريف دمشق، أن "هناك الكثير من التغييرات الإيجابية التي طرأت على العملية التعليمية برمتها منذ سقوط النظام. ستعيد توجيهات الإدارة الجديدة المكانة والاعتبار للمعلم، ومن ذلك تشديد عقوبات الإساءة إلى المعلم إلى حد الفصل، بعد أن كانت تقتصر على التنبيه، والتأكيد على الاحترام بين المعلم والمتعلم، بعد أن تشوّهت صورة المعلمين خلال الفترات السابقة". 

وتقول معلمة سورية، رفضت ذكر اسمها لـ"العربي الجديد": "لا يجوز إدخال مفردات الحقد في العملية التعليمية، سواء الإساءة إلى النظام البائد أو تمجيد الوضع الراهن. ليس علينا تغيير تاريخنا نتيجة تحالفات سياسية حالية، فهل نشطب عبد الرحمن الكواكبي وشعراء اليقظة العربية من إرثنا؟ بهذا المنطق المغلوط، يمكن اعتبار كل مستعمر يحمل جانباً تنويرياً، فالاستعمار الفرنسي أدخل الطباعة إلى سورية، وهل يعني ذلك إلغاء دراسة الحركات المناهضة للاستعمار من ذاكرة أبنائنا؟".  

المساهمون