معركة يومية ضد البرد والجوع والمرض داخل مخيمات النزوح في غزة

15 يناير 2025
الأمطار ضاعفت معاناة النازحين في غزة، خانيونس،1 يناير 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعاني مخيمات النزوح في غزة من ظروف معيشية قاسية بسبب البرد الشديد وهشاشة البنية التحتية، حيث تتسرب مياه الأمطار إلى الخيام المهترئة، مما يؤدي إلى رطوبة شديدة وبلل الممتلكات، مع نقص وسائل التدفئة والوقود.

- يواجه النازحون تحديات صحية خطيرة مع انهيار الخيام بفعل الرياح، مما يزيد من انتشار الأمراض التنفسية والجلدية، خاصة بين الأطفال وكبار السن، في ظل نقص الرعاية الصحية والملابس الشتوية.

- يعيش النازحون تحت ضغوط نفسية كبيرة بسبب الظروف المعيشية القاسية والخوف المستمر، مع نقص الخصوصية في مراكز الإيواء المكتظة، ونقص المياه والكهرباء، وجهود إغاثية محدودة.

تحولت مخيمات ومدارس ومراكز النزوح في قطاع غزة إلى أماكن مأساوية وصعبة للغاية بفعل اشتداد البرد خلال هطول المطر والمنخفضات الجوية التي تخلق تحديات عديدة بسبب هشاشة البنية التحتية لهذه الأماكن وعدم توفر الاحتياجات الأساسية بشكل كاف. ويعاني النازحون من ضعف الحماية من البرد والمطر جراء تعرض الخيام المهترئة لتسرب مياه الأمطار، مما يؤدي إلى رطوبة شديدة وبلل ممتلكاتهم، بما في ذلك الفرش والبطانيات والمواد الغذائية القليلة، في الوقت الذي تفتقر فيه الخيام إلى وسائل عزل حرارية مناسبة، مما يجعلها غير صالحة لمواجهة البرد القارس.

وتغيب داخل المخيمات وسائل التدفئة أو الوقود، وإن توفرت فهي غالبا غير كافية أو غير آمنة، مما يزيد خطر الحريق أو التسمم بغازات التدفئة، كما تواجه تلك المخيمات سوء البنية التحتية، وتفتقر إلى تصريف جيد لمياه الأمطار، مما يؤدي إلى تشكل برك ومستنقعات طينية تعيق حركة السكان.

الصورة
الأمطار ضاعفت معاناة النازحين في غزة، خانيونس،1 يناير 2025 (الأناضول)
يعاني النازحون من البرد في الخيام المهترئة، خانيونس،1 يناير 2025 (الأناضول)

ويسبب اشتداد المنخفضات الجوية انهيارا في مئات الخيام الخشبية المغطاة بالقماش أو البلاستيك بفعل الرياح العاتية، الأمر الذي زاد معدلات انتشار الأمراض التنفسية مثل البرد والإنفلونزا، خاصة بين الأطفال وكبار السن، بسبب البرد وعدم توفر رعاية صحية كافية، كما تسهم البيئة الموحلة والرطبة في انتشار الأمراض الجلدية والطفيليات.

وتترافق التحديات التي تواجه النازحين داخل المخيمات الباردة وغير الآمنة، مع نقص حاد في الملابس الشتوية المناسبة، والأحذية المقاومة للماء، والبطانيات الثقيلة، والوجبات الغذائية الكافية من حيث الكم والنوعية لتلبية احتياجات الشتاء، في ظل حالة الغلاء الشديد في مختلف المواد والمتطلبات الأساسية، وضعف الدعم والمساعدات الإنسانية غير المنتظمة وغير الكافية.

وإلى جانب كل ذلك يعاني النازحون من ضغوط نفسية كبيرة نتيجة الظروف القاسية والخوف المستمر على حياتهم وحياة أطفالهم المحرومين من اللعب أو التعليم في ظروف ملائمة، وقد تجاوز عدد الشهداء والمصابين والمفقودين منذ اليوم الأول للمقتلة الإسرائيلية 164 ألف فلسطيني، نحو 72% منهم من الأطفال والنساء.

خيام النازحين في قطاع غزة لا تحمي من البرد

ويقول الفلسطيني أيمن أبو لبدة وهو نازح يعيش مع أسرته المكونة من خمسة أفراد داخل خيمة غربي مدينة دير البلح وسط قطاع غزة إن "الوضع صعب للغاية، الخيام لا تحمينا من البرد أو المطر وعندما تهطل الأمطار، تتسرب المياه إلى الداخل، وكل شيء يصبح مبللا، حتى الفرش والملابس". موضحا لـ"العربي الجديد" أن أطفاله يعانون من ضعف المناعة بفعل نقص المواد الغذائية التي من شأنها تقويتهم، وقد باتوا خلال الشتاء عرضة للإصابة بالأمراض نتيجة البرد الشديد وعدم امتلاك وسائل تدفئة كافية، مضيفا: "أكثر ما يؤلمنا هو شعورنا بالعجز أمام احتياجات أطفالنا".

وعن مواجهتها لظروف الشتاء مع أطفالها داخل مدرسة الإيواء، توضح الفلسطينية أسماء حجيلة أن الصفوف المدرسية مكتظة بالنازحين، وهناك أكثر من عائلة في نفس الغرفة الأمر الذي يعدم الخصوصية ولا يتيح التدفئة بالشكل المطلوب خاصة في ظل الانقطاع التام للتيار الكهربائي وبدائل التدفئة بفعل نقص الوقود.

وتتابع حجيلة سرد معاناتها خلال أيام النزوح الصعبة: "أطفالي مرضى بسبب البرد، ولا أستطيع شراء الدواء، كما أن المياه هنا قليلة، ولا توجد حمامات كافية للجميع، أشعر بالخوف كل ليلة عندما أرى أطفالي يرتجفون من البرد، ولا أملك شيئا أفعله لأساعدهم، معيشتنا أصبحت مجرد محاولة للبقاء على قيد الحياة".

الصورة
الأمطار ضاعفت معاناة النازحين في غزة، خانيونس،1 يناير 2025 (الأناضول)
تفتقر الخيام إلى وسائل عزل حرارية مناسبة، خانيونس،1 يناير 2025 (الأناضول)

من ناحيته يوضح المتطوع في مجال الإغاثة محمد مهنا أن التحديات التي تواجه النازحين عديدة ولا يمكن حلها وفق الجهود المتواضعة التي تبذلها المؤسسات في ظل الشح الشديد في المساعدات الإنسانية نتيجة إغلاق المعابر ومنع أو تذبذب دخولها تارة، وسرقتها من العصابات المسلحة تارة أخرى.
وعن أبرز الصعوبات التي تواجه النازحين خلال الشتاء يبين مهنا لـ"العربي الجديد" أنها تتمثل في نقص وسائل التدفئة وسوء البنية التحتية في الخيام المهترئة والتي لا تتحمل الأمطار أو الرياح، بالإضافة إلى مشكلة تصريف المياه، مما يؤدي إلى تجمعها حول الخيام أو حتى تسربها إلى الداخل، الأمر الذي يضاعف معاناة العائلات من الأمراض بسبب البرد والرطوبة، وخاصة الأطفال وكبار السن: "نحاول تقديم ما نستطيع من مساعدات، ولكن الاحتياجات أكبر بكثير من الإمكانيات المتوفرة".

ويخوض النازحون معركة يومية ضد البرد والجوع والمرض وسط ظروف غير آدمية داخل المراكز والخيام الهشة وغير المقاومة للعوامل الجوية والتي لا يمكنها تحمل الأمطار الغزيرة أو الرياح القوية، فيما تفتقر إلى الغذاء ووسائل التدفئة الآمنة والإعتماد على إشعال النار داخل الخيام، ما يعرضهم لخطر الحروق أو التسمم، فيما يعيش النازحون حالة من التوتر والخوف بسبب الظروف المعيشية القاسية والمستقبل المجهول.

المساهمون