معدلات مقلقة للمدخنين في الأردن... بين الأعلى عالمياً

07 مارس 2025
متوسط إنفاق الأردني الشهري على السجائر 110 دولارات، 26 مارس 2021 (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أظهر المسح الوطني في الأردن معدلات مرتفعة لاستخدام التبغ بين البالغين، حيث بلغت نسبة المدخنين 53%، مع انتشار كبير بين الشباب، و83% منهم بدأوا التدخين قبل سن 24.
- تعاني الأردن من قبول اجتماعي واسع للتدخين، مما يسهم في انتشاره، وتطالب الجهات بزيادة التحذيرات على منتجات التبغ وتطبيق القوانين بصرامة.
- تعمل وزارة الصحة على تعزيز برامج التوعية وإنشاء عيادات للإقلاع عن التدخين، وتدعم تطبيق قانون منع التدخين في الأماكن العامة.

كشفت نتائج مسح وطني أجري أخيراً حول انتشار استخدام التبغ لدى البالغين في الأردن معدلات مرتفعة ومقلقة أكدت تفشي الظاهرة في المجتمع. وبلغت نسبة المدخنين 53%، من بينهم 71.2% ذكور و28.8% إناث. وهذه النسب من بين الأعلى عالمياً.
وأحصى المسح معدلات تدخين مرتفعة في صفوف الشباب، بلغت 59% في الفئة العمرية بين 25 و34 سنة، و50% في الفئة العمرية بين 18 و24 سنة، و31% في الفئة العمرية بين 15 و17 سنة. وأورد أن "83% بدأوا في التدخين في سن أقل من 24، وأن 43% يدخنون التبغ بمعدل 22 سيجارة يومياً، ويستخدم 35.3% من المدخنين سجائر مصنّعة، وأن 4.1% يدخنون التبغ المسخّن.

وفي ما يتعلق بالنارجيلة أوضح المسح أن 14% من المشاركين يدخنونها، من بينهم 46% ذكور و54% إناث، بينما شملت السجائر الإلكترونية نسبة 7.2% من المدخنين، منهم 79.3% من الذكور، كما أشار إلى أن 37% من المشاركين قالوا إنهم حاولوا الإقلاع عن التدخين خلال الأشهر الـ12 الماضية.
وفي ما يتعلق بالتدخين في الأماكن العامة، شاهد 33% من المشاركين تدخين شخص في المرافق الصحية، و44% شخصاً يدخن داخل المؤسسات والمكاتب الحكومية، و70% شخصاً يدخن داخل مباني الجامعات، و32% شخصاً يدخن داخل المدارس، و62% شخصاً داخل وسائل النقل العامة.

37% حاولوا الإقلاع عن التدخين خلال الأشهر الـ12 الماضية

وذكر المسح أن متوسط الإنفاق الشهري على السجائر المصنّعة هو 78 ديناراً للشخص، أي نحو 110 دولارات، أما بالنسبة إلى تدخين السجائر الإلكترونية، فبلغ متوسط الإنفاق الشهري 35 ديناراً (50 دولاراً).
تقول أمينة سر جمعية "لا للتدخين"، لاريسا الور، لـ"العربي الجديد": "القبول الاجتماعي من أهم أسباب زيادة انتشار التدخين في الأردن، وتشمل الظاهرة غالبية الأماكن والجلسات والمقاهي، وكذا المطاعم التي تقدم أيضاً النارجيلة، ويرتبط ارتفاع نسبة التدخين بانتشار ثقافة المقاهي، وتوافر النارجيلة في معظم البيوت، واللافت أن السجائر التقليدية تثير غضب الأهالي، لكن ذلك غير مرتبط بالنارجيلة التي أصبحت مقبولة اجتماعياً، حتى للأعمار الصغيرة نسبياً، ويطلب آباء وأمهات من أبنائهم الصغار مساعدتهم في إعدادها".
وتنتقد الور انتشار السجائر الإلكترونية والتبغ المسخّن من خلال التسويق لها باعتبارها أقل ضرراً، وتوضح أن انتشار هذه الوسائل يزيد مع دخول شركات جديدة إلى السوق المحلية، والترويج لها من خلال مشاهير يوجهون رسائل للشباب والسيدات على مواقع التواصل الاجتماعي.

يدخن 14% من الأردنيين النارجيلة، 26 مارس 2021 (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
يدخن 14% من الأردنيين النارجيلة، 26 مارس 2021 (خليل مزرعاوي/فرانس برس)

وتعلّق على نتائج المسح الأخير بالقول إنه "أظهر أن غالبية الأردنيين مع تطبيق منع التدخين في المؤسسات الطبية والتعليمية والحدائق والأماكن العامة، فلماذا لا يطبق القانون ويزداد التشديد على مروجي استخدام التبغ؟ الصور التحذيرية الموضوعة على منتجات التبغ باتت قديمة لأنها لم تتغيّر منذ أكثر من عشر سنوات، وهي أيضاً غير فعّالة، علماً أن الأشياء التي يعتاد عليها الناس تفقد تأثيرها عليهم، لذا نطالب بزيادة مساحة التحذير على منتجات التبغ".
وتذكر أن كلفة علاج التدخين في الأردن تبلغ مليار ونصف مليار دينار تقريباً (نحو 1.2 مليار دولار)، وأنّ "المطلوب من الحكومة تطبيق القوانين المعتمدة لمواجهة انتشار التبغ بين اليافعين، خصوصاً في المدارس والجامعات، والمطلوب من الأهل أيضاً متابعة أبنائهم ومراقبة ما يتعرّضون له".
بدوره، يقول مدير مديرية التوعية والإعلام في وزارة الصحة، غيث عويس، لـ"العربي الجديد": "تواجه وزارة الصحة انتشار التبغ من خلال تطبيق خطة عمل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة كل أنواع التبغ والتدخين. ومن أجل مواجهة نتائج المسح الأخير سيجري تعزيز برامج التوعية الصحية بأساليب حديثة تعتمد على التغيّر السلوكي والاجتماعي، وتستهدف الشباب واليافعين، وذلك بالتعاون مع وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي من أجل تسليط الضوء على المخاطر الصحية والاقتصادية والاجتماعية للتدخين" .
ويضيف: "أطلقت الوزارة العديد من حملات التوعية للتعريف بأهمية الوقاية من أضرار التدخين، والالتزام بقانون الصحة العامة وتعديلاته الخاصة بحظر التدخين في الأماكن العامة، ويجري العمل مع لجان صحية مجتمعية لإحداث تغيير سلوكي واجتماعي يسمح بتبني أفراد المجتمع نمط الحياة الصحية بالامتناع عن التدخين وتجنّب التدخين السلبي، كما تحاول الوزارة تعزيز برامج الإقلاع عن التدخين من خلال إنشاء 29 عيادة تقدم خدمات مجانية للمواطنين في مختلف المحافظات، والتي تشمل التوعية والتثقيف والدعم النفسي والعلاج السلوكي والدوائي، وبلغ عدد المراجعين الجدد لهذه العيادات نحو عشرة آلاف خلال العام الماضي، ونسبة من نجحوا في الإقلاع عن التدخين 16%".

ويلفت عويس إلى أن "الوزارة تدعم العديد من الجامعات والمؤسسات التي استحدثت عيادات للإقلاع عن التدخين في محاولة لتعميم فكرة التغيّر السلوكي، وتحاول تطبيق قانون منع التدخين في الأماكن العامة، ومراقبة بيع التبغ لمن تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً، خصوصاً قرب المدارس والمؤسسات التعليمية والصحية. عدد ضباط ارتباط مكافحة التدخين يبلغ 516، ويتولون مراقبة تنفيذ قانون الصحة العامة وتحرير إنذارات ومخالفات. وبلغ عدد زيارات التفتيش للمؤسسات 35700 خلال العام الماضي، وجرى إنذار 5630 منشأة وتسجيل 596 مخالفة. أما عدد الإغلاقات فوصل إلى 343، وهناك تشديد على مخالفات الترويج والدعاية لمنتجات التبغ". 
ويلفت إلى توقيع اتفاق مع وزارة التربية من أجل تفويض وزير التربية بمهمات وزير الصحة في الرقابة والتفتيش وإحكام  قانون الصحة العامة في ما يخص التدخين في المدارس والمؤسسات التعليمية التابعة لها، كما تحاول التوصل إلى مذكرة تفاهم مع وزارة الداخلية من أجل توفير مرافقة أمنية لضباط ارتباط تنفيذ قانون الصحة العامة خلال جولاتهم، علماً أن الأردن صادق في العام الماضي على البروتوكول العالمي للقضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ.
ويرى مسؤول التوعية والإعلام في وزارة الصحة أن "ارتفاع نسب التدخين في الأردن يرتبط بوجود منتجات جديدة مغرية لليافعين وطلاب المدارس والجامعات، خصوصاً تلك التي تتضمن نكهات مختلفة والتبغ المسخّن والسجائر الإلكترونية، إضافة إلى العادات الاجتماعية التي تجعل الجلسات العائلية لا تخلو من وجود النارجيلة. وكانت النساء المدخنات على سبيل المثال لا يُعلِنَّ سابقاً أنهن مدخنات بعكس ما يحصل اليوم".

المساهمون