استمع إلى الملخص
- سياسات ترامب: عارض تكاليف السجناء وتعهد بإبقاء السجن مفتوحًا، معلنًا خططًا لاحتجاز 30 ألف مهاجر غير نظامي، مما أثار غضب كوبا وانتقادات دولية.
- الانتقادات القانونية: قرار ترامب واجه انتقادات حقوقية، حيث يُصور المهاجرين كتهديد إرهابي، ويعزلهم عن الخدمات القانونية، مما يثير تساؤلات حول احترام حقوق طالبي اللجوء.
يحتوي على "أسوأ ما في الأسوأ"... هذا ما قاله وزير الدفاع الأميركي السابق، وأحد مهندسي غزو العراق، دونالد رامسفيلد، عن سجن غوانتانامو الواقع أقصى جنوب شرق كوبا، حيث تعرّض المشتبه بهم بالإرهاب لانتهاكات جسيمة. أحد السجناء اليمنيّين السابقين، قال بدوره: "كل منا لديه ندوب في أرواحه، وتشوهات جراء العيش في غوانتانامو"، بحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية.
كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعارض المبلغ "المجنون" الذي ينفَق على السجناء الذين يرتدون بدلات برتقالية في غوانتانامو، إذ كان كل سجين يكلف الولايات المتحدة 13 مليون دولار سنوياً، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز". خلال حملته الرئاسية في عام 2016، تعهد ترامب بإبقاء المعتقل مفتوحاً في زمن السلم وزيادة المعتقلين في وقت الحرب، وخلال سنوات حكمه، لم يُفرَج عن أيّ من سجناء غوانتانامو.
في أيام ولاته الثانية الأولى، أعلن ترامب أنه يريد أن يصبح السجن العسكري في غوانتانامو جاهزاً لاستقبال ما يصل إلى 30 ألف مهاجر غير نظامي. ووقّع قانون أُعدّ لمنع هؤلاء المهاجرين من دخول الولايات المتحدة. وقد أعلن في حفل التوقيع أنه أعطى أوامره بتجهيز المنشأة كي تتّسع لاحتجاز 30 ألف "مهاجر مجرم".
ومشروع القانون الذي أُطلق عليه اسم "لايكن رايلي" نسبةً إلى طالبة جامعية أميركية قُتلت على يد مهاجر غير نظامي، أقرّ في مجلسي الكونغرس بدعم من الديمقراطيين، ويعتبر "انتصاراً قانونياً" كبيراً لترامب الذي قال خلال حملته الانتخابية إن أمن الحدود هو القضية الأكثر أهمية، ويسمح لحرس الحدود باعتقال المهاجرين غير النظاميين المتورطين في جرائم مختلفة من دون أمر من المحكمة.
قرار ترامب أغضب كوبا، وكتب الرئيس الكوبي ميغيل دياز- كانيل على منصة "إكس": "في عمل وحشي، أعلنت الحكومة الأميركية الجديدة عزمها احتجاز أشخاص في قاعدة غوانتانامو البحرية، الواقعة في الأراضي الكوبية المحتلة خلافاً للقانون. هؤلاء المهاجرين غير النظاميين سيُحتجزون بجوار منشآت استخدمتها الولايات المتحدة للتعذيب والاحتجاز المخالف للقانون".
ومثله، انتقدت الأمم المتحدة القرار، وقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، إن "جميع التدابير الرامية إلى الحد من الهجرة يجب أن تحترم الحقوق الأساسية وكرامة طالبي اللجوء".
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد حصلت على وثائق حكومية تظهر أن الولايات المتحدة تستخدم منذ عقود قاعدة غوانتانامو العسكرية لسجن مهاجرين يتم اعتراضهم في البحر، وبحسب الصحيفة، يوضع المهاجرون في مساحة منفصلة عن السجن حيث يُحتجز المتّهمون بالإرهاب.
وأعلنت مجموعة مناصرة قانونية أن قرار إرسال المهاجرين إلى غوانتانامو "يجب أن يرعبنا جميعاً". وقال المدير التنفيذي لمركز الحقوق الدستورية ومقره نيويورك، فينس وارن: "قرار ترامب يبعث رسالة واضحة. يتم تصوير المهاجرين وطالبي اللجوء على أنهم التهديد الإرهابي الجديد الذي يستحق التخلص منه في سجن على جزيرة، وإبعادهم عن الخدمات القانونية والاجتماعية والدعم"، بحسب "أسوشييتد برس".
من جهته، يقول الخبير في شؤون الهجرة من مركز أبحاث مكتب واشنطن التابع لأميركا اللاتينية، آدم إيزاكسون، إن مبادرة ترامب التي تصدرت عناوين الأخبار كانت "جزءاً من الرواية القائلة إن هناك حاجة إلى استجابة عسكرية لمعالجة التهديد المفترض من المهاجرين"، الذين وصفهم ترامب مراراً وتكراراً بأنهم "حيوانات" خطيرة و"قمامة"، كما نقلت عنه "الغارديان".
الصحيفة نفسها قابلت مديرة حماية اللاجئين في مجموعة المناصرة "هيومن رايتس فيرست"، إليانور إيسر، التي قالت إن "اللغة الغامضة بشكل فاضح والشاملة بشكل لا يصدق" في مذكرة ترامب، التي تأمر بتوسيع غوانتانامو، تعني أنه من غير الواضح من سيكون مستهدفاً، إذ تدعو إلى اتخاذ "جميع الإجراءات المناسبة" لتوسيع المنشأة من أجل "تأمين احتياجات تنفيذ القانون".
ومعتقل غوانتانامو هو سجن سيئ السمعة، بدأت السلطات الأميركية باستخدامه عام 2002 بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، لاعتقال من تشتبه في كونهم إرهابيين. وتقول منظمة العفو الدولية إنّه يمثل همجية هذا العصر، وأن المعتقل "لا يزال يحتفظ بإرث التعذيب والاحتجاز لأجل غير مسمى وكراهية الإسلام والظلم. يحتجز المعتقلون في غوانتانامو من دون اتهامات أو محاكمات عادلة، ما يشكل انتهاكاً للدستور الأميركي، ويحرمهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية. معتقلو المعسكر سيئ الصيت تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وظلّوا محتجزين، في بعض الحالات، أكثر من 20 عاماً".
ويضم المعتقل منشأة صغيرة منفصلة كانت تستخدم على مدى عقود لاحتجاز المهاجرين الذين يعتقلون خلال محاولتهم الوصول إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني من خلال القوارب، ومعظمهم من هايتي وكوبا. وتشغل المنشأة جزءاً صغيراً من القاعدة، وتضم عدداً قليلاً من المباني.
وبحسب وكالة "أسوشييتد برس"، يعمل مركز احتجاز المهاجرين منفصلاً عن مركز الاحتجاز العسكري وقاعات المحاكم الخاصة بالمعتقلين منذ عهد الرئيس جورج دبليو بوش، أي خلال ما أسمته تلك الإدارة "الحرب على الإرهاب". ويضم القطاع الأخير 15 معتقلاً، بما في ذلك العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر خالد شيخ محمد، علماً أنه ضم في فترة سابقة نحو 800 محتجز.
وظل المعتقل مفتوحاً منذ 11 يناير/ كانون الثاني 2002، تاريخ وصول أول سجين إليه. وبعد ذلك بأقل من شهر، أصدر الرئيس الأميركي حينها جورج بوش مذكرة رئاسية تنص على أن معتقلي تنظيم القاعدة "مقاتلون أعداء" لا يخضعون لاتفاقيات جنيف.
وبعد توالي الانتقادات خلال السنوات التي تلت افتتاح هذا المعتقل، بدأت وزارة الدفاع الأميركية عمليات ترحيل متفرقة للمعتقلين حول العالم، حتى بلغ عددهم صيف عام 2016 حوالي 76 معتقلاً.