مصير مجهول لمئة لاجئة فلسطينية في معتقلات النظام السوري

مصير مجهول لمئة لاجئة فلسطينية في معتقلات النظام السوري

19 فبراير 2022
شحّ في المعلومات حول مصيرهن (Getty)
+ الخط -

يعتقل النظام السوري أكثر من 100 لاجئة فلسطينية منذ عام 2011، وسط شحّ في المعلومات حول مصيرهن، فيما تفيد مصادر بوفاة بعضهن تحت وطأة التعذيب.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم السبت، أنّ لاجئة فلسطينية خرجت خلال الأشهر الأخيرة من معتقل صيدنايا المعروف بـ"المسلخ البشري"، بعد فترة اعتقال دامت نحو 6 سنوات، كشفت عن أسماء ثلاث لاجئات فلسطينيات قضين تحت التعذيب في السجن المذكور خلال فترة اعتقالها.

وفي السياق، أطلق شقيق اللاجئة الفلسطينية سلمى عبد الرزاق مناشدة للكشف عن مصير شقيقته المعتقلة منذ عشر سنوات، وطالب النساء المفرج عنهن من السجون وأفرُع المخابرات السورية ممن تمكنّ من رؤيتها، أو حصلن على معلومات بشأنها، الاتصال به أو ترك رسالة على بريد مجموعة العمل لمعرفة مصيرها، وفق "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية".


وسلمى عبد الرزاق من أهالي مخيم اليرموك طالبة في كلية الهندسة المعمارية بجامعة دمشق، من مواليد عام 1990، اعتقلت بتاريخ 30/12/2012، ولم تتمكن عائلتها من معرفة مكان احتجازها، أو أي معلومات عنها منذ ذلك الوقت، باستثناء أنها معتقلة في فرع فلسطين.
وتقول مجموعة العمل إنها وثّقت حتى الآن اعتقال نحو 1800 لاجئ فلسطيني في سجون النظام السوري، منهم (110) سيدات جرى اعتقالهن على بوابات ومداخل المخيمات الفلسطينية والحواجز الأمنية التابعة للنظام في المدن السورية.
وذكرت المجموعة أنّ 34 لاجئة فلسطينية قضين تحت التعذيب في سجون النظام، من دون تسليم جثامينهن، بينهن من تم التعرف عليهن من خلال الصور المسربة لضحايا التعذيب، وذلك في ظل تكتم أجهزة الأمن التابعة لنظام الأسد على مصير وأسماء المعتقلات الفلسطينيات لديها، الأمر الذي يجعل من توثيق المعلومات عنهن أمراً في غاية الصعوبة. 
ووفقاً لشهادات وثّقتها المجموعة، فقد تعرض المعتقلون الفلسطينيون في سجون النظام لكل أشكال التعذيب والقهر الجسدي والنفسي والاعتداء الجنسي. وتؤكد شهادات المعتقلين المفرج عنهم أن تلك الممارسات شملت الضرب بالسياط والعصي الحديدية والصعق بالكهرباء والشبح والاغتصاب وغيرها من صنوف التعذيب، ما أسفر عن وفاة نحو 620 من المعتقلين الفلسطينيين تحت التعذيب.
 وكان "مركز توثيق المعتقلين والمفقودين الفلسطينيين في سورية" أكد وجود نحو 780 طفلاً معتقلاً في سجون أفرع الأمن التابعة للنظام السوري، قضى نحو 45 منهم تحت التعذيب. وتغيب المعلومات حول مصير الأطفال المعتقلين، وأماكن احتجازهم، منذ لحظة اعتقالهم على حواجز أمن النظام المنتشرة في محيط مخيّمات اللاجئين، أو في شوارع المدن السورية.
وأورد مركز التوثيق أسماء بعض الأطفال المعتقلين منذ سنوات، ممن تتراوح أعمارهم بين 4 أعوام و16 عاماً، بعضهم جرى اعتقالهم برفقة والداتهم المعتقلات، مثل الطفلة هديل عيثاني البالغة 4 أعوام، اعتقلت برفقة والدتها أثناء مرورهما عبر أحد حواجز النظام في دمشق عام 2013، والطفل حمزة فراس الدسوقي 5 أعوام، وشقيقته حلا الدسوقي، وجرى اعتقالهما برفقة ذويهما على حاجز أمني في دمشق، وكذلك الطفل عبادة حسن عبد الله 6 أعوام، اعتقل برفقة 7 من أفراد عائلته.
وتشير التقارير إلى مقتل أربعة آلاف و48 لاجئا فلسطينيا في سورية منذ بداية الثورة السورية في مارس/ آذار 2011، بينهم 252 طفلا.
 ويرى متابعون أن الأرقام الحقيقة، سواء للقتلى أو المعتقلين أو المتوفين تحت التعذيب، هي على الغالب أكبر بكثير من المُعلن عنها والتي جرى توثيقها، حيث تغيب الإحصاءات الرسمية للمعتقلين الفلسطينيين في سورية، نظرا لتكتم النظام على أسماء ومعلومات المعتقلين لديه، فضلا عن تخوف بعض أهالي المعتقلين والضحايا من الإفصاح عن تلك الحالات، إضافة إلى عدم تفاعل أي جهة رسمية فلسطينية مع ملف المعتقلين الفلسطينيين لدى نظام الأسد.
وفي حديث مع "العربي الجديد"، رأى الصحافي الفلسطيني أبو مصطفى قاعود أن ما يجري للمعتقلين الفلسطينيين في سجون النظام مشابه لما يجري لمجمل المعتقلين السوريين، مع فارق أن اللاجئين الفلسطينيين لا توجد أي جهة رسمية تتبنى قضيتهم أو تتحرك للإفراج عنهم.

وأوضح أن الجهات الفلسطينية الرسمية، من سلطة في رام الله أو فصائل في دمشق، ليست لديها الشجاعة، لا السياسية ولا الأخلاقية، لفتح هذا الملف مع النظام السوري برغم ما يربطها به من صلات. وحثّ قاعود الجهات الحقوقية الفلسطينية على وضع هذه القضية على طاولة المنظمات الحقوقية والسياسية الدولية، في ظل تقاعس الجهات الرسمية الفلسطينية. 
ويتوزع اللاجئون الفلسطينيون في سورية على 9 مخيمات رسمية، إلا أن مخيم اليرموك غير الرسمي يعدّ الأكبر من حيث الكثافة السكانية، حيث كان يضم، بحسب تقديرات منظمة "أونروا"، 144 ألف لاجئ، قبل أن يتم تدمير معظمه وتهجير سكانه على يد قوات النظام السوري والأطراف المتحاربة.
وتشير بعض الإحصائيات إلى أن أكثر من 400 ألف لاجئ فلسطيني ما زالوا داخل سورية، تعرض معظمهم للتشريد نتيجة الحرب منذ عام 2011، وثلثهم دمرت منازلهم أو أصابتها أضرار بحسب آخر إحصائية لـ"أونروا"، فيما غادر سورية أكثر من 120 ألف لاجئ فلسطيني.

المساهمون