مصر: منظمة حقوقية توثق محاولة طفل الانتحار بسبب التعذيب على يد الأمن

مصر: منظمة حقوقية توثق محاولة طفل الانتحار بسبب التعذيب على يد الأمن

21 مارس 2021
الطفل المصري حاول الانتحار بعدما حصل على حكم بإخلاء سبيله لم يتم تنفيذه (Getty)
+ الخط -

أكدت مصادر أمنية للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، "منظمة مجتمع مدني"، أن الطفل عبد الله بومدين نصر الله عماشة، 15 سنة، أقدم على محاولة الانتحار خلال الفترة التي أعقبت رمضان الماضي، بعدما كان يعد نفسه لتناول عدد كبير من أقراص الدواء، أملاً في الخلاص من حياته، وخاصة بعدما حصل على حكم بإخلاء سبيله لم يتم تنفيذه، بسبب تعنت الأمن الوطني بالعريش بشمال سيناء، ليظل قرابة 3 سنوات رهن الإخفاء القسري بعيداً عن عائلته.

وعبدالله بومدين من مواليد 12 ديسمبر/كانون الأول 2005، من مدينة العريش بشمال سيناء، اعتقل في 31 ديسمبر/كانون الأول عام 2017، وكان يبلغ من العمر وقتها 12 عاماً، ليخُفى قسرياً داخل أقبية الأمن الوطني بمدينة العريش.

حصل عبدالله على حكم بإخلاء سبيله منذ عامين، وبعدما وصل إلى قسم شرطة العريش رفض ضابط الأمن إخلاء سبيله، وتم ترحيله إلى مقر الأمن الوطني بالعريش، ليتم تعذيبه والتنكيل به بدنياً ونفسياً، وهو ما تسبب في إصابته بإصابات بالغة فقد معها القدرة على الحركة، وتزامناً مع إجراء الكشف الطبي عليه ومحاولة علاجه، أصيب بصدمة نفسية شديدة جداً، حاول خلالها الانتحار بتناول كمية كبيرة من الأقراص العلاجية (البرشام).

ورغم ما يعانيه الطفل المعتقل من عذابات خلف الأسوار، إلا أن ما تلقاه الأسرة من غياب ابنها أشد وطأة، بعدما فقدت والده منذ ما يزيد عن عامين ولا أحد يعرف مصيره حتى الآن، بالإضافة إلى فقدان الأخ الأكبر لعبدالله، عبد الرحمن، والذي تأكد خبر  تصفيته بعد اعتقاله وتعذيبه، ولا يزال الأمل معقوداً على خروج عبدالله من محبسه للتخفيف عن تلك الأسرة المكلومة.

وفي تقديرات حقوقية، تعرض 1556 طفلاً للاعتقال و198 تعرضوا للإخفاء القسري، و192 صدر ضدهم حكم قضائي، في الفترة من 2013 حتى 2018، حسب تقرير صادر في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2019، من مركز بلادي للحقوق والحريات، منظمة مجتمع مدني مصرية.

وأشار المركز نفسه، في آخر إحصائية له، إلى أن السلطات المصرية تحتجز 60 طفلًا و75 قاصراً في سجونها على خلفية اتهامات سياسية، خلال النصف الأول من العام 2020، ويتوزعون على المؤسسات العقابية وبعض أقسام الشرطة، بينما تحتجز السلطات عدداً كبيراً من القاصرين في زنازين مشتركة مع البالغين على خلفيات جنائية وإرهابية.

وتنص المادة 112 من قانون الطفل على الآتي "لا يجوز احتجاز الأطفال أو حبسهم أو سجنهم مع غيرهم من البالغين في مكان واحد ، ويراعى في تنفيذ الاحتجاز تصنيف الأطفال بحسب السن والجنس ونوع الجريمة".

كما أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" وثقت في تقرير مشترك لها مع منظمة "بلادي–  جزيرة الإنسانية" الحقوقية في مارس/آذار 2020، احتجاز عناصر الشرطة وجهاز الأمن الوطني والجيش المصري أطفالاً تعسفياً، كان سن أصغرهم 12 عاماً، وأخفوهم قسراً وعذبوهم، مع غض النيابة والقضاة البصر عن تلك الممارسات الوحشية بحق الأطفال.

التقرير الصادر بعنوان "لم يراع أحد كونه طفلًا: انتهاكات قوات الأمن المصرية ضد الأطفال المحتجزين"، وثق انتهاكات ضد 20 طفلاً أعمارهم بين 12 و17 عاماً عند اعتقالهم.

وتنص المادة 119 من قانون الطفل المصري على "لا يحبس احتياطياً الطفل الذي لم يبلغ خمس عشرة سنة، ويجوز للنيابة العامة إيداعه إحدى  دور الملاحظة مدة لا تزيد على أسبوع، وتقديمه عند كل طلب إذا كانت ظروف الدعوى تستدعي التحفظ عليه، على ألا تزيد مدة الإيداع على أسبوع ما لم تأمر المحكمة بمدها لقواعد الحبس  الاحتياطي المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، ويجوز بدلًا من الإجراء المنصوص عليه فى الفقرة السابقة الأمر بتسليم الطفل إلى أحد والديه أو لمن له الولاية عليه، وتقديمه عند كل طلب، ويعاقب على الإخلال بهذا الواجب بغرامة لا تجاوز مائة جنيه".

كما وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقريرها الصادر مطلع عام 2021، بشأن انتهاكات الشرطة وقوات الأمن، أن قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية و"جهاز الأمن الوطني" أخفوا معارضين قسراً واعتقالهم تعسفاً وتعذيبهم، ومن بينهم أطفال.

التقرير، الصادر بالتعاون بين هيومن رايتس ووتش و"بلادي-  جزيرة الإنسانية" ("بلادي")، يوثق انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها مسؤولو الأمن المصريون ضد 20 محتجزاً من الأطفال، تم توقيفهم جميعا وملاحقتهم قضائيا بزعم مشاركتهم في مظاهرات أو في أحداث عنف سياسي.

واحتجزت السلطات الأطفال في مواقع مختلفة في أنحاء مصر، منها الإسكندرية والقاهرة ودمياط والجيزة والإسماعيلية والمنصورة وشمال سيناء والقليوبية والشرقية.

 وسبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش ارتكاب قوات الأمن في شمال سيناء الاحتجاز التعسفي، والإخفاء القسري، والإعدام خارج نطاق القضاء بحق الأطفال. وقالت "ليست القضايا الموثقة في هذا التقرير إلا النزر اليسير من مئات حالات الانتهاكات من قبل قوات الأمن المصرية بحق الأطفال ومحتجزين آخرين، منهم أطفال تم التحقيق معهم للاشتباه بالانخراط في سلوك مثلي، وهي الحالات التي تغطيها بلادي، وهيومن رايتس ووتش، ومنظمات أخرى ووسائل إعلام عديدة منذ 2014؛ إذ تشير جميع المعلومات المتوفرة إلى أن الاحتجاز التعسفي والانتهاكات ضد المحتجزين، وبينهم أطفال، في عهد حكومة السيسي، هي ممارسات موسعة وممنهجة".

المساهمون