مصر: تواصل الدعاوى القضائية لإيصال لقاح كورونا إلى السجون

مصر: تواصل الدعاوى القضائية لإيصال لقاح كورونا إلى السجون

05 مايو 2021
توسّعت الوزارة بتوزيع اللقاحات دون إعطاء الأولوية للسجناء (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

أقام فريق مكتب المحاماة الحقوقي المصري (دفاع)، لصاحبه خالد علي، الدعوى القضائية رقم 46278 لسنة 75 قضائية، الدائرة الأولى حقوق وحريات أمام محكمة القضاء الإداري، موكلاً عن كلّ من الكاتب الصحافي هشام فؤاد، والنشطاء السياسيين سناء سيف، وأحمد دومة، وعلاء عبد الفتاح، والسياسي المصري البارز عبد المنعم أبو الفتوح، والصحافي حسام مؤنس، والناشط رامي شعث، والبرلماني زياد العليمي، ضدّ رئيس الوزراء، وزير الصحة، وزير الداخلية، ومساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون المصريين، وطالبوا فيها بتسجيل رغبتهم في إدراج أسمائهم، وأسماء من يرغب من المودعين الآخرين بالسجون المصرية ضمن الحملة القومية للتطعيم ضدّ وباء كورونا.

وحسب ما جاء في بيان "دفاع"، فإنّ الموكلين الثمانية، تمسّكوا بحقهم في الحصول على اللقاح المضاد لكورونا، وطالبوا بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن منحهم اللقاح داخل مقار احتجازهم بالسجون المصرية، بما ترتب عن ذلك من آثار.

وكان فريق "دفاع" قد تقدّم بإنذارات للمطعون ضدّهم، إلّا أنهم لم يحرّكوا ساكناً، فرُفع الطعن لإلزامهم بتلقيح الطاعنين وكلّ من يرغب في ذلك من المودعين بالسجون المصرية.

وتنصّ المادة الـ 18 من الدستور المصري الصادر عام 2014، على أنّ "لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة... ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكلّ إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة".

وتنصّ المادة الـ 55 من الدستور على أنّ "كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه أو حبسه إلّا في أماكن مخصّصة لذلك، لائقة إنسانياً وصحياً..."، وكذلك تنصّ المادة الـ 56، على أنّ "السجن دار إصلاح وتأهيل. تخضع السجون للإشراف القضائي ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرّض صحته للخطر.

وتأتي هذه الدعوى القضائية، في أعقاب  إنذار وجّهته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة مجتمع مدني مصرية)، نهاية إبريل/ نيسان الماضي، إلى وزير الداخلية المصرية، لمطالبته بتمكين نزلاء السجون من المحكومين والمحبوسين احتياطياً من اختيار التسجيل لتلقي لقاح كورونا داخل السجون وأماكن الاحتجاز على وجه السرعة، وذلك خشية على حياتهم وعلى الصحة العامة للمجتمع، في ظلّ تعاقب موجات أشدّ للفيروس، وتوالي ارتفاع الإصابات والوفيات، واحتراماً لحقّهم في الصحة كإحدى الفئات الأكثر عرضة للعدوى بسبب أوضاع الاحتجاز في أماكن مغلقة واستحالة التباعد الجسدي.

وقدّم محامو المبادرة، البلاغ نيابة عن الباحث بالمبادرة والسجين السياسي، باتريك جورج ميشيل زكى، المحبوس احتياطياً بمجمع سجون طرة على ذمة القضية 1766 لسنة 2019 أمن دولة عليا منذ فبراير/ شباط 2020.

وقالت المبادرة إنه بالرغم من محدودية كمية اللقاحات المتوافرة في مصر حتى الآن، فقد توسّعت وزارة الصحة أخيراً في توزيع اللقاح على مستوى الجمهورية لجميع الأفراد دون التقيد بإعطاء الأولوية للمجموعات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، ومنهم السجناء والمحبوسون احتياطياً.

وشدّدت المبادرة المصرية على أنّ إتاحة اللقاح للسجناء وتطعيمهم ليست رفاهية يمكن الاستغناء عنها، بل ضرورة وأولوية للصحة العامة، والتزام يقع على عاتق الحكومة.

وسبق أن اتخذت الحكومة المصرية حزمة من الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، جرى على أثرها تعطيل حق السجناء والمحتجزين في الزيارة الدورية لذويهم مدة تتجاوز الثلاثة أشهر كاملة، دون توفير أيّ وسائل أخرى للتواصل، ما أثّر بصحتهم النفسية سلباً، فضلاً عن حرمانهم احتياجاتهم التي توفرها الزيارة من الغذاء والأدوية. وعندما سُمح بعودة الزيارة في أغسطس/ آب 2020، جاءت بشروط جديدة تطول فيها الفترة الزمنية بين الزيارة والأخرى. كذلك تعذّر حضور العديد من المحبوسين احتياطياً أمام النيابة، واستمرّ حبسهم بالمخالفة للمدة القانونية المحدّدة للحبس الاحتياطي وقانونيته.

ووفقاً لـ"خريطة طريق" منظمة الصحة العالمية لتحديد أولوية توفير اللقاح في سياق الإمدادات المحدودة" المنشورة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فإنّ السجناء والمحبوسين احتياطياً يقعون ضمن المجموعات الأكثر عرضة لاكتساب العدوى ونقلها، وذلك لوجودهم في أماكن مزدحمة ومغلقة يصعب فيها مراعاة التباعد الجسدي.

ويبلغ عدد السجون الجديدة التي صدر قرار بإنشائها بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، حتى الآن، أي في خلال 10 سنوات، 35 سجناً، لتضاف إلى 43 سجناً رئيسياً كانت تعمل قبل ثورة يناير، ليصبح عدد السجون الأساسية نحو 78 سجناً.

وتُقدّر الشبكة العربية عدد السجناء والمحبوسين احتياطياً والمحتجزين في مصر، حتى بداية مارس/ آذار 2021، بنحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي، وحوالى 54 سجيناً ومحبوساً جنائياً، ونحو ألف محتجز لم نتوصّل إلى معرفة أسباب احتجازهم.

ومن ضمن السجناء والمحتجزين، بلغ عدد السجناء المحكوم عليهم إجمالاً، نحو 82 ألف سجين، وإجمالي عدد المحبوسين احتياطياً، حوالى 37 ألفاً.

كانت وزيرة الصحة المصرية، هالة زايد، قد وعدت في مداخلة تلفزيونية بأنه "ستُتاح اللقاحات للفئات الموجودة في أماكن مغلقة، مثل دور رعاية المسنين والسجون"، إلا أنّ وزارة الداخلية ومصلحة السجون التابعة لها، حتى وقت توجيه الإنذار، لم تعلنا البدء بتطعيم السجناء والمحبوسين احتياطياً أو أعداد الإصابات ونسب الشفاء والوفاة بسبب فيروس كورونا داخل السجون وأماكن الاحتجاز.

وقد وفرت بعض الدول اللقاح للسجناء بالفعل في المنطقة العربية وفي أفريقيا. فعلى سبيل المثال، نظّم المغرب حملة للتطعيم داخل السجون وأماكن الاحتجاز، استهدفت من تخطوا سنّ الستين. وبحلول مارس/ آذار 2021 لُقِّح 77% بالمائة من الفئة المستهدفة داخل المؤسسات العقابية. وكذلك أعلنت دول منها الكويت والبحرين، بدء حملات التطعيم داخل السجون وأماكن الاحتجاز. كذلك وضعت جنوب أفريقيا المساجين في المرحلة الثانية من حملة التطعيم ضدّ فيروس كورونا.

ووفقاً لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، التي تُعرف بـ"قواعد نيلسون مانديلا"، فإنه "ينبغي أن يحصل السجناء على ذات مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع، وينبغي أن يكون لهم الحقُّ في الحصول على الخدمات الصحية الضرورية مجَّاناً ودون تمييز على أساس وضعهم القانوني".

 

المساهمون