مصر: تقرير حقوقي يرصد مخالفة الداخلية والنيابة للدستور

مصر: تقرير حقوقي يرصد مخالفة الداخلية والنيابة للدستور بسبب الاختفاء القسري و"التدوير"

17 مارس 2021
تضمن المادة 54 حماية الحرية الشخصية للأشخاص (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وهي منظمة مجتمع مدني مصرية، تقريراً حديثاً، عن مخالفة وزارة الداخلية المصرية، والنيابة العامة المصرية، للمادة رقم 54 من الدستور المصري، المتعلقة بضمان حماية الحرية الشخصية للأشخاص وعدم جواز القبض عليهم وتقييد حريتهم إلاّ بأمر قضائي، وأنّ ظاهرتي الإخفاء القسري وتدوير المتهّمين في عدّة قضايا، هو مخالفة صريحة للدستور.

وتنصّ المادة 54 من الدستور المصري، على "الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تُمسّ، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلاّ بأمر قضائي مسبّب يستلزمه التحقيق".

ويجب أن يُبلّغ فوراً بالأسباب، كلّ من تقيّد حريته، ويُحاط بحقوقه كتابة، ويُمكّن من الاتصال بذويه وبمحاميه فوراً، وأن يقدّم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته. ولا يبدأ التحقيق معه إلاّ في حضور محاميه، فإن لم يكن له محام، نُدب له محام، مع توفير المساعدة اللازمة لذوي الإعاقة، وفقاً للإجراءات المقرّرة في القانون. ولكلّ من تقيّد حريته، ولغيره، حقّ التظلّم أمام القضاء من ذلك الإجراء، والفصل فيه خلال أسبوع من ذلك الإجراء، وإلاّ وجب الإفراج عنه فوراً.

وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطي، ومدته، وأسبابه، وحالات استحقاق التعويض الذي تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس الاحتياطي، أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه. وفى جميع الأحوال لا يجوز محاكمة المتهم في الجرائم التي يجوز الحبس فيها إلا بحضور محام موكل أو مُنتدب".

 وقالت الشبكة في تقريرها الصادر الأربعاء 17 مارس/آذار الجاري، إنّ الدستور هو القانون الأعلى في أي دولة تحترم مواطنيها والقانون، وهذا يعني احترام نصوصه، وأن تحترم كل قوانينها قواعد هذا الدستور ومواده. وتظلّ التفرقة قائمة بين دولة سيادة القانون التي تخضع للقانون في مفهومه الواسع وتلك التي لا تخضع للقانون وتنتمي إلى عصور ما قبل الدولة القانونية، أساس تلك التفرقة هي احترام الدستور ومن ثم القوانين المنفذة له".

وبالتالي فإنّ "فكرة جعل قاعدة ما أو حق ما، قاعدة دستورية أو حقاً دستورياً هي السمو بمكانتها في القانون الأعلى بحيث تصبح القوانين العادية ملزمة دائماً باحترامها والدساتير الحديثة في مجملها وفي الدول القانونية تعدّ بمثابة العقد بين المواطن والسلطات المختلفة. وعلى رأس قائمة بنود وقواعد هذا الدستور، العقد الاجتماعي، تأتي قاعدة الحرية الشخصية كقاعدة دستورية أساسية باعتبارها حقاً طبيعياً أصيلاً للإنسان أضفي عليه حماية دستورية"، بحسب الشبكة.

وتضمّن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العديد من الحقوق، بعضها أحال في شأن تنظيمها للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقد صدّقت عليه مصر ونُشر بالجريدة الرسمية في عام 1981 وأصبح قانوناً وطنياً، مكملاً للدستور وكذلك فسّرته القوانين الوطنية، وبعضها قرّرها باعتبارها حقوقاً أصيلة، والقضاء المصري تعامل مع الميثاق العالمي باعتباره مرجعية تفسيرية في شأن بعض الحقوق التي تضمنتها القوانين الوطنية.

واعتبرت العديد من الأحكام القضائية العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966، والذي انضمت إليه مصر في عام 1982 بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 536 لسنة 1981، جزءا من النظام القانوني المصري.

كل تلك البنود الدستورية المحلية والدولية، كان من شأنها أن تمنع ظاهرة الاختفاء القسري في مصر، الذي أصبح من أهم نتائجه مخالفة العقد الاجتماعي "المادة 54 من الدستور".

وعرّفت الشبكة العربية الاختفاء القسري، بأنه "ما يعرف باحتجاز شخص ما من قبل أجهزة الدولة أو أجهزة مقرّبة أو على صلة بها، وإنكار وجوده أو احتجازه لفترة أو إخفائه تماماً، وهو ما يحدث ليظلّ الشخص أياماً تصل في أحيان كثيرة إلى شهور عديدة، حتى يظهر في إحدى النيابات متهماً في قضية ما".

وعلى الرغم من حرص أغلب أسر ومحامي الشخص المحتجز بإرسال تلغرافات للنائب العام ووزير الداخلية، حول موضوع القبض على الشخص، وإنكار الداخلية وعدم إجراء تحقيق من قبل النيابة فيما تضمنه التلغراف، فعادة ما يظهر الشخص المختفي بعد فترة، قد تكون أياما أو أشهرا، وتتجاهل النيابة نصّ المادة 54 من الدستور، ولا تسأل الضحية أو المتهم الأسئلة الواجب عليها سؤالها وهي: هل أبلغت بالاتهامات المنسوبة إليك؟ وأين توقيعك على الاتهامات المنسوبة إليك من يوم احتجازك؟"، وبالتالي "فالنيابة العامة، بإهمالها تطبيق نصّ هذه المادة الدستورية، تشارك في مخالفة العقد وتفتح الباب لجريمة الاختفاء القسري"، حسب التقرير.

وتساءلت الشبكة، "كيف نصدّق من يهدر مادة العقد، مادة 54 من الدستور، حين ينفي وجود اختفاء قسري، في حين يظهر الكثير من المختفين، وقد تمّ حرمانهم من تطبيق المادة، التي إذا تمّ تطبيقها لتخلّص القضاء على هذه الظاهرة البغيضة؟".

اعتبرت أيضاً الشبكة العربية، تدوير المتهمين على ذمة قضايا جديدة، مخالفة صريحة للمادة 54 من الدستور، وقالت "التدوير وهو ما يعرف بأن شخصاً ما أمضى مدة الحبس الاحتياطي التي كثيراً ما تصل إلى عامين، وبعد الإفراج عنه يجد نفسه متهماً في محبسه بقضية جديدة، منها إشاعة أخبار كاذبة، وهو أمر لا يتنافى مع القانون فقط بل مع المنطق. وإذا كانت المادة 54 من الدستور قد عنيت بضرورة إخطار المقبوض عليه بأسباب القبض، فهي تكون قد استبعدت تماماً المحبوس احتياطياً من فكرة المقبوض عليهم لأنه بالفعل مقبوضاً عليه ولم يحدث اعتقال جديد لأنّ المحبوس احتياطياً في حالة الإعتقال طوال مدة الحبس الاحتياطي، وحين تحدثت المادة 54 من الدستور عن إبلاغه بأسباب القبض فهي تفترض أسباباً حقيقية لا أسباباً مصطنعة".

المساهمون