مصر:"رايتس ووتش" تنتقد قانون الجمعيات إثر تعليق عمل "الشبكة العربية"

"هيومن رايتس ووتش" عن تعليق عمل "الشبكة العربية" بمصر: أسقِطوا قانون الجمعيات فوراً

13 يناير 2022
إغلاق الشبكة علامة جديدة على الحالة الحقوقية المتردية في مصر (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

أعربت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن حزنها من إعلان الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إحدى المنظمات الحقوقية المستقلة الرائدة في مصر منذ فترة طويلة، في 10 يناير/كانون الثاني 2022، أنها ستنهي عملها بعد قرابة 18 عاماً، بعدما استشهدت بسلسلة من التهديدات، والاعتداءات العنيفة، والاعتقالات من قبل "قطاع الأمن الوطني"، فضلاً عن المهلة التي تُشارف على الانتهاء، وتفرض على جميع المنظمات غير الحكومية التسجيل بموجب قانون الجمعيات.

وقالت المنظمة الدولية، في بيان أمس الأربعاء، إن قانون 2019 يفرض قيوداً صارمة على عمل منظمات المجتمع المدني ورقابة حكومية شديدة، تشمل شرط تسجيل جميع المنظمات غير الحكومية لدى وزارة التضامن الاجتماعي، وأوضحت الشبكة أنها "غير قادرة على تلبية هذه المتطلبات، ولا ترغب في تلبيتها".

من جانبه، قال نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، جو ستورك: "إغلاق الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان خسارة فادحة للحركة الحقوقية المصرية وشركائها الدوليين. قرارها الصعب بالإغلاق بعد نحو عقدين من الزمن يُثبت للأسف أن هدف الحكومة المصرية إسكات المجتمع المدني المستقل الناقد".

وجاء قرار الشبكة بسبب الموعد النهائي للتسجيل في يناير/كانون الثاني 2022، المنصوص عليه في اللائحة التنفيذية الصادرة في 2021. ويحظر القانون أي "عمل مدني دون تسجيل مسبق لدى وزارة التضامن".

وإجراءات التسجيل معقدة ومرهقة، وتتطلب مئات الصفحات من التوثيق للأنشطة السابقة، ومصادر التمويل، والأنشطة المزمع إجراؤها.

ويسمح القانون للجهات الحكومية بإغلاق أي منظمة فاعلة غير مسجلة بالقوة وتجميد أصولها، ويمكن المحكمة الإدارية أن تأمر بحلها. ولا يُعتبر التسجيل نهائياً إلا بعد موافقة وزارة التضامن علناً على تسجيلها، وقد يمدد اقتراح حكومي حديث الموعد النهائي للتسجيل في يناير/كانون الثاني لستة أشهر. 

وقال مؤسس الشبكة العربية ومديرها جمال عيد، لـ"هيومن رايتس ووتش"، إن أي تأجيل "لا يغيّر الوضع لعدم وجود مؤشر على انتهاء الانتهاكات والتهديدات ضدنا".

وقالت الشبكة لـ"هيومن رايتس ووتش" إنها "تلقت رسالة في أكتوبر/تشرين الأول 2021 من مسؤول بوزارة التضامن تقول إن الشبكة لا يمكنها التسجيل باسمها، وعليها اختيار اسم جديد. وأصرّ المسؤول على أن حرية التعبير، وحرية الصحافة، وظروف السجون، لا تندرج ضمن الأنشطة التي ستكون الوزارة والسلطات الأمنية مستعدة للموافقة عليها، وقال المسؤول إن على الشبكة أن تعمل بدل ذلك على القضايا الطبيعية". 

واعتقلت قوات الأمن المصرية المحامي عمرو إمام، أحد محامي الشبكة، في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2019، واحتجزته بمعزل عن العالم الخارجي ليومين. وما زال محبوساً احتياطياً بتهم ملفقة بالانضمام إلى منظمة إرهابية ما يتجاوز حد السنتين المنصوص عليه في القانون المصري للحبس الاحتياطي. 

واعتُقل عضو آخر من فريق الشبكة في مايو/أيار 2020 بتهم لا أساس لها بنشر "أخبار كاذبة"، ولم يُفرج عنه إلا في أغسطس/آب 2021. 

وقالت الشبكة إن ثلاثة موظفين آخرين تركوا العمل خوفاً من الأمن الوطني.

وتعرّض جمال عيد لاعتداء جسدي مرتين في 2019. وأشارت الملابسات إلى تورط قوات الأمن.

وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول 2019، هاجم مسلحان بملابس مدنية عيد، ما سبّب كسوراً في ضلوعه وجروحاً في ذراعيه وساقيه. وبعد 20 يوماً، تلقى تهديدات عبر اتصالات هاتفية ورسائل نصية من أرقام مختلفة، حيث قال له أحد المتصلين: "إتلمّ بقى يا عمّ جمال". 

وفي 29 ديسمبر/كانون الأول 2019، اعتدى 10 أو 12 رجلاً بدا أنهم عناصر أمن بالضرب على عيد وألقوه على الأرض، وهددوه بالمسدسات، وألقوا الطلاء على رأسه وملابسه.

وقالت الشبكة لـ"هيومن رايتس ووتش"، إن عيد وروضة أحمد، وهي مؤسِسة أخرى للشبكة، من بين المدافعين عن حقوق الإنسان المتهمين في قضية "تمويل أجنبي" مستمرة منذ عشر سنوات، ما يعوق أكثر قدرة الشبكة على التسجيل. 

ويخضع عيد لمنع سفر وتجميد الأصول منذ 2016، ولا يمكنه فتح حسابات بنكية أو التعامل رسمياً مع أطراف ثالثة حتى إغلاق القضية. واستدعت السلطات عيد في 27 يوليو/تموز 2021 بخصوص القضية واستجوبته لثلاث ساعات. قالت الشبكة في بيانها حول الاستجواب إن ملف الادعاء الذي أعده الجهاز الأمني يزعم أن عيد والشبكة لعبا دوراً في انتفاضة 2011.

أسس عيد وأحمد الشبكة في 2004 لتعزيز حرية التعبير وتقديم المساعدة القانونية للنشطاء والصحفيين. 

وحصلت الشبكة وعيد على جوائز دولية لعملهما في حرية التعبير وحرية الصحافة في مصر.

وفي 2011، حصل عيد على جائزة "زعماء الديمقراطية" من "مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط"، وهي منظمة غير حكومية مقرها واشنطن.

وقال ستورك: "يُشكّل إغلاق الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ضربة خطيرة لمستقبل المجتمع المدني المستقل في مصر، وعلامة جديدة على الحالة الحقوقية المتردية في البلاد. لا يمكن المجتمع الدولي أن يتحمل السماح للدولة بإبادة المجتمع المدني المصري الذي كان حيوياً في السابق بهذه التكلفة الزهيدة، وعليه الضغط على الحكومة لإلغاء قانون الجمعيات".

المساهمون