مشهد لوس أنجليس "أشبه بنهاية العالم" وإدارة الإطفاء تشكو الخذلان

11 يناير 2025
لوس أنجليس... مشاهد أشبه بنهاية العالم
+ الخط -
اظهر الملخص
- اجتاحت حرائق هائلة منطقة لوس أنجليس، مدمرة آلاف المنازل والمباني في باسيفيك باليسايدس وماليبو، حيث التهمت النيران حوالي 7700 هكتار، ووصفت بأنها من أكثر الكوارث الطبيعية تدميراً في تاريخ المدينة.

- تعاني إدارة الإطفاء من نقص في التمويل والموارد بعد اقتطاع 17 مليون دولار من ميزانيتها، مما أثر على قدرتها في مكافحة الحرائق، مع زيادة بنسبة 55% في عدد الاتصالات منذ 2010.

- ساعد هدوء الرياح مؤقتاً في السيطرة على الحرائق، لكن التوقعات تشير إلى عودة الرياح العاتية، وتقدر الخسائر بحوالي 20 مليار دولار، مع تحقيقات جارية حول ارتباط شركة ساذرن كاليفورنيا إديسون بالحرائق.

من السماء التي يغطيها الدخان المتصاعد، تبدو الدور التي حصدتها النيران في بداية ساحل ماليبو الشهير، قليلة جداً، فيما الحريق يميل إلى الاستكانة بين صفوف الفيلات الفارهة، لكن المشهد يختلف تماماً مع الاقتراب من حيّ باسيفيك باليسايدس الراقي في لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا الأميركية.

تكثر في هذا الحيّ الذي يجتاحه حريق هائل الأنقاض المتفحمة التي لا يزال يتصاعد منها الدخان، مع شوارع بأكملها جرفت النيران كل منازلها. فقد التهم الحريق الرئيسي بين البؤر الكثيرة المستعرة في منطقة لوس أنجليس، حتى الآن حوالى 7700 هكتار في باسيفيك باليسايدس وماليبو.

ويفيد تقدير أولي بأنّ "آلاف" الأبنية دُمرت على ما قالت مسؤولة فرق الإطفاء كريستين كراولي، خلال مؤتمر صحافي، أول أمس الخميس. وأحجمت السلطات حتى الآن عن تأكيد معلومات من عدمها، مفادها العثور على بقايا بشرية مرتين في مواقع هذا الحريق. وشددت كرولي قائلة: "يمكننا التأكيد أنّ حريق باسيفيك باليسايدس من أكثر الكوارث الطبيعية تدميراً في تاريخ لوس أنجليس".

"جنون"

يحظر الوصول بشكل شبه كامل إلى هذه المنطقة، حتى على المواطنين الذين جرى إجلاؤهم منذ الثلاثاء. وتمكّن صحافيون من وكالة فرانس برس من التحليق فوقها بمروحية والاطلاع على مشهد الدمار الهائل. في بعض هذه الدارات المرغوبة جداً في ماليبو، ولا سيما من جانب المشاهير، لم يبق سوى هياكل لأبنية كانت مهيبة سابقاً، ما يشي بحجم الأضرار اللاحقة.

يقدر سعر بعض هذه الدور الفارهة بملايين الدولارات، إلا أنها مُحيت بالكامل. ويبدو حيّ باسيفيك باليسايدس المطل على ماليبو ومنازلها الواقعة على شاطئ البحر، مقفراً. بعض الدور نجت من الحريق، وبعض الشوارع أفلتت كلياً من الدمار. لكن مع الاقتراب من جنوب الحيّ، يتبيّن أنّ منازل رائعة استحالت مقابر. فعلى امتداد الشوارع، لم يبقَ من المنازل العائلية الضخمة سوى مدخنة أو جذوع أشجار متفحمة جراء النيران.

خلال مؤتمر صحافي أمس الخميس، قال المدعي العام في منطقة لوس أنجليس، نايثان هوشمان، إنّ مروره بحيّ باسيفيك باليسايدس لتفقد منزل شقيقته كان "مشهداً أشبه بنهاية العالم". وأكد بقوله: "لم أشهد كارثة كهذه تحلّ بمدينتنا منذ التسعينيات عندما ضربت لوس أنجليس حرائق وفيضانات وزلزال وأعمال شغب". وأكد ألبير عزوز، قائد مروحية يقوم برحلات في سماء المنطقة منذ قرابة العقد وهو يعاين الدمار من الجو، قائلاً: "هذا جنون. لقد اختفت كل تلك المنازل".

رئيسة إدارة الإطفاء في لوس أنجليس: لقد خذلتنا المدينة

إلى ذلك، قالت رئيسة إدارة الإطفاء في لوس أنجليس، كريستين كراولي، أمس الجمعة، إنّ إدارة المدينة خذلت إدارة الإطفاء، مع استمرار حرائق الغابات الكبيرة في تدمير المدينة. واشتكت كراولي في تصريحات لشبكة "سي أن أن" الإخبارية من أنّ الـ17 مليون دولار التي اقتُطِعَت من ميزانية إدارة الإطفاء، كان لها تأثير سلبي بقدرة الإدارة على مكافحة الحرائق. وقالت: "لم نعد قادرين على الاستمرار على هذا الوضع. ليس لدينا عدد كافٍ من رجال الإطفاء".

وقالت رئيسة إدارة الإطفاء في لوس أنجليس، لجيك تابر، على "سي أن أن" عصر الجمعة، إنها حاولت كثيراً أن توضح لمسؤولي المدينة "مدى النقص في عدد الموظفين وفي الموارد وفي التمويل لدى إدارة إطفاء لوس أنجليس". وقالت كراولي إنّ الإدارة شهدت زيادة بنسبة 55% في عدد الاتصالات التي تلقتها منذ عام 2010، إلا أنّ عدد رجال الإطفاء كان يتراجع.

الصورة
عمليات الإطفاء في لوس أنجليس / 10 يناير 2025 (Getty)
من عمليات الإطفاء في لوس أنجليس، 10 يناير 2025 (Getty)

وأضافت كراولي: "الموارد الإضافية الواردة إلينا ستساعدنا في هذه الكارثة الحالية، ولكن في المستقبل، يمكن أن يحدث هذا في أي مكان في كل مدينة لوس أنجليس ونحتاج إلى أن يكون لدينا التمويل والدعم الكافيين". وقال مكتب الطبيب الشرعي في مقاطعة لوس أنجليس يوم الجمعة إنّ ما لا يقل عن 11 شخصاً لاقوا حتفهم جراء حرائق الغابات المستمرة منذ أيام.

تقدم جهود مكافحة الحرائق مع هدوء الرياح

وساعد هدوء الرياح فرق الإطفاء على إحراز بعض التقدم في السيطرة على الحرائق يوم الجمعة، لكن رياحاً عاتياً متوقعة خلال الأيام المقبلة قد تعيد إشعال النيران. وقالت رئيسة بلدية لوس أنجليس كاريس باس في مؤتمر صحافي: "نحن نبذل جهدنا للسيطرة على الوضع... نحن نعلم أننا سنشهد زيادة محتملة في قوة الرياح في بداية الأسبوع المقبل".

وقال الرئيس جو بايدن إنّ المسؤولين الاتحاديين يتوقعون أن تظل الرياح مصدر تهديد حتى أوائل الأسبوع المقبل على الأقل. وتراجعت أسهم شركات التأمين الأميركية، أمس الجمعة، بعد أن قدّر محللون أنّ الخسائر المشمولة بالتأمين والناجمة عن حرائق الغابات في لوس أنجليس قد تصل إلى 20 مليار دولار، ما قد يجعلها الكارثة الأعلى تكلفة في تاريخ ولاية كاليفورنيا.

وذكرت الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية أنّ من المتوقع هدوء الرياح خلال يومي السبت والأحد إلى 20 ميلاً في الساعة مقارنة بذروة 80 ميلاً التي بلغتها في الأيام الماضية. وحتى صباح الجمعة كانت ثلاثة حرائق رئيسية لا تزال تستعر في لوس أنجليس. فبجانب باليسايدس وإيتون اندلع حريق قرب منطقة كالاباسس الراقية حيث منازل العديد من المشاهير والتجمعات السكنية المحاطة بأسوار.

وتمت السيطرة بشكل كامل على حريق صن ست في هوليوود هيلز، أمس الخميس، بعد أن التهمت النيران سلسلة من التلال المطلة على ممشى المشاهير في هوليوود بوليفارد. ويعتبر حريقا باليساديس وإيتون الأكثر تدميراً في تاريخ لوس أنجليس، إذ أتيا على أكثر من 34 ألف فدان (13750 هكتاراً)، أي حوالى 53 ميلاً مربعاً أو مساحة أكبر من مانهاتن بواقع 2.5 مرة، وحوّلا أحياءً بأكملها إلى رماد.

وأدى حريق إيتون، الذي تمت السيطرة عليه بنسبة 3% الآن، إلى إتلاف أو تدمير أربعة إلى خمسة آلاف مبنى، بينما أدى حريق باليساديس، الذي تمت السيطرة عليه بنسبة 8% الآن، إلى تدمير أو إتلاف 5300 مبنى آخر، بما في ذلك العديد من منازل نجوم السينما والمشاهير.

تحقيق في احتمال ارتباط مرافق شركة إديسون بحريق هيرست 

من جهتها، قالت شركة ساذرن كاليفورنيا إديسون، يوم الجمعة، إنّ أجهزة الإطفاء تحقق فيما إذا كان حريق اندلع بإحدى ضواحي لوس أنجليس، والذي لا يزال مشتعلاً، راجعاً إلى مشكلة في البنية التحتية للمرافق التابعة للشركة، مضيفة أنه لم يتم البت في الأمر بعد. وأضافت الشركة، وهي وحدة تابعة لشركة المرافق الأميركية إديسون إنترناشونال، في إفصاح للجهات التنظيمية، أنه جرى اكتشاف سقوط أحد الموصلات في برج المرتبط بدائرة إيغل روك - سيلمار بجهد 220 كيلو فولت.

وتابعت "لا تعرف شركة ساذرن كاليفورنيا إديسون ما إذا كان الضرر الذي لوحظ قد حدث قبل الحريق أم بعده". وأشارت "ساذرن كاليفورنيا إديسون" إلى أنّ المعلومات الأولية تظهر أنه جرى رصد إرسال إشارات عبر الدائرة في الساعة 06:11 بتوقيت غرينتش، بينما رُصد حريق هيرست في حدود الساعة 06:10 بتوقيت غرينتش في السابع من يناير/ كانون الثاني.

وقالت إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا إنّ حريق هيرست، والذي اندلع في سيلمار بمنطقة سان فرناندو فالي الواقعة شمال غربي لوس أنجليس، أتى على ما يزيد عن 770 فداناً وجرى احتواء 77% منه حتى الآن. ولم ترد "إديسون إنترناشونال" بعد على طلب "رويترز" للتعليق أُرسل عبر موقع الشركة على الإنترنت.

وكانت "ساذرن كاليفورنيا إديسون" قد قالت، أول من أمس الخميس، إنها تلقت إخطارات من شركات تأمين لحفظ الأدلة المتعلقة بحريق إيتون الذي لا يزال مشتعلاً في لوس أنجليس، لكنها قالت إنّ أياً من أجهزة الإطفاء لم يربط بين مرافق التوصيل التابعة للشركة والحريق.

(فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس، العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة

مجتمع

ألغت جامعة جنوب كاليفورنيا خطابا كانت الطالبة المسلمة أسنا تبسُم ستلقيه في حفل التخرج خلال الشهر المقبل، وأرجعت السبب إلى مخاوف أمنية
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.
الصورة
اندلع الحريق الضخم في حي ساروجة الأثري بدمشق القديمة (فيسبوك)

سياسة

اندلع حريق ضخم، فجر اليوم الأحد، في منزل عربي وامتد لعدد من المنازل والمحال المجاورة في شارع الثورة بحي ساروجة الأثري في العاصمة السورية دمشق، وسط شكوك في كونه مدبراً نظراً لتكرر الحرائق في هذه المنطقة التي ينشط وكلاء لإيران في شراء بيوتها ومحلاتها.
المساهمون