مشروع قانون المجلس الصحي في مصر يستبعد خريجي العلوم

مشروع قانون المجلس الصحي في مصر يستبعد خريجي العلوم

20 فبراير 2022
ظروف العمل تدفع الكثير من الأطباء إلى الهجرة (أحمد حسن/ فرانس برس)
+ الخط -

يصوّت البرلمان المصري في جلساته المقررة بدءاً من اليوم الأحد وبشكل نهائي، على مشروع قانون "المجلس الصحي المصري" الذي قدمته الحكومة، وسط اتهامات للسلطتين التنفيذية والتشريعية بمخالفة أحكام الدستور، باعتبار أن القانون استبعد خريجي كليات العلوم على اختلاف تخصّصاتهم من أحكامه، فضلاً عن فرضه رسوم لمزاولة المهنة كل خمس سنوات، وزيادة رسوم الدراسات العليا في الكليات الحكومية إلى ما بين 5 آلاف (نحو 317 دولاراً) و20 ألف جنيه (نحو 1200 دولار) سنوياً، بحسب الجامعة والتخصص.
واستهدف مشروع القانون "خصخصة" الدراسات العليا لتعليم الطب في مصر، من خلال النص صراحة على منح درجة "البورد المصري" المُعادلة لدرجة الماجستير، في مقابل مصاريف سنوية حدها الأقصى 80 ألف جنيه (ما يزيد على 5 آلاف دولار)، أي أن رسوم السنة الواحدة تساوي راتب الطبيب المصري المتخرج حديثاً في عامين (في المتوسط).
ونص القانون على تبعية المجلس لرئيس الجمهورية، وأن يحل محل "الهيئة المصرية للتدريب الإلزامي للأطباء"، بذريعة تنظيم القطاع الصحي في مصر، ورفع المستوى العلمي والتطبيقي للأطباء والعاملين في مختلف التخصصات الصحية.

وتؤول إلى المجلس جميع حقوق الهيئة من أموال ثابتة ومنقولة وحسابات مصرفية. ويُنقل العاملون فيها إلى المجلس بمستوياتهم الوظيفية ذاتها، وأجورهم، وبدلاتهم، وإجازاتهم، ومزاياهم النقدية والعينية، وتعويضاتهم، ولا يؤثر ذلك على ما يستحقونه مستقبلاً من زيادة على الراتب أو مزايا، وتستمر معاملتهم بجميع الأنظمة والقواعد التي تنظم شؤونهم الوظيفية، إلى حين صدور لوائح أنظمة العاملين في المجلس.
ويتوجب على المجلس في سبيل تحقيق أهدافه، إبرام جميع التصرفات، والقيام بالأعمال اللازمة لتحقيقها، والعمل على وضع السياسات العامة التي تضمن الممارسات الصحية التي تحقق أعلى درجة لأمان المرضى، ووضع المعايير اللازمة لتطبيق المواثيق الأخلاقية المهنية لضمان الممارسة الصحية الآمنة، والعمل على مراقبتها، وذلك بالتنسيق مع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية، وإدارة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة.
ويشكل مجلس الأمناء للمجلس الصحي برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، وعضوية وزراء الدفاع والإنتاج الحربي والداخلية والمالية، والتعليم العالي والبحث العلمي، والصحة والسكان، وثلاثة من الخبراء في مجال التدريب الطبي والتأهيل الفني يختارهم رئيس المجلس لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد لمدة أُخرى مماثلة. ويجتمع المجلس بصفة دورية كل ثلاثة أشهر، أو بدعوة من رئيسه كلما دعت الحاجة لذلك.
من جهتها، أبدت الجمعية المصرية للكيمياء الطبية والبكتيريولوجيا والباثولوجيا رفضها التام لمشروع القانون، مؤكدة أنه يشوبه "العوار الدستوري"، بسبب ضم جميع الفئات الصحية للمجلس باستثناء العلميين الطبيين، من خريجي كليات العلوم بتخصصاتهم الحيوية والبيولوجية والطبية.
وانتقدت الجمعية عدم دعوتها إلى الحوار المجتمعي لمناقشة مشروع القانون، رغم تقدمها بطلب رسمي بذلك للبرلمان، بسبب وقوع الضرر على الأعضاء العلميين حال تمرير القانون من دون تمثيلهم في المجلس الصحي، معتبرة أن نصوص القانون ميزت بين أصحاب المراكز القانونية المتكافئة، في ما يخص تمثيل الفئات في المجلس.

الصورة
تعاين أحد المرضى في عياداتها (أحمد حسن/ فرانس برس)
يطلعان على الصورة الشعاعية لأحد المرضى (أحمد حسن/ فرانس برس)

أضافت أن القانون الذي سيُقره البرلمان قد أخل بمبادئ المساواة بين جميع الفئات الصحية، والحق في العمل في ما بينها، وتطوير الأداء المهني، والمشاركة في تنظيم التخصصات الصحية الأصيلة للعلميين الطبيين، بما يتعارض مع مواد الدستور 4 و8 و12 و35 و53، والتي تُلزم الدولة بتحسين أوضاع العاملين في المجال الصحي، وعدم التمييز بين المواطنين لأي سبب.
ويواجه القانون، الهادف إلى إعادة هيكلة نظام التدريب والاعتماد الخاص بالمجال الطبي، اعتراضات عدة من بعض الجمعيات العلمية، على خلفية عدم وضوح آليات التدريب، لا سيما امتحانات مزاولة المهنة التي ستتحول بموجبه إلى سلطة "حصرية" للمجلس الجديد، عوضاً عن النقابات الطبية.
واشترط مشروع القانون لمنح ترخيص مزاولة المهنة أن "يجتاز طالب الترخيص الاختبار الذي يعده المجلس الصحي، لتكون مدة الترخيص 5 سنوات قابلة للتجديد في مقابل رسوم مالية كبيرة، مع ترك تحديد ضوابط وشروط تجديد الترخيص للجهات المانحة له".
ووفقاً لإحصائيات وزارة الصحة المصرية، فإن أكثر من 62 في المائة من الأطباء المُقيدين في جداول نقابة الأطباء يعملون خارج البلاد، بالمقارنة مع 50 في المائة قبل 7 سنوات فقط، في ظل ارتفاع معدل هجرة الكفاءات الطبية من المتخرجين الجدد في مصر، من جراء تردي الأوضاع المهنية والمالية في البلاد.
وتشير سجلات النقابة العامة للأطباء إلى أن إجمالي عدد الأطباء في القطاعين العام والخاص يبلغ 212 ألفاً و853 طبيباً، منهم أكثر من 120 ألفاً يعملون بالخارج، بمعدل هجرة يقترب من 7 آلاف طبيب سنوياً. في حين يعالج طبيب واحد كل 1162 مواطناً في مصر، في مقابل معدل طبيعي يبلغ 334 مواطناً لكل طبيب، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وكانت النائبة عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أميرة صابر، قد سجلت رفضها رسمياً لمشروع القانون في مذكرة قدمتها إلى رئيس مجلس النواب حنفي جبالي، قالت فيها إن "مطالبات تعديل المادة المنظمة للتخصصات قوبلت برفض ضم العلميين من الغالبية، على الرغم من أنهم أحد أعمدة النظام الصحي في مصر والعالم". وأشارت صابر إلى غياب السياسة التحفيزية للأطباء، ووضع نصوص تتضمن أعباءً جديدة على تراخيص مزاولتهم للمهنة، في وقت تعاني فيه مصر من نزيف مستمر للكوادر البشرية، وخصوصاً الأطباء. كما أبدت اعتراضها على السرعة التي اُنجز فيها مشروع القانون، وافتقاره إلى النقاش اللازم. أضافت أن "غالبية دول العالم المتقدم تنظم نصوصها القانونية آلية عمل مجلسين منفصلين، هما المجلس الطبي، والمجلس الصحي. أما القانون المقترح فقد خلط سلطات المجلسين معاً، وأغفل الكثير مما كان يجب تنظيمه وذكره، ما يُنذر بمواجهة القانون عقبات كبيرة أثناء تطبيقه".

المساهمون